أسدل نهائي كأس العرش الذي توج الرجاء الرياضي للمرة التاسعة في تاريخه، محققا بذلك ثنائية للتاريخ، الستار على موسم كروي، طبعا إن ذكرناه بالإثارة الجميلة التي أضفاها على نهاياته ناديا الرجاء والجيش بسباقهما القوي وتدافعهما الجميل، ذكرناه أيضا بالمنغصات التي شابته والتي عطلت تطور البنية الإحترافية لكرة القدم.
يستحق الرجاء الرياضي التهنئة على موسمه الإستثنائي الذي توجه بلقبين وبأرقام مدهشة، يتقدمها خلو رصيده من أي هزيمة، ويستحق الجيش الملكي حتى وهو يجتر الحزن المبير على انهيار صرح الحلم في ظرف زمني قصير، الشكر على ما أبدعه هذا الموسم، وهو ينال وصافة لقب البطولة ولقب كأس العرش، لكن مقابل كل هذا هناك وجه أسود ومخيف لا يمكن أبدا التنصل منه، لأنه يسائلنا في واقع الأمر عن هويتنا الإحترافية، كيف نخيطها ومتى ننتهي من حياكتها، وهل سنضفي عليها الطبعة المغربية الأصيلة؟
كثيرة هي الشوائب والمعطلات التي ضربت الموسم الكروي المنقضي، منها ما هو من تصاريف القوة القاهرة، كإغلاق الملاعب لحاجتها إلى استصلاح وتحديث يعطيها هيئة مونديالية، وما ترتب عنه من تهجير قصري للأندية، ومن معاناة ما بعدها معاناة للحصول على ملعب بديل، ومن خسائر مالية كبيرة جدا، على غرار ما حدث  على سبيل الإستدلال فقط، مع الرجاء والوداد اللذين كلفهما إغلاق مركب النار "دونور" خسارة مالية لا تقل عن 3 مليارات، ومنها ما هو هيكلي يتمثل في العطب الكبير الذي تشكو منه الأندية في الخروج من المديونية ومن مطارق النزاعات، وفي العسر الكبير الذي تستشعره في تفعيل الشركات الرياضية الرافعة الأساسية للإحتراف، ومنها ما هو تنظيمي يرتبط بالهشاشة التي أصابت على حين غرة برمجة البطولة الإحترافية.
وطبعا لا يمكن أن تنسحب من المشهد البئيس لهذا الموسم، صور لاعبين يضربون مرات ومرات عن التداريب بسبب عدم توصلهم بمستحقاتهم المالية، وصور شغب الملاعب في تمظهراته العديدة والخطيرة، وصور الويكلو الذي حكمت به لجنة التأديب حينا، والسلطات المسؤولة عن بعض الملاعب التي لم تقبل بإجراء أندية غريبة عليها لمبارياتها إلا بشرط خلو المدرجات من الملاعب.
هذه المشاهد مجتمعة، تتحالف فيما بينها لتعطينا وضعا كرويا مشروخا ومعطوبا، لا يليق ببلد منتخبه الأول هو رابع العالم، ولا يليق ببلد سيستضيف بعد ست سنوات كأس العالم، ولا يليق أيضا ببلد سعى عاهله المفدى، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لأن يمتع الشباب الرياضي فيه بكل الوسائل اللوجستية من ملاعب للتباري وأكاديميات للتكوين والتعبير عن الملكات.
ولأن الإبقاء على هذه الأعطاب والمعطلات، من شأنه أن يصيب المشروع الإحترافي بالإختناق، فإن استقبال موسم رياضي جديد، يقتضي الجلوس إلى طاولة النقاش، لتحليل الظواهر المشينة والمعطلة والبحث عن سبل مقاومتها، فلا سبيل لكي تبقى دار لقمان على حالها.