بين كل الأوراش التي تشغل مساحة كبيرة من تفكير فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، غير البطولة الإحترافية التي تعيش اليوم قهرا تحت الحجر، وهي تنتظر من الحكومة قرارا يخرجها من قلق الإنتظار والخوف من المجهول، هناك بالطبع ورش الإدارة التقنية الوطنية، الذي تلزمنا الأشهر الكثيرة التي قضاها الويلزي روبيرت أوسيان على رأس المؤسسة، بطرح السؤال عن الذي أنجز في هذا الورش وما لم ينجز؟ عن الذي بني على تراكمات سابقة، وعن الذي جرى تصحيحه من إختلالات كشف عنها مكتب الدراسات الذي اعتمد من قبل لتقييم حصيلة السنوات الخمس التي قضاها ناصر لارغيط مديرا تقنيا وطنيا؟
أعتقد أن ما بين أيدينا من معطيات ومن مؤشرات، يجعلنا نتشاءم من المحصلات ولو في شكلها المؤقت، ولا نتفاءل من أن هذه المؤسسة التي أدرجت في خانة الأوراش الكبرى للجامعة ورصدت لها موازنات مالية ضخمة، ستتطابق مع الإنتظارات وستمكن كرة القدم من سياسة تقنية ترتقي بها إفريقيا وعالميا إلى مستويات عالية.
لم تقنعني أبدا المخططات التي وضعها الويلزي أوسيان بعد أسابيع قضاها في التأمل والإفتحاص، ولم تقنعني أيضا المقاربات التي اشتغل عليها، فقد لا أكون مشككا في رصيد الرجل ولا في أهليته وسيرته الذاتية، ولكنني من منطلق ما هو عيني ومعبر عنه في الواقع، أشك في أن يكون هذا الأوسيان روبيرت هو الرجل المبحوث عنه لإنجاح ورش الإدارة التقنية الوطنية بكل المهام الإستراتيجية الموضوعة على عاتقها، فلكرة القدم المغربية خصوصية لا يفهمها إلا أهلها، ولكرة القدم المغربية طبائع وتقاليد لا يعلم بها إلا أهل الدار، فإن جزمنا بحاجتنا الماسة إلى التجربة الأجنبية في مأسسة الإدارة التقنية، فإن صلاحيتها لا تتجاوز أن تختار لنا طريقا نسلكه وهيكلا قويا عليه نقيم هذه الإدارة التقنية، بمعنى أن الإستفادة المؤملة من السيد أوسيان روبيرت هي أن يقول لنا كيف نبني إدارتنا التقنية على أساس متين، لا أن يقول لنا أي كرة قدم يمكن أن نلعب وهو الذي لم يخبر لا تقاليدنا الكروية ولا أسرار الأحراش الإفريقية التي فيها نتبارى لنصل إلى العالمية..
بشكل بديء خضع مدربون مغاربة كبار من ذوي الخبرة الطويلة وممن إستهواهم العمل في الإدارة التقنية الوطنية، ل«كاستينغات» مخجلة إنتهت ويا للغرابة برسوبهم وبحصولهم على علامات ضعيفة تصيب بالصدمة، وبدلا عنهم جاءا السيد أوسيان بأطر تقنية وطنية وأجنبية توافقت مع تفكيره وهواه، ولكن ستثبت التجربة أنهم أبعد ما يكونون عن تربة وحقائق كرة القدم الوطنية، ورويدا رويدا سيتأكد لرئيس الجامعة أن المدير التقني الوطني الذي انتظرنا أن يعطينا طوق الأمان في تقويم ما أعوج في بناء الإدارة التقنية الوطنية، خرج بنا عن جادة الطريق تحت التحريض أو تحت التوهيم ممن إئتمنهم على الإختيارات، لا يهم، لأن المحصلة الصادمة هي أن الويلزي سيرفض أطرا تقنية وازنة كان فوزي لقجع وكل المغاربة يتوقعون أن تكون لهم مقاعد في غرفة القيادة.
وما يقيم الدليل على أن رئيس الجامعة يئس من قدرة الويلزي أوسيان روبيرت على قيادة المركب التقني وانزعج من الجبهات الصدامية التي فتحها من حيث يدري أو لا يدري مع ناخبين وطنيين سابقين، ومع بعض رؤساء العصب الذين ما تشبثوا بمدرائهم التقنيين، قبل أن يرميهم المدير التقني الوطني خارجا، إلا لكفاءتهم ولمنجزهم، هو أنه عمد إلا ما يمكن تسميته بالهجوم الخاطف الذي يستحيل معه الركون إلى الدفاع بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر إهدار الطاقات والوقت، عمد إلى الرد بطريقته بإعمال صلاحياته الكاملة في تمكين كرة القدم الوطنية من خبراتها، فقد أناط بأربعة أطر تقنية (الزاكي بادو، رشيد الطوسي، جمال فتحي وجمال لحرش) مسؤوليات دقيقة وعلى درجة كبيرة من الأهمية ووجهها ليشتغلوا بمنأى عن المدير التقني الوطني ويكونون في اشتغالهم على المديريات المحصورة لهم على تواصل معه، وفي ذلك تحجيم للمدير التقني الوطني وتقليص من صلاحياته، ولربما تحريضه على إشهار استقالته، إن هو شعر فعلا على أن رئيس الجامعة يمرر قرارات ذات طبيعة تقنية بمحاذاة أنفه..
مؤسف أن يكون هذا هو قدرنا مع مؤسسة لها قيمتها الكبرى في بناء كرة القدم المغربية، فأن يكون لنا مركز تقني يشع بضوئه في القارة كمنارة جميلة، ويكون القائد لهذا المركز بحكم وظيفته كمدير تقني، رجلا خارج التغطية، فهذا ما يجعل المصيبة تعظم ولا تهون..