قدمت مباراة الأسود أمام تنزانيا حقيقتان، واحدة نسعد اها والثانية تملأنا قلقا ووجعا حتى لا أقول شكا.
أما الحقيقة التي تسعد المغاربة، فهي أن أسود الأطلس وهم يصلون بالعلامة الكاملة في تصفيات كأس العالم، بتحقيقهم الفوز الخامس تواليا، باتوا على بعد خطوة من نهائيات كأس العالم 2026، وما عاد هناك شك في أن الأسود ييحضرون مونديالهم الثالث تواليا.

في حين أن الحقيقة التي تؤلم وتصيب بالقلق، فهي أن الفريق الوطني، كرر أمام منتخب الطايفا، ذات المظهر السيء الذي كان عليه في مباراة النيجر، مظهر لا يتطابق أبدا مع ممكناته، ولا يتناسب مع قيمته الفنية الفردية قبل الجماعية، بل إنه يمسخ الصورة الجيدة التي كان عليها في خمس من مبارياته الست في تصفيات كأس إفريقيا للأمم، لأن الصورة التي كان عليها الأداء والتدبير التكتيكي، هي ذاتها الصورة المرتجة والمرتعشة التي كشف عنها في مباراة اللوسوطو الأولى، التي فزنا فيها بشق الأنفس، بهدف ابراهيم دياز في الوقت بدل الضائع.

كنا نظن أن التشكيل الذي اعتمده وليد الركراكي مع بداية مباراة النيجر، هو ما تسبب في ذاك الصدع الكبير والإسفاف على مستوى الأداء، إلا أن البدء أمام تنزانيا بالتشكيل الذي أنهى مباراة النيجر، بوجود الخنوس، الصيباري والزلزولي، لم يغير من أمر الرداءة التي تطبع الأداء في الشوط الأول، فإلى جانب أن الفريق الوطني، تأخر كثيرا في دخول المباراة، ولم يعتمد من البداية ضغطا مكتفا، وجدناه يطبع البناء الهجوم ببطء شديد، ووجدناه يواجه الكثير من الإختناق في البناءات الهجومية، كما افتقد للدقة والجرأة في استغلال الثلث الأخير من الملعب الذي تخندق داخله المنتخب التنزاني.

وكان غريبا أن يكرر الفريق الوطني هذا الدخول المحتشم في مباراة تنزانيا، من دون أي قدرة على إيجاد الحلول، هو الذي أدمن محاولات الإختراق من أجنحة الدفاع والهجوم التي كان عليها أن تفك كتافة الدفاع التنزاني المحدود تقنيا، وتلك إشارة واضحة على أن بالمنظومة التكتيكية خلل كبير.
ولأن الفريق الوطني متى رفع الإيقاع، ومتى وجد طريقه للمرمى، متى انفكت الذلاسيم ومتى انقشعت الغيوم، ومتى انهارت الخراسانات الدفاعية للمنتخب المنافس، تماما كما حدث في الربع ساعة الأولى من الشوط الثاني التي سينجح فيها الفريق الوطني من الكرات الثابتة، في توقيع هدفين، سيعود بعدهما لبطئه الشديد في التحضير برغم النسبة العالية من الإستحواذ والإمتلاك.

لا نستطيع أن نأخذ بحقيقة ونترك الأخرى، أن نقول بأننا فزنا وبتنا على مشارف التأهل للمونديال، وهذا هو أهم شيء، فأن نسقط من الإعتبار والنقد والتحليل الحقيقة الثانية التي سطعت تواليا أمام النيجر وبعد ذلك أمام تنزانيا، حقيقة أن يأتي الفريق الوطني بهذا الأداء المتهالك، سنكون كمن جنى على فريقنا الوطني، لأن بهكذا ترهل في المستوى الفني، لا يمكن أن نعتلي قمة الكرة الإفريقية في الكان القادم.