ما الذي استجد في مشهد الفريق الوطني، حتى يصبح مستقبل ومصير الناخب الوطني وليد الركراكي موضوع سؤال يحضر كثيرا في بلاطوهات التحليل ومواقع التواصل الإجتماعي؟
ما الذي حدث في آخر خرجة للفريق الوطني حتى تتحول المنتديات إلى منصات للترافع على أحقية وليد بمواصلة الإشراف على العارضة التقنية لأسود الأطلس، من عدمها؟
هناك من يريد أن نأخذ بالهشاشة وحتى السوء الذي كان عليه أداء الفريق الوطني في مباراتي النيجر وتنزانيا، لنجزم بأن الإبقاء على وليد ناخبا وطنيا هو مضيعة للوقت، وهناك من يرى أنه من التجني فعلا أن نطرح مجرد الطرح، مستقبل وليد مع الأسود على النقاش والتداول، بسبب أن الأداء لا يعجب، وبسبب أن الإقناع لم يتحقق في آخر مباراتين.
ما بين نوبات القلق التي تفتح المسالك للشك فيستوطن عرين أسود الأطلس، وبين حملات التشويش المدسوسة وبين اليقين الكامل من أن وليد الركراكي ما زال رجل المرحلة، نقف لنقول كلمتنا.
• لسوء الأداء مبررات ومسببات
بالطبع ليست جعجعة طحين، أن يتحدث البعض عن مدى أهلية وليد الركراكي لقيادة الفريق الوطني لتحقيق حلم المغاربة، بالفوز بكأس إفريقيا للأمم في نسختها الخامسة والثلاثين التي تقام بالمملكة الشريفة، ولا هي ثرثرة زائدة أن يتم استباق الإستحقاق القاري، بنشر دوائر الشك في قدرة وليد على كسب الرهان الأكبر، فما شاهدناه في مباراتي النيجر وتنزانيا من سوء أداء، بغض النظر عن مسبباته، نشر القلق، وهناك حاجة لتصريف هذا القلق بحيث لا يجعلنا ندمن الشك في قدرة فريقنا الوطني على تحقيق حلم الشعب بالفوز بلقب الكان، ولنا في الأرقام والمعطيات ما يقول بأن هناك الكثير من التهويل.
نتفق على أن الأسود حققوا فوزين قيصريين أمام النيجر وتنزانيا، وأظهروا تراجعا في الأداء الجماعي، إن على مستوى التحولات أو صناعة الفرص، ولكن من قال أن هذه الصورة التي قدمها الفريق الوطني، هي من أصله، لطالما أن هذا الفريق في ظروف وسياقات أخرى، قدم الدليل على نجاعته التهديفية، وهو ينهي تصفيات كأس إفريقيا للأمم موقعا 26 هدفا في 6 مباريات.
لقد دللنا في كل تحليلاتنا، أن الإحتباس الذي حدث، وشاهدنا منه صورة في مباريات سابقة أمام موريتانيا، الرأس الأخضر وحتى اللوسوطو ذهابا، يجد تفسيره أولا في غياب التوفيق وثانيا في محدودية التنشيط الهجومي وثالثا وهذا هو الأهم في ابتعاد العناصر النافذة في التشكيلة وحتى في منظومة اللعب، عن مستواها الذي عرفناه عنها، وكأبسط مثال على ذلك الوجه الشاحب الذي كان عليه عز الدين أوناحي وإلياس بنصغير ويوسف النصيري.
• لماذا أقاموا الدنيا على وليد؟
ومع احترامي لذكاء الجماهير المغربية التي تستطيع أن تحدس ما يمكن أن يحدث خلال كأس إفريقيا للأمم، إلا أن الجزم بأن وليد الركراكي لم يصبح رجل المرحلة، فقط بسبب هذه الهشاشة التي ظهر عليها الأداء الجماعي في آخر مباراتين، أمر فيه الكثير من المبالغة، حتى لا أقول أنه يضرب في الصميم منطق الأرقام.
وأرقام وليد التي بها تتحقق الغايات والمقاصد والأهداف، تقول أنه فوق كل الشبهات، مجرد الإشتباه في أحقيته بالإستمرار على رأس العارضة التقنية للفريق الوطني، وغير ذلك سيصبح تنذرا.
وليد يضع الفريق الوطني على رأس مجموعته بالعلامة الكاملة، بخمسة انتصارات من خمس مباريات، وبسجل تهديفي جيد، يصل في معدله إلى 3 أهداف في المباراة الواحدة.
ووليد بات على بعد خطوة صغيرة من تأهيل الفريق الوطني لنهائيات كأس العالم، وسيكون في ذلك ثاني مدرب مغربي يحقق هذا الإنجاز بعد المرحوم عبد الله بليندة.
