في هذه أبدع وحيد

وحيد خاليلودزيش المثير للجدل، قد يكون ارتكب هفوات بل زلات طيلة مشواره التدريبي، ليس مع المنتخب الوطني فحسب بل منذ بداية المشوار لغاية استوطانه حاليا مجمع محمد السادس، قد يكون أساء تقدير وتقييم لخامات عدد من اللاعبين الذين مروا من  أمامه، ولم يكن لا الأول ولا الأخير الذي لا يحسن تقدير جواهر لم يتعب لصقلها، وما أكثر أسماء المدربين الذين تحولوا لاحقا لواجهة للسخرية بسبب هذا التقييم الخاطئ بسبب علمهم الزائد وإن اختلفت مرجعيات التقييم بين حسن النية وتصفية حسابات شخصية؟.
لكن ما يحسب لوحيد كحسنة، بل كإبداع  ليس تكتيكا ولا خطة وليس كوتشينغ ولا قراءة لمنافس، وإنما بطاقة التعريف الخبيثة التي اختزل فاختصر بها «أشرف حكيمي» حتى دون أن يمض على تعيينه ناخبا وطنيا فترة قليلة، بعدما اختصره في سطر واحد «على ما يبدو وكما اتضح لي فإن أشرف حكيمي يلعب كرة القدم ولاعبو البطولة المغربية يمارسون رياضة أخرى».
تصريح أو تعريف كما ذكرنا استفزنا كثيرا قبل أن يستفز أصحاب الحال الذين لزموا الصمت وتخندقوا في صف وحيد يومها بأن إلتمسوا له أعذار التخفيف التي جنبته مساءلة حقيقية، وقد أجمعنا في ذلك الوقت على تبخيس ممنهج من الناخب الوطني لمنتوج بطولة تصرف عليها الملايير كي تسوق بشكل لائق..
ظروف تخفيف بررت التصريح كونه زلة لسان لا غير وسوء تصريف للمراد والقصد، إلا أن وحيد عاد ليؤكد أن الأرض ما تزال تدور ويصر على قولة، في ندوة صحفية لاحقة وقد حمل معه هذه المرة بيانات طبية رياضية ولوغاريتمية تدعم طرحة، بقوله أن حكيمي فعلا يلعب كرة القدم الحقيقية، مستدلا بكتلته العضلية ونسبة الدهون الضعيفة في جسده ومرونته التي  تميزه بسرعة والتجاوب مع كافة أشكال الخطط التكتيكية التي تطلب منه، ومقابلها أرفق معه أرقام البقية ولغاية الأسف وضع وليد الكرتي في صورة «المقارنة - المقاربة ليبرز هول الإختلاف ومعها دفاعه عن بطاقة تعريفه التي كان قد أفردها للاعب إنتر ميلانو السابق وجرى الترويج له على نطاق واسع.. ويعود ليقول لنا «هو يلعب الكرة وآخرون رياضة أخرى».
لذلك وإنصافا لوحيد، بل اعترافا له وقد دلته حاسة الخبير من أول احتكاك له مع حكيمي ليسحبه من «السلة الجماعية» ويفرزه عن باقي البيض، وها هو اليوم إبن وادي زم يتحفنا وما يزال بمعزوفات راقية في الطرب الأصيل، ويدعم بطاقة التعريف التي منحه إياها الناخب الوطني التي توجت بتعريف آخر من رونار في خرجته مع أحد المواقع «إنه فتى مذهل، شغوف، بعد كل تدريب كان يتقدم عندي ويقول لي بالإسبانية أنا مهاجم».
فما يأتيه اليوم حكيمي وهو في عاصمة أنوار فرنسا من خوارق وإبداع هو بحق مدعاة لكافة أشكال الفخر بهذا الفتى الرائع الذي سحب الأضواء من البولغا أو البرغوث الأرجنتيني ميسي ومن أسطورة الإسبان ومطرقتها سيرخيو راموس ومن جدار الطليان الحصين دوناروما، وهي أسماء رافقته في ميركاطو القرن الباريسي.
في باريس اليوم كبر اليقين وترسخت القناعة، أن حكيمي هو العنصر الأهم بين كل الوافدين خلال الميركاطو الصيفي، بل أن أشرف حكيمي وفي زمن قياسي أوجد له مساحة ضوء تجاوزت عدد من القدامى وتكاد تضاهي قيمة  تأثير كيليان مبابي داخل الفريق.
اليوم يؤمنون بالسبب الذي دفع ناصر الخليفي ليقدم مهرا فاق 70 مليون أورو في حكيمي ليصبح الظهير الأغلى عبر التاريخ، فكان الإستثناء بين كل الوافدين الذين قدموا لحديقة الأمراء بالمجان.
ولئن كانت هذه الوقائع مدعومة إحصائيا بالأرقام والبيانات تهم الباريسيين، فما يهمنا كمناصرين للفريق الوطني هو الكيفية التي نستثمر بها ومن خلالها النسخة الأفضل من حكيمي كلما حضر ليتدثر بقميص الأسود في موعد رسمي، لأنه فعلا يثير إحباطنا  التموجات والذبذبات التي ترافق ظهوره وحضوره معنا لأننا لم نحز بعد ذلك الحكيمي الأوروبي..
وكل ذلك لأن وحيد الذي منح حكيمي تعريفا يليق به، عجز لغاية الأسف في أن ينيط به الدور الذي يليق به، لدرجة أنه يكرر نفس العلم الزائد لسلفه رونار «الأول كان يعتمد حكيمي ظهيرا أيسر والبوسني يصر في كل لوائح الفريق الوطني على دمج إسم حكيمي ضمن خانة المهاجمين والأجنحة».
أشرف حكيمي ولد ظهير وتربى ظهير وتكون ضمن «لافابريكا» بالكاستيا داخل مدريد ظهيرا، والفتى يشعر بالراحة كلما تقمص هذا الدور، كما تحدث مؤخرا مع «ليكيب»، وقد تعلق بالنجم البرازيلي مارسيلو «ظهيرا حداثيا داعما لجبهة الهجوم»، لكن على سجيته وليس بتوظيف متحور مبتكر يجرد حكيمي من مزيته كونه فعلا يلعب كرة القدم وعلى أصولها من فضلكم؟