منتهى الفجور والميوعة ما يرمى به في مستنقعات التواصل الاجتماعي عن الرجاء، المؤسسة والمدرسة والكيان والصرح الرياضي الكبير.
شخصيا لا يثيرني ما يصلني عبر الشبكات الشيطانية من فيديوهات، ولكنه يدمرني، فإن عرفت لهذا الذي يحدث سببا أو أسبابا، كثيرها مسيء للأخلاق وهادم للقيم، أدركت كم غرقنا للأسف في الميوعة حتى صارت ليومياتنا محددا طبيعيا للزمن فغدا زماننا موشوما بالرداءة، وأعترف من تلقاء نفسي بأنني أصبحت أشعر بنوع من الغربة في هذا المشهد الكروي الذي لا يمت بصلة لما كان عليه المغرب بل والعالم من حالة انتشاء وسعادة والفريق الوطني يكتب ملحمته المونديالية هناك بقطر، فكم هي الصورة متناقضة ومشوشة.

لا أريد أن أدخل في جرد للتفاصيل الكاملة لهذا القبح الذي انطوت عليه الفيديوهات المتداولة بين الناس على نطاق واسع، وقد استهدفت فريقا كبيرا بقيمة الرجاء الرياضي، الذي يوجد بمحاذاة حدث كروي كبير متمثل في المواجهة القوية المرتقبة أمام الأهلي المصري في الدور ربع النهائي لعصبة الأبطال الإفريقية، ولا أقبل على نفسي النزول لهذا الدرك الملعون الذي تريد تفاصيل هذه الفيديوهات أن تنزلنا عنوة إليه، تحت غطاء الكشف عن الحقيقة، وأي حقيقة تلك التي يكون من يدلي بها هو نفسه عاريا من الحقيقة، إلا أنني أنبه لخطورة هذا الذي يقع، سواء كان مخططا له أو أنه تداعى على الهامش من تلقاء نفسه، لأننا بذلك سنسفه العمل الهيكلي الذي باشرناه منذ زمن طويل لجعل الإحتراف بالنسبة لكرة القدم، لغة ومنهجا وأسلوب حياة، حيث تصبح الأندية عبارة عن مؤسسات محصنة ضد الشطط والإختراقات والتمييع.

ADVERTISEMENTS

يقول الأشقاء المصريون «العيار الذي لا يصيب يدوش»، وهذا الغبار المتطاير من هذه الفيديوهات «المحنطة»، سواء أريد بها فضح وضع غير لائق أو تصفية حسابات بأسلوب مبتذل، وإن لم يعم عيوننا جميعا عن حقيقة أن الرجاء الرياضي معرض دائما لمثل هذه الهجمات، إلا أنه يحتاج إلى مسح وكنس.
قد يكون هذا الكنس بمراجعة عزيز البدراوي لأسلوبه في الإنفتاح على الناس وأكثرهم يقدم نفسه له كمتصوف في حب الرجاء، وبإعمال أسلوب جديد في مخاطبة الآخرين، وفي التعامل مع كل هذه المقالع التي تنتشر في الفضاء الأزرق ومع طينة من المؤثرين الذين يستبلدون الناس بل ويبتزون مشاعرهم ويمشون بلا حياء على أحزانهم.
هذا الكنس لا يكون إلا بتنقية المحيط من كل صناع التراهات وتحصين البيت الرجاوي من كل الإختراقات، التي تأخذ لها لغاية الأسف في زماننا العديد من الأوجه الملائكية وهي في الحقيقة نزغات شيطانية، وقد تكون أكبر هذه الحيل المقيتة التي ينطوي عليها هذا الهرج المصدر للعالم، شغل الرجاء الرياضي وإلهاؤها بما لا ينفعها، شغلها بزبد يذهب في العادة جفاء.
لا أريد أن أتوجه بكلامي هذا، تعقيبا على ما استمعت له مثل الآلاف، إلى أي كان، فلا غرض عندي للتشكيك في الذمم، إلا أنني كأي رجاوي قلبه على فريقه، يفرح لانتصاراته ويتوجع لانكساراته، أتمنى أن يضع عزيز البدراوي وهو يقف في غرفة القيادة جدارا سميكا يقيه شر هذه الوساوس، حتى لو كان بعضها من صنعه هو من دون أدنى صفة العمدية أو القصدية، ويحول دون وصول صدى هذه «الإستسهالات المبرمجة» إلى فريقه الذي يقف على بعد أيام من موقعة كروية فاصلة، فيها سيحسم في أمر الحلم الإفريقي، عندما يواجه النسور الأهلي الكبير، ويباشر بموازاة ذلك، كل الخطوات القانونية التي تدحض المزاعم الخطيرة التي استمعنا إليها، وتعيد كل واحد إلى مكانه، فكما قال أجدادنا، «اللي تسحر مع الدراري كيصبح فاطر».
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وأبعد عن الرجاء اللؤم واللئام.