أخيرا ستنطق الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بحكمها النهائي، عندما سيصوت أعضاء لجنتها التنفيذية هذا الأربعاء بالقاهرة، على البلدين اللذين سينظمان تواليا نسختي 2025 و2027 لكأس إفريقيا للأمم، لتسدل الستارة على مسلسل طويل من التخبطات، تسببت فيها في مقام أول غينيا، وهي تبدي عجزها عن تنظيم نسخة 2025، برغم أنها أسندت إليها منذ وقت طويل، منذ أن أتى الكامروني عيسى حياتو، الرئيس السابق للكاف، ببدعة تحديد منظمي أربع نسخ للكان، دفعة واحدة.
نصل إذا للموعد الذي طال انتظاره، وكان من الممكن أن يكون الأمر روتينيا، لولا أن ألسنة خبيثة صدرت العديد من الشائعات والتشكيكات، وقد غلفتها بمسحات سياسية، وكأن التنافس على تنظيم نسخة 2025 تحديدا، لا يخضع لأحكام تنظيمية صارمة تختبر هذا الذي بشر به رئيس الكاف باتريس موتسيبي، من أن قرارات الكاف المصيرية ستتخذ داخل الغرف المغلقة ولا تستحضر بالأساس شيئا غير مصلحة كرة القدم الإفريقية وسمعة الكونفدرالية الإفريقية، التي تحتاج لوقت طويل لتتحرر من أثقال بئيسة ومن تقاليد سيئة على مستوى الحكامة.
يهمنا كمغاربة، ما سيفضي إليه الإجتماع الحاسم لتنفيذية الكاف بالقاهرة، فنحن تواقون لأن نحتضن عائلة كرة القدم الإفريقية بالحب الذي أظهرناه في عديد المناسبات، ويحدونا حماس كبير لأن نمنح إفريقيا والعالم كله نسخة غير مسبوقة للمونديال القاري، لما نملكه من خبرة مصادق عليها عالميا في تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، ولما نصدره بصدق للأشقاء الأفارقة من ترحيب وحفاوة كلما إحتضناهم بالمملكة الشريفة، ولما هو متاح من مركبات وملاعب ومرافق تتفوق كثيرا على كل الإلتزامات والشروط التي ينص عليها كناش التحملات.
ننطلق في يقيننا بأحقية المغرب في تنظيم المونديال القاري لعام 2025، من معطيات كثيرة تاريخية ورياضية ولوجيستية، ولكننا تواضعا، لا نستقوي ولا نتطاول ولا نتجاوز الإطار المؤسسي الذي يجب أن يحكم مثل هذه القرارات الحاسمة، وإلى اليوم نعتبر أنفسنا منافسين على تنظيم نسخة 2025 لكأس إفريقيا للأمم مع ثلاثة ملفات أخرى، لا ننتقص منها ولا نبخسها حقها إعلاميا، كما يفعل الإعلام الجزائري، عندما يحصر عند اللغو الذي يكثر منه، السباق على تنظيم نسخة 2025، بين المغرب والجزائر.
وإذا كان هناك رجل ألزم مؤسسة الكاف باعتماد آليات شفافة في الفصل بين الدول المترشحة لتنظيم كأس إفريقيا للأمم، فهو بالتأكيد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي عاد ثائرا من نسخة كان 2017 التي نظمت بالغابون، يستغرب الإهانة التي يتعرض لها نجوم كرة القدم الإفريقية، وهم يكرهون على لعب مونديالهم الإفريقي في ظروف كارثية، أكانت ملاعب للتباري أو مقرات للإقامة أو مرافق للتحضير للمباريات، وقد تعجل يومها بالضرب على الطاولة، ودعوة الكاف لتغيير الرؤية النمطية والمقاربة البئيسة، في توزيع نسخ الكان على الدول بدون أدنى وازع ولا مرجع تنظيمي.
وقد كانت المناظرة المنظمة بالمغرب، تحديدا بالرباط يومي 18 و19 يوليوز 2017، لبحث حاضر ومستقبل كرة القدم الإفريقية، بمثابة نقطة تحول كبيرة، إذ أسس التناظر لجيل جديد من التنظيمات، ترتكز على تعهدات الحكومات وعلى دفاتر التحملات وعلى تقارير تقنية شفافة تصدر عن مكاتب دراسات دولية مستقلة ومصادق عليها، وهو ما جعل الكاميرون تتأخر سنتين كاملتين لتنظم كان 2022بدل كان 2019، إلى أنها خضعت بالكامل لشروط كناش التحملات، وهو ما فرض انسحاب غينيا من تنظيم نسخة 2025، وهو ما بفرض درجة عالية من الدقة والشفافية عند تسمية البلدين المنظمين لنسختي 2025 و2027، بعيدا عن اللغط الإعلامي الذي تصطنعه دول متنافسة لا تريد أن تبقي السباق في مداره الرياضي.
وإن قرر أعضاء اللجنة التنفيذية للكاف، احتكاما لما سيكون بين أيديهم من معطيات رقمية يقينية، لا يطالها الشك، أن ينظم المغرب كأس إفريقيا للأمم لسنة 2025، فإنهم سيكونون جازمين في الإقتناع قبل الإعتقاد، أن عودة الكان للمغرب بعد أن غاب عنه لمدة 35 سنة، هو احتفال بالعبقرية المغربية التي ما احتضنت حدثا رياضيا، إلا وألبسته ثوب الإعجاز والإبهار.