لا نستغرب لما تحصل عليه الوداد من نقاط في أول ثلاث دورت من البطولة الإحترافية، أن يجمع أربع نقاط من أصل تسع ممكنة، بتحقيقه لفوز وتعادل وخسارة، كما لا يمكن أن نهول الأمور، لأن هذا الوداد الذي ظهر علينا هذا الموسم، كل من يمثلون قواعده وأركانه تغيروا، فالقائد جديد والربان التقني جديد واللاعبون جدد، وبالتالي لا شيء على الإطلاق يفرض أن يكون الوداد مكتمل الضوء كالبدر، وقوي العصف كالإعصار، ومنيعا بأدائه الجماعي كما كان في مواسم الحصاد الجميل والمبهر.
والوداد الرياضي يختتم الموسم الماضي على إيقاع الأصفار، وقد اشتكى البيت من شرخ كبير، كانت هناك حاجة وقد قضت ظروف سجن الرئيس سعيد الناصري، بأن تنقضي دورة زمنية هي الأقوى من حيث الألقاب، لأن يكون هناك تدخل سريع يحفظ الصرح من أن يتهاوى تماما.
ستقولون، هذا الوداد، الصرح المنيع بعمقه التاريخي، لا يتزعزع لمجرد هبوب مثل هذه الرياح الخبيثة، فما أكثر ما مر على وداد الأمة من لحظات سوداء مثل هاته، ضرب الإعصار الدار، لكنه ما نال منها شيئا لأنها محصنة بالتاريخ والرجال والإرث الذي لا ينقضي، لذلك كان لابد من إحلال البدائل على كافة المستويات.
خرج هشام أيت منا من جحر المحمدية، يحمل كالفرسان بسمة الحياة، فصادف مجيئه للوداد رئيسا عن سبق تخطيط، أن الجيل الذهبي للوداد الذي به صار سعيد الناصري الرئيس الأكثر تتويجا بالألقاب الوطنية والقارية، أكمل دورته الزمنية، وما عاد هناك من خيار سوى بناء فريق جديد.
كان هشام أيت منا ذكيا في اختياره ربان المرحلة، التي هي في الواقع مرحلة بناء، فالشاب الجنوب إفريقي رولان موكوينا من عشاق كرة القدم الجميلة التي تتأسس أولا على الإستحواذ وبعدها على البناء المنظم للهجمة، لذلك سهل عليه فيما بعد أن يكون دقيقا في اختيار من يستقدمهم من اللاعبين، ولو أن عددهم وصل لدرجات قياسية، غير مسبوقة في تاريخ الوداد.
شبه إعمار لبيت الوداد، فكان السؤال الذي شغلنا وشغل الأنصار، كم من الوقت يلزم موكوينا لكي يعطي لفريقه الروح والشخصية وهوية اللعب؟
ما شاهدته شخصيا في المباريات الثلاث، أمام المغرب الفاسي، المغرب التطواني واتحاد تواركة، إرهاصات لمولد كرة قدم جميلة، حالة مخاض تسبق اكتمال هيئة اللعب لذلك، وحالات الإستعصاء تلازم الوداد في كل هذه المباريات، يطرح السؤال كم هي نسبة الصبر الموجودة في صدر أيت منا وفي صدور جماهير الوداد؟
وما مدى قدرة موكوينا على تنزيل فكره التكتيكي في مدة زمنية قياسية، ما دام أن وجوده مع الوداد يضعه دوما تحت ضغط النتائج؟
الذين يعرفون حق المعرفة، كيف تبنى هوية لعب جديدة، بمنظوماتها المتعددة، بخاصة عندما يكون اللاعبون كلهم جددا أتوا من بيئات كروية مختلفة وبثقافات تكتيكية مختلفة، وما هو الزمن المقدر لتنزيل هذه الفلسفة التي يجب أن تتطابق مع جينات الفريق، يبصرون شيئا ما يتشكل في سماء الوداد، ويجزمون أن الحكم على مدرب من خلال ثلاث مباريات هو جناية على المدرب وتجن على الأعراف التقنية، لكن هلا أخبرنا هؤلاء، كم يحتاج موكوينا من الوقت لكي يعلم لاعبيه فلسفته؟
إضافة تعليق جديد