ووليد أيضا هو الناخب الوطني الوحيد الذي نجح في تحقيق الفوز في 10مباريات تواليا، والرقم مرشح للإرتفاع، فماذا نريد أكثر من هذا؟
نريد كرة قدم جميلة، نريد أداءا مقنعا، وغير الفوز، نريد ما يملأنا يقينا بأن منتخبنا رابع كأس العالم، قادر على أن يصبح فعليا المنتخب الأقوى إفريقيا بالفوز باللقب الذي ما تحصل عليه على مر التاريخ سوى مرة واحدة قبل نصف قرن، هذا ما يتردد في بلاطوهات التحليل وعلى منصات التواصل الإجتماعي، وكما يمكن أن نتفق على أن أي فريق لا يمكن أن يفوز دائما من دون إقناع، فإننا سنختلف حتما، بل إن الخبراء الضالعين في إطلاق منظومات لعب جديدة، يختلفون في تعريفهم للكرة الجميلة، فإن كان الأداء حقيقة نسبية، فإن النتيجة هي الحقيقة المطلقة، ولو ترافع وليد الركراكي ومعه من يثقون بأهليته وبأنه رجل المرحلة، فإنهم سيترافعون بحجة أن الأرقام هي التي تبلغ للغايات وتحقق الأهداف.
• هل نقيله لهذه الأسباب؟
ولابد أن يضع أي منا نفسه، مكان صاحب القرار الذي يفترض أن يحسم في مستقبل وليد الركراكي، لأن ما يكون قاعدة لصناعة القرار، قرار تجديد الثقة أو قرار الإقالة، هو مضمون العقد الذي يربط وليد بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ولا وجود في عقد وليد ولا في عقود كل مدربي العالم، أن الفريق لو لم يلعب كرة جميلة، فإن ذلك سيكون موجبا للإقالة.
العقود تتأسس على أهداف، والهدف الأول الموضوع في عقد وليد الركراكي، أن يؤهل الفريق الوطني لنهائيات كأس العالم 2026، وهذا التأهل ليس سوى مسألة وقت، إذ أن الفوز على منتخب النيجر في جولة الإياب، شهر شتنبر القادم، سيكون إعلانا رسميا عن حضور الفريق الوطني للمرة الثالثة تواليا في كأس العالم، ليبقى الهدف الأكبر، هو التتويج باللقب الإفريقي، ولعلها المرة الأولى التي يوضع فيها شرط الفوز بكأس إفريقيا للأمم لتجديد العقد، لطالما أن كل عقود الناخبين السابقين، كانت تضع كهدف للتجديد، هو الوصول للدور نصف النهائي.
هذه هي قاعدة أي نقاش حول عقد وليد، الأهداف هي شريعة العقود، وينذر فعلا أن تجد منتخبا أو ناديا أقال مدربا بسبب أن الفريق لا يقدم معه كرة قدم جميلة، أو بسبب أن أسلوب اللعب لا بتطابق مع فلسفة المنتخب أو النادي.
• الركراكي مستمر بقوة الأرقام
إذا، هل هناك ما يدعو فعلا إلى جعل مستقبل وليد الركراكي مع الفريق الوطني على المحك أو موضوعا للنقاش، بسبب ما شاهدناه من سوء أداء في مباراتي النيجر وتنزانيا؟
نطمع في حقيقة الأمر، أن لا يكرر المنتخب الوطني الدخول في مثل هذه النزوات التي استوجبت هذا التراجع المخيف في الأداء، حتى خرج الفوز من رحم مباراتي النيجر وتنزانيا قيصريا، ونطمع في أن تتعزز أكثر ثقتنا بقدرة فريقنا الوطني على ربح الرهان القاري، ولو أن قاعدة هذه الثقة لا تتحلل، لكن لا نريد إطلاقا أن يصل الأمر إلى تأليب أنفسنا على وليد الركراكي، ولا إلى زعزعة استقرار الفريق الوطني التقني على وجه الخصوص، وما بقي على الإستحقاق القاري أشهر معدودات.
يستمر وليد الركراكي مدربا وناخبا وطنيا بقوة الأرقام وبالخضوع لمنطق الأهداف الذي لا يمكن التزحزح عنه، وهو يدرك جيدا أن فورة الغضب الجماهيري في عمومها، والتي جرى التعبير عنها بصيغ مختلفة، سببها الأول والأخير أن الجماهير تريد للفريق الوطني أن يصل لكأس إفريقيا للأمم وهو خال من العيوب والشوائب، ومتسلحا ذهنيا وبدنيا وتكتيكيا بما يمكنه من كسب الرهان الأكبر، وإن غدا لناظره قريب.

إضافة تعليق جديد