شدتنا إليها مباراة الأسود أمام تماسيح لوسوطو، وهي تختتم مشوارا مضغوطا للتصفيات، لم تكن أبدا مبارياته الست نزهات مفتوحة، وتختتم أيضا عاما إنتهى بشكل مختلف تماما عن بداياته، فما كان وجعا والفريق الوطني يخرج صاغرا من نسخة "كان كوت ديفوار" بخسارة محزنة أمام جنوب إفريقيا في دور الثمن، تجاوزه الأسود وهم يصعدون السلالم للوصول إلى أفضل شكل ممكن للأداء، قبل أن تأتيهم السنة القادمة برهانات كبيرة وتحديات صعبة.
كانت إذا مباراة لوسوطو خاتمة المسار التصفوي، ولعلها دلتنا على أن الفريق الوطني تطور بشكل لافت على مستوى بناء النواة الصلبة ليس فقط بأساسييها ولكن أيضا ببدلائها، وعلى مستوى تقوية المبنى الهجومي لشاكلة اللعب، وقد اشتكينا في السابق من هواجس هجومية كثيرة.
كان الفوز على تماسيح لوسوطو بالسباعية، وهي أعرض حصة يفوز بها الفريق الوطني في العقدين الأخيرين، صورة من المسار التصفوي النموذجي الذي سلكه الأسود في مجموعتهم، وهم يحققون دونا عن كل المنتخبات المتصدرة لمجموعاتها العلامة الكاملة، بل وينفردون بنسبة التهديف العالية الني رافقت مبارياتهم الست (26 هدفا في 6 مباريات).
ومن دون عقد المقارنات ولا حتى تفييء لمنتخبات مجموعتنا، فإن الفريق الوطني خدم نفسه بشكل كبير في هذا المسار التصفوي، وكانت المباريات الست مرآة عاكسة للتطور الكبير الذي حدث على مستوى الشخصية، وللخروج النهائي من الجلباب الإفريقي، وللخصوبة الهجومية التي تدل عليها كثرة وتنوع الحلول، ولعل آخر تلك الحلول، أن الفريق الوطني بدأ يستثمر على نحو جيد جدا الكرات الثابتة، بدليل أنه وقع منها خمسة أهداف في مرمى الغابون ولوسوطو.
وإذا كانت المنتخبات الثلاثة التي قابلناها في هذه التصفيات "الشكلية" ضعيفة بحسب من لا يعجبهم العجب في رجب، فإن الفريق الوطني أبرز الفوارق حتى لا أقول الضعف مع كل منافسيه، وهو يسجل 9 أهداف في مرمى الغابون، ومثلها في مرمى إفريقيا الوسطى و8 أهداف في مرمى لوسوطو، وما استطاع أن يفعل ذلك في ست مباريات توالت بشكل سريع، إلا لأنه استثمر جيدا هامش التطور الممنوح له، بخاصة عندما توضحت اختيارات المدرب الوطني وليد الركراكي وفرض معيار الجاهزية نفسه لحسم الإختيارات.
أرسل الفريق الوطني إذا إشارات مطمئنة، وأكد بالأداء والنتائج وقوة الأرقام أنه آخذ في تجهيز نفسه، ليُعلن في القريب بطلا للقارة الإفريقية.
إضافة تعليق جديد