سأقف هنا عند حد السخرية العالمية من الطريقة التي تعامل بها المسؤولون الذين فوضوا لعمال النظافة لتجفيف أرضية مركب الأمير مولاي عبد الله بوسائل تقليدية تستعمل فقط في المنازل والمرافق العامة، وما حز في قلبي إلى حد الإمتعاض هو الطريقة التي أمر بها العمال في عملية التجفيف وبأقلية الرجال خلال محنة أمطار لم تهدأ وبحاجة إلى إيقاف المباراة، بل كنت سأكون سعيدا لو توقف الأمر عند هطول الأمطار والبرك المائية دون الخدش في الصورة المأساوية لرجال لم ينظفوا عقولهم أصلا بإعطاء الأوامر لعمال مغلوب على أمرهم من أجل إذلالهم رغم أنهم يشتغلون من أجل قوتهم.. طبعا في تلك الظرفية بالذات وأمام أمر الواقع الذي يفضي إلى محاسبة من تجمع في توافق واحد، ألم يكن من الأجدر قراءة التوقعات المطرية من خلال خبراء من أعطى «الكراطة والسطل والمناشف» أو متابعة النشرات الجوية الإنذارية من أجل تعبئة الأشكال المعيقة بوسائل تكنولوجية حديثة في التجفيف حتى ولو كانت المرارة أشد عندما تأكد من أن الرقعة بها أوحال من رمال وضعت مسبقا وبتستر عن مصيبة فساد الرقعة الخضراء؟ ألم يفكر العقلاء والدارسون لملف المتابعة في إيجاد حلول سريعة لرقعة الميدان التي قالت عنها الشركة الإسبانية التي وضعت العشب الجيد من أنها لا تتحمل المسؤولية على الإطلاق بقدر ما تتحمل الشركة المغربية مسؤوليتها الكاملة في مسألة اختصاصها لتصريف المياه، ألم يكن من الأجدر نقل المباريات إلى ملعب آخر لتفادي الذل والإهانة التي شوهت صورة المغرب قبل انطلاق المونديال إلى كل من يتحمل المسؤولية في ذلك بداية من الإتحاد الدولي ووزارة الشباب والرياضة والشركة التي فوض لها تدبير المركب وغيرهم من شركاء الفضيحة العامة لمركب أنفقت فيه سيولة مالية كبيرة ولو أن المركب كان أصلا تحفة في بهجة مدرجاته لكنه قتل هذه البهجة برقعة خبيثة يحاسب عليها الجميع بالصورة التي تكتم فيها من كان يعرف بحقيقة المصيبة التي ركبت فوقها صورة مصيبة التجفيف البدائية؟
ألم يعرف جميع المتدخلين في التنظيم أن ما حدث ما بعد كارثة البرك المائية، هو أكبر الزلات التي لا يقبلها العقل والمنطق لدولة ليس لديها إلا «الكراطة والمناشف ودلو الصباغة التي شهر بإسمها في أكبر الزلات المضافة إلى ذلك» مع أن استباق ما سيحصل غير مقروء على الإطلاق وربما كان يرى الساهرون على أن الأمطار لن تنزل، وستمر الأمور بسلام، لكن أمرهم إفتضح في غياب قوة الوسيلة التكنولوجية لإيقاف الأمطار، وحتى لو توفرت الوسائل، سيكون الأمر فضيعا وأفظع لو تجففت الأرضية من خلال كثرة الأوحال التي تتركها الرمال الموضوعة تحت العشب؟ المشكلة هي أن تحفة المركب قتلها رجال غير مسؤولين  ولا يتصورون كيف سيحللون واقع لو أنفقوا أموالا لأعراس فلذات أكبادهم وهيأوا كل الأمور اللوجيستيكية ووجدوا بعدها أن الحلويات والعشاء فاسد، وهو ذات التصور الذي أفسد عرس المغرب العالمي بالأشكال التي صرف فيها غلاف مالي ضخم في تحديث مركب أميري وليس مركب عادي، والمشكلة ليس في إقالة هذا وذاك ومسح المسؤولية في أشخاص بعينهم، ولكن في مسؤولية الوزارة بعينها التي حتى وإن كانت تتابع التقارير، كان عليها أن تتحرى الواقع المستور حتى لا تسقط في النعث والمنعوث وبطرق أخرى توجب الثقة في اختصاصيين آخرين في مجال السيطرة على رقع الميدان التي نعرف مليا أن أغلفتها المادية كبيرة وبأجيال معروفة وبمهندسين من المستوى العالي في قنوات الري وتصريف المياه. لكن بعد فوات الأوان، عمتنا مصيبة نهاية العام آملين أن يكون أثر مونديال الأندية في ملعب مراكش صورة البلسم الذي يؤطر رجالا أقدر على صنع المعجزات التي تغطي أخطاء العابثين بالمسؤولية، ونتمنى أن تكون مراكش قبلة لتغيير وضع صورة المغرب لمسح الأمطار بصناعة الحدث من جديد يؤكد للعالم أن المغرب قادر على كل التحديات وجمهور المغرب مؤمن بخدمة بلده والمحاسبة تأتي بعد الخسائر، لكن بعد انتصار الحقيقة الشاملة بمراكش قبلة كل العالم، ونعرف جيدا أن القائمين على إحلال المشاكل لا ينامون في سبيل مرور سرعة الحدث بالصورة المثلى التي تغطي سحابة من دنس البداية السيئة للمونديال.