ما عاد مستغربا أن تأتي الكونفدرالية الإفريقية لكوة القدم، في كل ما تطلقه من مبادرات بما هو من جنس البِدع التي توصف بالضلالة، وكانت آخر هذه البدع لائحة العشرة لاعبين الأفارقة الذين سيتنافسون على الكرة الذهبية الإفريقية للموسم الكروي 2023 ـ 2024، فما هو وجه الغرابة في هذه اللائحة؟ ما المعقول في هذه القائمة يمكن أن نقبل به؟ وما هو اللامعقول فيها الذي يرفضه المنطق؟
لن أتحدث عما جاء في قوائم المرشحين للأوسكارات الأخرى، لأنها أقل كارثية وفظاعة مما جاءت به لائحة اللاعبين العشرة الذين تم ترشيحهم "للبالون دور".
كان مثيرا للدهشة أكثر منه للحزن، أن لائحة اللاعبين العشرة لم تضم الدولي المغربي ولاعب نادي ريال مدريد إبراهيم دياز، برغم أن الرجل حقق منذ أن غير جنسيته الرياضية لينضم لأسود الأطلس، ألقابا فردية وجماعية لا ترشحه فحسب ليكون ضمن قائمة العشرة، ولكن ليكون المرشح الأقوى للفوز بالكرة الذهبية.
وذات الإستغراب نسجله واللائحة تخلو من إسم أيوب الكعبي الذي منح بأهدافه الرائعة لقب كونفرنس ليغ لأولمبياكوس اليوناني، بل إنه قاد أولمبياكوس لكي يكون أول فريق يوناني يحصل على لقب أوروبي، والأمر نفسه ينطبق على الفرعون الصغير محمد صلاح الذي غدا أسطورة من أساطير نادي ليفربول وهو يضبط كل موسم من مواسمه الأخيرة على إيقاع أهدافه المنهمرة كالشلال.
وكان مدعاة للسخرية فعلا، أن لا يرد في اللائحة إسم اللاعب النيجيري بونيفاس الذي قاد بأهدافه الحاسمة ناديه باير ليفركوزن للظفر بثلاثة ألقاب ألمانية.
إن مصداقية الترشيحات التي تكون في العادة الأساس الأول لموضوعية وصدقية جوائز من قبيل الكرة الذهبية الأوروبية، تبرز في درجة التقيد بالمعايير التقليدية التي يؤخذ بها للمفاضلة بين النجوم والأندية والمنتخبات والمدربين في سباق جوائز الأفضل، ومن أول هذه المعايير، التتويج بالألقاب الجماعية ودرجة المساهمة فيها، يليه معيار الألقاب الفردية، فمعيار السجل التاريخي المقرون بالصورة التي يصدرها اللاعب أو المدرب عن نفسه.
وعند مطالعة اللاعبين العشرة الذين رشحتهم اللجنة التقنية للكونفدرالية، لاستفتاء الكرة الذهبية، نجد أن أكثرهم لا يتطابقون مع هذه المعايير جميعها، حتى أن بعضهم على غرار الجزائري أمين غويري لاعب نادي رين الفرنسي والكونغولي سانشيل بيمبا والغيني سيرهو غيراسي، لم يحصلوا خلال الموسم الكروي المعني بالتقييم، على أي لقب جماعي، وهنا ستكون الصدمة قوية جدا، لأن اللجنة التقنية للكاف عاملت اللاعبين بازدواجية المعايير، أو أنها كيفت الإختيارات على مزاجها ولربما تفاجئنا بمعيار استندت عليه في الإختيار، لا نعتر له على وجود في كل الجوائز التي تصنف.
ولن يكون وقع صدمة خلو اللائحة من إبراهيم دياز الذي حقق في موسمه الرياضي أربعة ألقاب مع ناديه ريال مدريد، أرفعهم شأنا، لقب عصبة أبطال أوروبا، ومن أيوب الكعبي المتوج مع ناديه بلقب أوروبي يشبه اللقب الذي حققه النيجيري ومهاجم أطلنطا أديمولا لقمان المتوج مع فريقه الإيطالي بكأس أوروبا ليغ، أقوى وأعنف من صدمة تجريد العنكبوت ياسين بونو الموسم الماضي من جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب إفريقي، التي كان يستحقها، بعد موسمه البطولي، وقد لا تتاح له الفرصة لكي يأخذ بثأره من الكاف.
ليس القصد من هذا الذي كتبته بمداد الحزن عن تجاوزات جوائز الأوسكار الخاصة بالكاف، أن أثير انتباها أو أن رفع صوتا للإحتجاج، فالكاف بالتخصص باتت مؤسسة خارج النص.
إضافة تعليق جديد