كأس إفريقيا للأمم، تاج القارة.. أهي التي تمنعت وما جعلت لنا عليها سبيلا؟
أم نحن الذين صددنا في وجهها الباب مرات ومرات؟ تلك الأميرة السمراء الملونة بألوان الطيف الإفريقي، المزروعة في أحلام الشباب الإفريقي كضفائر الذهب، يقولون أننا نخاصمها، أو بالأحرى هي من تعاقبنا على صدودنا، على انجرافنا وراء كأس العالم، على تغزلنا المعلن بالمونديال، على تعالينا عنها، وأبدا ليست تلك هي الحقيقة، أو بالأحرى ليست الحقيقة كاملة.
يخرج الفريق الوطني من الدور ثمن النهائي للنسخة الرابعة والثلاثين.. بالكاد عبر دور المجموعات، ونحن بذلك فرحون، لأن عبور الدور الأول برغم اختلاف السياق والطريقة، يتحقق للنسخة الرابعة تواليا، ليجد نفسه مبعدا من الدور ثمن النهائي بعد الخسارة من جنوب إفريقيا، وتلك لدغة ثانية تصيب أسود الأطلس من الأولاد، بعد اللدغة الأولى سنة 1998 ببوركينا فاسو، ما أبعد اليوم عن الأمس، وما أشبه اليوم بالبارحة أيضا.
منذ عاشر نسخ كأس إفريقيا للأمم، التي أعلنتنا أبطالا سنة 1976 بأثيوبيا، وكان ذاك هو حضورنا الثاني في نهائيات الكان، وقد نجحنا في صعود قمم مرتفعات أديس أبابا، لم نصل لقلب الأميرة، اقتربنا منها سنة 2004 بتونس، ومن حظنا العاثر أن النهائي الذي كان يفصلنا عنها لعبناه أمام منتخب تونس البلد المضيف، عدا ذلك، مررنا بكثير من المحطات والنسخ، وفي جميعها ضللنا الطريق وتهنا في الأحراش، فقالوا عنا ما قالوه، أن كأس إفريقيا للأمم لم تخلق لنا، أو أننا بالغنا في الإبتعاد عنها، أو أننا لا نملك القدرة على السفر في الأدغال لكي نستحق قلب الأميرة السمراء. ما كان صحيحا ذات وقت، ونحن نفرح بتأهلنا للمونديال، ولا نكترث لغياباتنا عن كأس إفريقيا للأمم، لا يوجد له أصل ولا فصل ولا حتى رائحة اليوم وحتى في الأمس القريب، لأن الفريق الوطني منذ أن كسر لعنة النهائي قبل عشرين عاما بتونس، وهو يكرر المحاولة بعد الأخرى لمعاودة الوصول ولو للمربع الذهبي، من دون أن يفلح في ذلك.
ولو نحن حصرنا البحث عن مسببات هذا الخصام المعلن والغريب بين أسود الأطلس وكأس إفريقيا للأمم، في الأربع نسخ الأخيرة، التي انتظموا خلالها في عبور الدور الأول، لوجدنا أن السياقات الزمنية وحتى المكانية قد اختلفت، إلا أن سبب الفشل واحد لا ثاني له، هو أننا لا نتسلح بما يكفي من الحصانة ضد الأخطاء الذاتية، ولا ننجح في حسم الجزئيات البسيطة التي تكون حاسمة في مباريات خروج المغلوب، لنتأكد من أن فريقنا الوطني هو من بقصي نفسه بنفسه، ولعله ذات الشيء الذي حصل مع الأسود في نسخة 2017 بالغابون والخروج من دور الربع أمام منتخب مصر، وحصل معهم بدورة مصر 2019 والخروج من الدور ربع النهائي أمام منتخب البنين، ثم عاد وحصل في نسخة الكامرون 2021، والإنسحاب أمام مصر من دور الربع، وكرروا الشيء نفسه أمام جنوب إفريقيا بالنسخة الحالية.
كيف يمكن لأسود الأطلس أن يرفعوا عنهم هذه اللعنة؟ كيف يمكنهم إنهاء هذا الخصام الطويل مع الأميرة السمراء؟ سؤال للإجابة عنه، لا تكفي الإنطباعات، فهناك حاجة لإخضاع هذه الإخفاقات المتتالية لتحليل علمي معمق، يقدم لنا الإستنتاجات ويكشف لنا الأسباب الجوهرية، ويدلنا على الطريق الصحيح لمصادرة اللعنة، وتلك هي مهمة الإدارة التقنية الوطنية.