حيرنا فأزعجنا، العرض السيء الذي قدمه المنتخب الوطني في شوطه الأول من مباراتيه أمام النيجر ثم تنزانيا، ولا حرج إطلاقا في أن نطرح على أنفسنا، ومن خلالنا على الناخب الوطني وليد الركراكي، السؤال عن الأسباب التي جعلت العرض يكون بذلك السوء، أن يتكرر مرتين، وأن يكون وشما جديدا ينطبع على الذاكرة، فيجعلنا نفرمل السرعة المذهلة التي كانت تسير بها أحلامنا.
كلما كان العرض سيئا، حتى لو حضرت النتيجة، كلما كان هناك حديث عن عدم الإقناع، والحال أن فريقنا الوطني ما كان بحاجة لأن يجتر مجددا هذه النوبات التكتيكية التي تهز ثقته بنفسه وتنال من ثقتنا به، برغم أن كرة القدم ليست في منأى تماما عن هذه الإهتزازات، وما كان أن يصدر هذا الخوف للجماهير وهو يقف على مسافة زمنية قصيرة نسبيا من الإستحقاق الإفريقي الذي يحاصرنا جميعا بوجوب تحقيق اللقب.
لا خلاف على أن الفريق الوطني، حتى وإن اكتملت صورته التقنية، قد يأتي من وقت لآخر بمستويات لا تتناسب مع حجمه الكروي ولا تتطابق مع ممكناته الفردية، فهذا الأمر نراه مجسدا في منتخبات وأندية كبيرة يحدث لمرات أن تلعب ضد طبيعتها وعلى النقيض مما تملكه فنيا ومهاريا، لكن أن يحدث هذا مع الفريق الوطني في مباراتين متتاليتين، ومن دون وجود موانع وإكراهات، بخاصة ما يتعلق منها بطبيعة المنافس ومقاساته التكتيكية، هو ما يستوجب البحث والتدقيق.
بعد مباراة النيجر التي حقق فيها الفريق الوطني فوزا قيصريا، خرج علينا وليد ليقول، أنه لم يكن راضيا على ما شاهدناه جميعا من سوء الأداء خلال الشوط الأول من مباراة النيجر، وأنه استخلص العديد من الدروس، وقد ظننا أنه صدق نفسه وصدقنا وهو يتحدث عن دروس، عرفنا لها عنوانا، ولكن ما ظهر خلال مباراة تنزانيا، أن هذه الدروس لم يتم استيعابها بالكامل من المدرب الوطني وليد الركراكي، تدل على ذلك التغييرات التي حدثت على تشكيلة الفريق الوطني في مباراة تنزانيا، مقارنة بمباراة النيجر، والتي لم تغير من البدايات السيئة أي شيء، إذا هو خطأ منظومة لعب أكثر ما هو خطأ لاعبين.
أن تتقلص الفاعلية الهجومية بشكل مريب، فلا يصل الفريق الوطني إلى نفس مستويات النجاعة التي كان عليها في تصفيات كأس إفريقيا للأمم، وأن تكثر أخطاء التمرير، وألا نحسن الصناعة في الثلث الأخير من الملعب، وأن لا نكون فعالين في بناء الهجمات وتنويعها، وأن نتصف بالبطء الكبير في نقل الكرات، فهذا معناه أن الفريق الوطني كان خارج النص، بدليل أنه في مباراتي النيجر وتنزانيا، كلما رفع الإيقاع، كلما نجح في بلوغ مرمى المنافس.
مثل هذه المباريات التي يناقض فيها الفريق الوطني نفسه، ويكشف أحيانا عن عجز تكتيكي لإبراز تفوقه المهاري، تضعف المدرب وليد الركراكي، بل وتشجع الناس، على أن يضعوا سؤالا إستنكاريا أكثر منه إستفهامي، هل ما زال وليد هو الرجل المرحلة؟
البعض سيراه سؤالا محرما، يرمي لزعزعة الفريق الوطني وحتى التشويش عليه، ولكنني أراه سؤالا ضروريا للمرحلة، فمتى طرحه وليد على نفسه، متى شعر بمصيبة الخروج كثيرا وليس قليلا عن النص، ومتى طرحناه فيما بيننا انتبهنا إلى أن حلم التتويج بكأس إفريقيا للأمم لن يتحقق بهكذا أسلوب، وبهكذا طريقة للتعبير جماعية عن الملكات الفردية الرائعة المجتمعة داخل الفريق الوطني، ولو أنني مدرك أن ما شاهدناه أمام النيجر وتنزانيا، كان مجرد نزوة نتمنى أن تكون عابرة.