قبل نحو عشرين سنة، عنت لنا فكرة، أن تكون لإفريقيا جائزتها الخالصة التي ترصع صدر اللاعب الإفريقي الأفضل في السنة، وقد قررت إدارة «فرانس فوتبول» عولمة «البالون دور» وإلغاء الكرة الذهبية الإفريقية التي كان الأسطورة أحمد فرس أول من تشرف بحملها سنة 1975، وما وجدنا داخل «المنتخب» إلا الترحيب بالفكرة وطنيا وإفريقيا، فكان مولد «الأسد الذهبي» سنة 2004، وما وجد هذا «الأسد الذهبي» لجريدة «المنتخب» في سنته الأولى، غير الأسد الكامروني غير المروض، الأسطورة صامويل إيطو، ليكون العناق تاريخيا وملحميا، فما كان سنتها من يستحق جائزة «الأسد الذهبي» أكثر من صامويل إيطو الذي قيد له في تلك السنة، أن يطلق من معاقلها برشلونة الساحرة، بكرتها العجيبة وببداية واحد من أجمل الفترات في تاريخ البلوغرانا.
ومع توالي السنوات، وجدت لها الجائزة موطئ قدم في مشهد كروي إفريقي وعالمي، يعج بمثل هذه الوشاحات السنوية والموسمية، وأكثرها للأسف نما في مستنقع تجاري، فما كانت له المناعة لكي يعمر طويلا.
بإمكانيات بسيطة، ولكن بإرادة قوية لهزم اليأس وقهر كل أساليب الإنتفاعية التي كانت تعبر مشهدنا الإعلامي، عاشت جائزة «الأسد الذهبي» زمنا طويلا في حساب العمر الصحفي المضطرب بكثير من الرياح المحبطة، لا تدعي المثالية ولكنها تراهن دوما على الموضوعية، فكانت جائزة القارة بامتياز في بساطتها وفي شساعة أفقها وفي قوة عودها وعنفوانها، فتنقلت على مر السنين بين العواصم والمشاهير، يقبض على خيطها الأول الأسد الكاميروني صامويل إيطو، يحتكرها بعد ذلك لسنوات الفيل الإيفواري ديديي دروغبا، ثم يبدأ بعد ذلك جيل جديد من الأساطير في التناوب على حملها، الفرعون المصري محمد أبو تريكة والنسر المالي سيدو كيتا ثم الفيل الإيفواري الآخر يايا توري، فالجيل الثالث الذي يرفع أشرعته في بحور الدهشة، الفرعون الصغير محمد صلاح والمحارب الجزائري رياض محرز.
وبإيعاز من قاعدة كبيرة لقرائنا، ستأخذ جائزة «الأسد الذهبى» منحى ثانيا خلال سنة 2018 بجعلها مغربية صرفة، أي أن تكون حكرا على اللاعبين المغاربة، وقضت هذه النسخة المستحدثة بإعلان حكيم زياش أسدا ذهبيا لسنة 2018، تتويجا لموسم خرافي مع الأياكس، وفي العام الموالي أعلن أشرف حكيمي أسدا ذهبيا لقاء موسم الإعارة المدهش مع نادي بروسيا دورتموند.
وأوقفت جائحة كوفيد جائزة «الأسد الذهبي» كما أوقفت كل شرايين الحياة، وحيال ما ذكرنا به زملاء إعلاميون ومتعاطفون من خبراء كرة القدم الإفريقية وقراء مطبوعون بخصلة الوفاء، من أثر طيب أحدثته الجائزة في نسخها السبعة عشرة مجتمعة، وفراغ نوعي تسبب فيه احتجابها، قررت مؤسسة «المنتخب» أن تعيد الحياة للأسد الذهبي، وما كان أحد يعلم أن بعودة الجائزة، سنعيش جميعا زخما إعلاميا ورياضيا نوعيا وغير مسبوق، والمغرب يصبح عاصمة لكرة القدم الإفريقية بإعلانه منظما سنة 2025 المونديال الإفريقي، على أن يصبح مركزا للعالم، وهو ينظم بمعية الجارتين إسبانيا والبرتغال المونديال الكوني سنة 2030.
ولأن الزمن المقدر لقياس إبداعات اللاعبين إختلف عما كان عليه في السابق، فإن جائزة «الأسد الذهبي» ستحدو حذو الكرة الذهبية والجوائز القارية، لتعمل بنظام الموسم الرياضي وليس بنظام السنة، وفي عودة الجائزة بنسختها الإفريقية 15، سيقرر فريق المصوتين المشكل من 44 إعلاميا وخبيرا، وقرابة 56 ألف من زوار موقعنا الإلكتروني، منح الجائزة بامتياز واقتدار للدولي المغربي ياسين بونو حارس عرين أسود الأطلس، واعتباره أفضل لاعب كرة قدم إفريقي للموسم الرياضي 2022 ـ 2023.
وباستحقاقه جائزة الأسد الذهبي، يواصل ياسين بونو حامي عرين الأسود كتابة التاريخ مرات ومرات، مرة عندما استأسد في مونديال قطر وهو يقود المنتخب المغربي لإنجاز تاريخي ببلوغ المربع الذهبي، ومرة ثانية عندما قاد فريقه إشبيلية للفوز بكأس أوروبا ليغ، ومرة ثالثة عندما كان أول مغربي يدخل لائحة 30 لاعبا تم ترشيحهم لجائزة الكرة الذهبية، فحل في المركز 13، ومرة رابعة عندما تفوق على كل الأساطير من زميليه حكيمي والنصيري ومحمد صلاح وأوسيمين ورياض محرز، ليكون أول مغربي يفوز بجائزة «الأسد الذهبي» في طبعتها الإفريقية.
ويوم الحادي عشر من هذا الشهر لن نتفاجأ إذا ما أعلنت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ياسين بونو اللاعب الأفضل في القارة السمراء، لأنه هو الأسد الأمثل والأجمل.