طبعا نتحسر على أن الريمونطادا التاريخية التي توقعناها وحدسناها، لم تكتمل والجيش يقف على بعد هدف واحد من العبور للدور نصف النهائي لعصبة أبطال إفريقيا، بعد فوزه إيابا على بيراميدز بهدفين نظيفين، هو من جرَّع نفسه خسارة برباعية لهدف في مباراة الذهاب هناك بالقاهرة.
تذكرون أنني جزمت بإمكانية حدوث هذا الإنقلاب في مضمون الأداء وفي عقلية التعامل عند لاعبي الجيش بين المباراتين، وشددت على أن تعافي اللاعبين من الجروح النفسية المؤلمة التي تركتها كالندوب مباراة القاهرة، كفيل مع عودة المدرب سانطوس عن هلوساته التكتيكية التي جنت على الفريق في جولة الذهاب، بمقدورهما معا أن يضعا وصفة لتلك الريمونطادا السحرية.
وما عزز هذا الشعور بأن للجيش القدرة الكاملة على قلب ظهر المجن، برغم ما يتصف به نادي بيراميدز من صلابة وخبرة (هو مجمع للاعبين مخضرمين لعبوا في السابق للأهلي والزمالك والإسماعيلي وللوداد والجيش)، هو أن الجيش كان أبعد ما يكون عن نسخته الأصلية التي لا تسمح في العادة بارتكاب تلك الأخطاء الفادحة، التي مكنت بيراميدز ذهابا من فوز بحصة لم يكن يحلم بها.
وما كان عليه الجيش في مباراة الإياب بمكناس، فوق أنه استعادة للهوية المفقودة، واسترجاع للتوازنات المغتالة، يؤكد أن هذا الفريق كان يستحق العبور للدور نصف النهائي، لأنه خلافا لبيراميدز الذي وجد دفاع الجيش يغدق عليه بالهدايا، سجل أهدافه من بناءات هجومية متقنة، ولم يستفد أبدا في ذلك كله من هدايا منافس ما تهاون أبدا في وضع المتاريس الدفاعية، بل وما اقترف أي خطأ في تشغيل المنظومة الدفاعية بالطريقة التي أوصى بها مدربه.
طبعا، نتحسر على أن الجيش وقد دنا كثيرا من الفوز / المعجزة، لم يفلح في عبور حاجز ربع النهائي، وفي ذلك جنا هو على نفسه، بما اقترفه من جنح دفاعية وتكتيكية في مباراة القاهرة، أكثر مما جنى عليه المنافس، إلا أن ذلك لا يمكن أن يثني أنديتنا على تحويل هذه المواجهة بالذات بين الجيش وبيراميدز، إلى درس مستفاد وقاعدة معطيات، نستشف منها أن اللعب على المستوى العالي لا يمكن أن يقبل بأي خروج عن النص، أو استخفاف برافعات النجاح، أو مناقضة للطبيعة، تماما كما أن خلو المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للموسم الثاني على التوالي من النوادي المغربية (آخر ظهور للوداد في نصف النهائي كان خلال موسم 2022 ـ 2023)، يجب أن يستنفرنا جميعا لنعرض لهذا الإختفاء القسري لأنديتنا عن آخر الأدوار المؤدية للنهائي، فنعرف له أسبابا، حتى لا نعاقب على ذلك بالبقاء طويلا في الهامش.