لم تكد تمضي سوى أيام قليلة على مقام إبراهيم دياز داخل عرين أسود الأطلس، حتى اختلقت عنه قصص وروايات تضج بها اليوم مواقع التواصل الإجتماعي، كان أقواها أن لاعب ريال مدريد دخل في سجال من البداية مع حكيم زياش، والسبب العمادة أو الريادة، أو ما يمكن أن تنسجه الخيالات بلا أدنى وازع أخلاقي ولا مهني.
قرأت من ذلك بعضا مما تناسل على المنصات، وعجبت كيف استطاع هؤلاء الرواة أن ينفذوا إلى عرين أسود الأطلس ليقفوا «حصريا» على هذا الخلاف المزعوم الذي حدث بين حكيم زياش وإبراهيم دياز، كما عجبت أيضا أن يحمله الزملاء الإعلاميون ممن حضروا اللقاء الصحفي الذي سبق ودية الأسود أمام «المرابطون»، إلى المدرب والناخب الوطني وليد الركراكي، الذي على عادته تضايق ليس من السؤال، ولكن من هذه المزاعم والأكاذيب التي تنسج حول لاعبي الفريق الوطني.
فالأمر موجب بالفعل ليس للإستغراب، ولكن لرفع الصوت احتجاجا على هذا المآل الذي آل إليه الإعلام، وقد غدا ناقلا للأخبار من منصات موبوءة لا مصداقية لها، عوض أن يكون هو المزود الأول لهذه الأخبار. بالطبع، لا أكثرت هنا لما يكتب على الصفحات التي يحمل أصحابها تجنيا وانتحالا العديد من الصفات المتصلة اتصالا وثيقا بمهنة الإعلامي، ناقدا أو محللا أو مخبرا كان، فأولئك يوهمون الناس بأن لهم مصادر وبأن أخبارهم حصرية، والواقع أن أغلبها مفبرك أو مقتطع من اجتهادات الغير، ولكنني أعيب على بعض وسائل الإعلام الحاضنة الفعلية للمهنة، أنها إما تنساق وراء هذه الأخبار وإما تعطيها ظهرها عوض أن تضحدها في المهد، وأي عاقل لا يمكن أبدا أن يتصور أن يصطدم زياش ودياز من أول يوم لهما معا في عرين أسود الأطلس، بسبب أن زياش أخذته الغيرة من التفاعل الجماهيري والإعلامي الذي صاحب مجيء ابراهيم دياز، أو بسبب أن دياز لا يريد من زياش أن يبسط هيمنته ويستفرد بكل الأضواء.
منتهى العته والجنون أن نتخيل حدوث أمر كهذا، ومنتهى الضحك على ذقون المتابع، كان قارئا أو مستمعا أو مشاهدا، أن يتم الترويج لمثل هذه الأشياء، بينما كان من الضروري في أعقاب الحضور الأول لابراهيم دياز داخل الفريق الوطني، أن نطرح سؤال الإضافة التي جاء بها عبد القادر دياز، وسؤال التفاهم التقني والتكتيكي بين الرجلين على أرضية الملعب، وبعدها سيأتي سؤال الإندماج الكلي لدياز مع محيطه الكروي الجديد.
وقد احتجنا بالفعل لشهادة الربان التقني، والمسؤول الأول عن مستودع ملابس الفريق الوطني، لكي نستبين حقيقتين تدحضان بالكامل كل الإختلاقات التي تهدف بالأساس إلى جلب الناس وحصد المشاهدات، أولهما أن شخصية حكيم زياش رائعة بكل متناقضاتها الجميلة، ظاهرها وباطنها، فالرجل يحمل كما هائلا من المشاعر التي يسعد بتقاسمها مع الأسود، وزاد عنفوان هذه المشاعر، والرجل يقلد بعمادة الفريق الوطني مع غياب غانم سايس، وباسم تلك العمادة، زياش هو من تولى التقديم الرسمي للوافدين الجديدين، إبراهيم دياز وإلياس بن الصغير، وقد فعل ذلك بصورة مميزة.
ثانيهما أن سعادة إبراهيم عبد القادر دياز بانضمامه للفريق الوطني، هو من أخذ قراره بحرية كاملة وبجرأة بالغة وبهدوء تام، كانت أكبر مما توقع، وهو يطلع على كم الحب الذي يسود مستودع ملابس الأسود، الذي يخلو تماما من الأحقاد والضغائن وحتى الشخصنة. وكما أن على وليد الركراكي إظهار براعته في جعل توليفة زياش ودياز وهي رائعة بكل مقاييس ضبط الإبداع والنبوغ، تتألق على أرضية الملاعب، لتسمو بأداء الأسود الجماعي، على الذين يختلقون القصص ويفتعلون الخصومات ويتوهمون الإنقسامات، لتعذيب الرأي العام الرياضي أن يكفوا وينتهوا، فالطريق نحو الإسترزاق من الإدعاءات باطل ومسدود.