تابعت طيلة السبت المنصرم تفاعل الإعلام الجزائري المكتوب وحتى المرئي مع خبر أوردوه بصيغة اليقين والجزم، أكدوا من خلاله نجاحهم في حيازة موافقة هيرفي رونار لتدريب منتخب الثعالب أو محاربي الصحراء.
هذه الروايات استمدت قوتها بنسبها لأشخاص بعينهم من خلال الحديث عن لقاء متكرر لعلي حداد وهو رجل أعمال جزائري والرئيس السابق لاتحاد الجزائر الذي سبق لرونار تدريبه، وتوسط له ليلتقي لاحقا خير الدين زطشي رئيس الإتحادية الجزائرية وهو ما تم بالفعل بروسيا وبعدها بداكار.
ولن يقف الأمر عند هذا الحد، إذ روج الإعلام الشقيق إلى أن زطشي وجامعته على استعداد لتحمل الشرط الجزائي لانفصال رونار عن المنتخب المغربي إن وجد أصلا هذا الشرط في غياب توضيحات رسمية.
صحيح أن رونار وقبل السفر للسينغال بعد عودته من روسيا حاور زملاء هنا وأكد لهم أنه يرفض أن يتحدث أحد بلسانه ويعالج مستقبله بالنيابة عنه، كما قال أن له عقدا مع الجامعة ما يزال ساري المفعول، كما اكتفى ببعض الخربشات التويتيرية والتي لم تكن كافية لتلغي الشك باليقين، إلا أنه في هذه الحالة كان بالإمكان أفضل مما كان.
يدرك رونار وهو الذي تعايش معنا لفترة فاقت سنتين أن تناسل مثل هذه الأخبار يثير الفوضى والفتنة، وخير علاج كان بالإمكان القيام به هو أنه لما عاد يلتقي برئيس الجامعة ويعرض حصيلته الرقمية المونديالية ويخرج الإثنان معا ببلاغ رسمي يوصد الباب في وجه الأشقاء بمصر ومعهم الآخرون بالجزائر وهو ما لم يقم به.
رونار لم يقم بهذا، لأنه وسوابقه تشهد على هذا ولنا أن نذكر ما حدث بعد العودة من الغابون والترويج لعروض صينية وأخرى فرنسية، بل تم الترويج يومها لتدريبه منتخب الجزائر قبل أن نضطر للإتصال بمحمد راوراوة شخصيا وينفي لنا المسألة جملة وتفصيلا ويؤكد لنا بالحرف أنه ما فكر ولن يفكر يوما في رونار.
متعة رونار هو أن مثل هذا الرواج يخدم صورته وإسمه ويرفع من أسهمه، ولو بإلحاق الضرر بالمنتخب الوطني.
إستهتار وتأخر رونار على مستوى الحسم الرسمي أفضى لنتائج كارثية منها إقبال عدد من لاعبي الفريق الوطني على مناقشة عروض خليجية والموافقة عليها، كونهم يرمقون حالة الغموض المسيطرة على العارضة التقنية للأسود بخلاف الفترة السابقة التي ما كان لاعب يخطو فيها خطوة لتوقيع عقد احترافي إلا بعد الإستشارة مع رونار.
قد يكون ما يتم الترويج له جزائريا مجرد لغط، ومجرد استيهامات لا أقل ولا أكثر، لكن الأمر ما عاد يتحمل كل هذه السلبية على مستوى إبداء ردة الفعل لأن تبعات هذا لا تخدم مصلحة ولا مستقبل الفريق الوطني.
على رونار أن يتحلى بخصلة الوفاء والإمتنان، الوفاء للعقد الساري المفعول لفترة إضافية والإمتنان للجمهور الذي احتضنه ودعمه ولجامعة ما ادخرت جهدا لمساعدته كي يحقق حلمه المونديالي الذي استحال عليه بلوغه في محطات سابقة.
مقربون من رونار أكدوا أنه من النوع الذي يجد صعوبات كبيرة في مجاراة القمة التي يبلغها، ودائما ما يفضل أن ينطلق من السفح باستحضار خروجه من زامبيا وكوت ديفوار وكلاهما كان سيد إفريقيا.
رونار قد يسعى لاستنساخ تجربته مع الأسود ليسبغها على المنتخب الجزائري، لتشابه الأوضاع والكثير من المعطيات، لكنه مطالب قبل أن يسعى خلف طموحه أن يكون أكثر وضوحا في مواقفه.