وأنا أختم هذه الزاوية في العدد الأخير ل«المنتخب»، داعيا إلى عدم تسفيه المسار الرائع الذي أخذته كرة القدم الوطنية على مستوى المنتخبات، لتحقق في منتهاه إنجازات عالمية وإفريقية وعربية تتويجا لرؤية واستراتيجية انبثقت عن سياسة كروية، وعدت بالعودة لورش الأندية الوطنية الذي يشكو من عطل حاد في نظام الإشتغال، حجم نسبيا من قوة حضور أنديتنا على المستوى الإفريقي، كما تشهد على ذلك النسختان الماضية والحالية لعصبة الأبطال وكأس الكاف.
وقد كنت أحرص الناس، قبل 15 شهرا من الآن والفريق الوطني يعود من قطر متوجا بوشاح رائع، وهو يصل كأول منتخب إفريقي وعربي لنصف نهائي كأس العالم، في المطالبة باستدامة الإرث والنجاحات، بأن نجعل من مشهدنا الكروي صورة لبلد هو رابع العالم، وتلك الصورة لا تحتمل ما يخدشها اليوم من ممارسات بذيئة بل ومرفوضة.
وأعدت التذكير، ونحن نحقق حلما سعينا وراءه لعقود من الزمن، بإعلاننا مع الجارتين، إسبانيا والبرتغال، منظمين لكأس العالم في نسخته «الخيالية» سنة 2030، أن ما يجب أن تصدره كرة القدم المغربية من الآن عن نفسها، صورة متناسقة الألوان والأحلام، لا مجال يترك فيها للهواجس والكوابيس التي تقض المضاجع.
لكن ما نشاهده للأسف منذ بداية الموسم الكروي الحالي، يقول أننا لم نخلص لتلك الإرادة التي كانت تهدف إلى تجميل الصورة، والدليل أن ما يشغل صحفنا ومحطاتنا الإذاعية ومواقعنا الإلكترونية وهي تتحدث عن البطولة الإحترافية بقسميها، فضائح وسلوكيات شاذة وأزمات مالية وزوابع في المستودعات والكواليس وشغب في المدرجات، أكثر مما يشغلنا ما يقدمه اللاعبون على أرضية الملاعب التي تركت مفتوحة، في موسم التهجير.
عند المرور لامتحان الإحتراف، وقد تشددت المراقبة وتوقفت الليونة والمحاباة، وجدنا الأندية تتساقط كأوراق الخريف، لا تقدر على تحمل أحكام الحكامة في التسيير المالي، ولا تستطيع جلها العمل بنظام المقاولة، بفعل الهشاشة، فخرج كثيرها عن النص، بأن أعلن الإفلاس، فأقفلت في وجهه أبواب الإنتدابات، بعد أن تراكمت عليه أحكام النزاعات إن من الفيفا وإن من غرفة النزاعات داخل الجامعة.
وبرغم كل الأوراش التحسيسية التي فتحتها الجامعة لزمن مقدر، من أجل وضع الأندية في قطار التغيير، وتمكينها من أحزمة الأمان الإقتصادي، إلا أن دار الهواية ظلت مفتوحة تصدر الرعونة والبؤس، والدليل ما نحن بصدده كل يوم من إستقالات واحتجاجات وإضرابات.
ولا أستطيع برغم ما أمضيناه من وقت في تنزيل نظام الشركات، الذي يفعل واحدا من أهم قواعد ورافعات الإحتراف، للتخلص من التسيير المزاجي، أو التسيير المبرمج عن بعد، أن أجزم بأن هذه الشركات التي يفرضها قانون التربية البدنية والرياضة فرض عين، قد خرجت من الأساس سليمة من الخيمة، لذلك هناك حاجة وقد فوضت الجامعة مسؤوليات كثيرة للعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، أن تدعو هذه الجامعة لتناظر وطني يفتحص كرة القدم الإحترافية بشكل علمي، فيحصي النواقص وهي كثيرة، ويحدد المسافة المقطوعة على درب التنزيل، وهي على كل حال قصيرة، ومن تم صناعة قرارات جريئة، أولها وأقواها، أن تكون لنا إرادة جماعية لإغاثة الأندية والإحتراف من الإختناق، سببه أنهما ضدان لا يلتقيان.