نوهم أنفسنا ونوهم جماهير الجيش وكل من توسم خيرا في سفير كرة القدم المغربية المتبقي في عصبة أبطال إفريقيا، إن نحن جنحنا تحت تأثير الصدمة، للبحث عن مبررات لخسارة العساكر أمام بيراميدز المصري برباعية لهدف، في ذهاب الدور ربع النهائي، والحقيقة الماثلة أمامنا، تقول أن الجيش كان أبعد ما يكون مستوى وتحضيرا وتركيزا، عن موعد مثل له ولنا أهمية كبيرة بل ولحظة تاريخية.
ما شاهدناه من الجيش في هذه المباراة، لم يرعبنا نحن فقط، ولكنه هال الجميع وأصابهم بالذهول، بل إن نادي بيراميدز نفسه، لم يصدق أن يكون دفاع الجيش بتلك الهشاشة، فيسمح بأخطاء بدائية وكارثية، أن تخترق دفاعاته، وتعانق الكرة مرمى الحمياني في أربع مناسبات، لتصبح مهمة الوصول للمربع الذهبي غاية في التعقيد، لطالما أن الفوز هنا بالملعب الشرفي بمكناس بثلاثية نظيفة، وإن لم يكن مستحيلا، فهو غاية في الصعوبة، فإن لملم الجيش جراحه وتجرأ على نفسه، لم نتصور أن يكون بيراميدز الثلاثاء القادم بالسذاجة التي تفوت عليه فرصة الوصول للمربع الذهبي.
لا أذكر عدد المرات التي نبهنا فيها إلى أهمية التحضير الذهني، بخاصة إن تعلق الأمر بمباريات تجلب كما هائلا من الضغط النفسي، فمن دون هذا التحضير الذهني القوي، تفتضح جوانب القصور في الإختيارات البشرية، والمستويات المتدنية التي يبلغها التدبير التكتيكي للمباريات، والحال أن ما كشف عنه الشوط الأول من مباراة بيراميدز والجيش، حالة غريبة من التفسخ الذهني، الذي قاد مدافعي الجيش كرها، لارتكاب حماقات غير مقبولة في مستويات متقدمة من منافسة قارية كهاته، نتج عنها استقبال الجيش في هذا الشوط لثلاثة أهداف، بطريقة كاربونية، لا أستطيع أن أنكر معها مهارات لاعبي بيراميدز، ولكن أبدا ما كنا نتخيل سيناريوها بتلك الكارثية، أن يكون دفاع الجيش بذلك السوء، فتكثر هداياه.
وما كان وقعه خطيرا على لاعبي الجيش، أن الإنكسار النفسي الذي ورث تلك الأهداف الثلاثة، فرمل قدرات العساكر، فلم نشهد لهم أي ردة فعل قوية، باستثناء، المجهود الفردي الجميل لعبد الفتاح حدراف، الذي وقع هدفا به ذلل الفارق، لكنه لم يوقظ الجيش فعلا من غيبوبته، خلال الشوط الثاني، على العكس من ذلك تماما سيرتكب خطأ دفاعي آخر منه وقع بيراميدز رابع الأهداف.
إن مسؤولية هذا الإنهيار المعلن، يتقاسمه المدرب البرتغالي سانطوس مع لاعبيه، فإن لم يقده حدسه وفراسته، وقد قرأ جيدا المنافس بيراميدز، وما يتمتع به من مهارات، لإدراك ما تمثله الثنائية الدفاعية المشكلة من العربي الناجي والصوابي، من خطورة ومجازفة بخاصة في بناء العمق الدفاعي ومحاصرة المنطقة، وإن لم تكن له جرأة على تصحيح الإختلالات، فإن اللاعبين يشاركونه مسؤولية ذاك التخبط التكتيكي، بسبب أنهم لم يحضروا لمباراتهم بالشكل الذي يحول بينهم وبين ارتكاب كل تلك الحماقات.
والآن، وقد وقعت الفأس في الرأس، ما العمل؟
كيف يمكن للجيش أن يقوم سريعا من عثرته؟ وما السبيل لكي يتعافى اللاعبون من آثار الهزيمة، ومباراة الإياب توجد على مرمى حجر؟ وهل نتأمل خيرا في المدرب سانطوس لكي يصلح في مكناس ما أفسده بالقاهرة؟
كلها أسئلة وجع تطرح على لاعبي ومدرب الجيش، لعلهم يجدون لها جوابا عمليا وشافيا، يمنحنا أملا في مباراة الإياب لرؤية ريمونتادا عسكرية، فما اعترفت كرة القدم يوما بالمستحيل، كما أن المستحيل لم يكن يوما في عرف الجيش الملكي، لكن بشرط أن نرى بمكناس جيشا جريئا وجسورا ومقداما لا يتهيب من ركوب التحديات.