ما كنا نظنها كرة ثلج، تلك التي رمت بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، وهي تعلن رسميا فطامها، وتحملها المسؤولية كاملة في تدبير المرفق الإحترافي لكرة القدم، بعد أن استنفذت كل الزمن المتاح لتنضج ويقوى عودها.
كرة الثلج تلك أُطلِقت كجلمود الصخر من ربوة عالية، فأحدثت رجة عنيفة في المشهد الكروي، بل إنها وهي تتدحرج بسرعة كبرت وانتفخت حتى سدت كما يقولون عين الشمس، لأن ما سيتداعى بعد ذلك جبال من المعضلات والصعاب والأزمات.
ولعل السياقات التي حاصرت عقد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، تبرز التناقض الكبير والسافر بين المشهدين، مشهد بهيج لجامعة تحتفي بإنجازات منتخباتها الوطنية ذكورا وإناثا في أرفع التظاهرات الكروية، كأس العالم، وتباهي القوم والجيران بحظوتها وإنجازاتها، وهي تتشرف بتنظيم مونديال 2030 وقبله كأس إفريقيا للأمم 2025، ومشهد سمج لعصبة إحترافية تعقد جمعها العام في ظل العديد من الشروخ، ملاعب مغلقة وأندية تحادي الإفلاس، نزاعات تسقط كالمطر على الرؤوس وإضرابات تشل الأندية، ومدربون يحضرون لاعبيهم في مقصورات القطارات.
ما كان لنا أن نحاسب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الزمن القصير جدا الذي تطلبه عقد جمع عام بارك الإنجازات والخطوات، وقال فيها فوزي لقجع رئيس الجامعة كل شيء، وهو الذي لا يعدم بل لا يفوت مناسبة، ليجهر بالقول والعمل، ولكن كان لزاما أن نحاسب العصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، على ما أنفقته من وقت يسير في قراءة مشهد إحترافي يختنق بالأدخنة، وفي تشريح وضع متأزم، والدليل أن ما أنتجه التداول بين رؤساء الأندية المحسوبة على الإحتراف، حزمة إقتراحات ولا واحد منها عالج ما أسلفت من أعطاب ومعطلات.
هل إبتلع رؤساء الأندية المعنيون بأزمات قلة ذات اليد والتنقل بين الملاعب ومطارق الغرامات الناجمة عن النزاعات ألسنتهم؟
ألم يكن حريا بهم وهم يركبون قطار الإحتراف أن يحددوا مكامن الخلل الذي أفضى لخروج هذا القطار عن سكته؟
كنت أتمنى أن يكون الجمع العام للعصبة الإحترافية مناسبة، والمناسبة شرط كما يقول الفقهاء، لكي يتطارح رؤساء الأندية في شبه تناظر الإشكالات والأزمات التي تواجههم، حتى لو تطلب منهم ذلك يوما كاملا من العمل التقييمي الممنهج، ليخرجوا من جمعهم ذاك بما يغيث المشروع الإحترافي، بما يعيد القطار لسكته، وبما يساعد على تجاوز المعضلات وما أكثرها.
المؤسف أن هؤلاء حضروا الجمع العام، استمعوا لكل التقارير وصادقوا عليها، حرروا جماعيا وثيقة لمخرجات خفيفة جدا، وغادروا مركب محمد السادس لكرة القدم، ليصبحوا في اليوم الموالي على ذات الهوس وذات المشاكل التي أمسوا عليها، التي كان عليهم بالأمس أن يطرحوها ليوجدوا لها حلولا، لكنهم عاملوها كالأشياء التي تُقْضى بتركها، والحقيقة أنهم ما تركوها لأنها كالأفعى التي تسكن الجحور..