هل أدلكم على شيء تزدادون به اقتناعا، أن كرتنا الوطنية ما زالت تواجه الكثير من الموانع قبل أن تصل لأفضل ممارسة إحترافية؟
بالقطع، لن أستدل على ذلك بما تعانيه الأندية من أجل التطابق مع كناش التحملات، ولا بوجود كثير منها تحت الحظر، بسبب التراكم الرهيب للعقوبات المفروضة عليها من الفيفا ومن لجنة النزاعات داخل الجامعة، وبسببها تشنق الأندية بعقوبة الغرامات، ولا بعدم قدرتها على تفعيل شركاتها الرياضية تطبيقا لأحكام المشرع، ولكن بما استمعت إليه عند نهاية مباراة الفتح الرياضي واتحاد طنجة عن الدورة 11 للبطولة الإحترافية، من مدرب فارس البوغاز عمر نجحي، وهو يقول بأن التعادل الذي حققه اتحاد طنجة بالعاصمة الرباط أمام الفتح، جرى التخطيط له في القطار فائق السرعة الذي نقل الفريق من طنجة.
يبدو الأمر غريبا، ليس لأن نجحي خطط للنقطة المتحصل عليها أمام الفتح بمقصورة القطار السريع، ولكن لأن الرجل لم يتمكن فعليا من الإجتماع بلاعبيه، إلا وهم على متن القطار.

وأين كان لاعبو اتحاد طنجة قبل أن يستقلوا القطار السريع ليوصلهم إلى الرباط؟
كانوا منخرطين في إضرابات موصولة ببعضها، إحتجاجا على التسويفات التي ملوا منها بخصوص مستحقاتهم المالية المعلقة، فقد كانوا في كل مرة يقطعون الإضراب ليعودوا للتداريب، لمجرد أن يأتيهم مسؤول ليقدم لهم وعدا بسداد متأخرات المنح والأجور، إلا أنهم أمعنوا هذه المرة في إضرابهم، حتى أن لا أحد كان يعلم ما إذا كان لاعبو اتحاد طنجة سيعلقون إضرابهم للتوجه إلى الرباط لملاقاة الفتح الرياضي، في يوم المباراة تحديدا.
في النهاية اقتنع اللاعبون بضرورة السفر نحو الرباط، وعلى متن القطار إلتقوا بمدربهم نجحي واستمعوا في المقصورة لتفاصيل الخطة التكتيكية التي وضعها للمباراة، ومن دون حاجة لأي حصة تدريبية للتمرن على النهج التكتيكي، نجح لاعبو اتحاد طنجة في انتزاع نقطة التعادل من الفتح، وقد كان بإمكانهم مباغتة فريق العاصمة في الوقت الحرج من زمن المباراة.

طبعا، لن أسائل لاعبي الفتح عن عجزهم بدنيا وتكتيكيا ونفسيا على الإجهاز على فريق أضرب لاعبوه لأيام عن التداريب، فتلك مهمة موكولة بكل أوجاعها لمدربهم جمال السلامي، لكنني أسأل عن السلوك الإحترافي في هذا الذي حدث ويحدث في مشهدنا الكروي، كيف نسمح به؟ وإلى متى سنسمح به؟
أندية تتعرض بسبب شغب جماهيرها وإغلاق ملاعبها للترحيل القسري، لتكون تحت رحمة من هم مسؤولون عن تلك الملاعب، أندية يضرب الويكلو خزاناتها، أندية تواجه إضراب اللاعبين بسبب عدم الوفاء بالتعهدات المالية، وأندية يرفع في وجهها مجددا قرار المنع من دخول الميركاطو الشتوي.
لا أتصور، ونحن بلد مستضيف بعد سبع سنوات من الآن لكأس العالم، يمكن أن نسمح باجترار مثل هذه المشاهد البئيسة.
هناك إذا حاجة لتحرك عاجل من قبل العصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، لإغاثة مشروع إحترافي يختنق من فرط الأدخنة الفاسدة، ومعالجة ما ظهر حتى الآن من اختلالات، لأن ترك دار لقمان على حالها لن يزيد الوضع إلا بؤسا وكارثية.