مشاعر غريبة تملكتني وقدماي تقوداني لأطأ مكتب «المنتخب» ومقر الجريدة بعد 132 بالتمام والكمال على عزلنا الصحي والنفي الجماعي الذي  فرض علينا اشتغالا عن بعد، وهنا أعني طاقم التحرير وليس رئيسه السيد بدر الدين الإدريسي الذي كسر قواعد وقيود القوة القاهرة بقوة «قانون جاذبية» المنصب وشغفه الذي لم يقطع بينه وبين العمل  الحبل السري للحضور والتماثل أحيانا بشكل يومي بالمقر، إما للسهر على إخراج نسخة «PDF» المجانية التي أبقت وصالنا مع القارئ، أو التتبع بفيديوهات حصرية عبر لايفات لامست أسرة كرة القدم من حاملي القفاز للهدافين مرورا بالمدربين والمسيرين وانتهاء بأصحاب الصافرة. 
لم يسبق لي عبر أكثر من عقد ونصف من الزمن وهي فترة انضمامي لهذا الصرح الأسطوري، وأن انقطعت عن الحضور أو التواجد بعيدا عن المكتب لهذه الفترة الطويلة المكرهون على قبولها، دون أن نكون أبطالا لذلك حضر مزيج من المشاعر المختلطة التي عادت بي سنوات للخلف وذكرتني بأول يوم التقيت فيه السي بدري والسي بدر الدين وأنا أقبل بخطى متثاقلة على هذه الزيارة.
ولأن في هذه الزاوية زيارة كما يحلو لكبير القوم فيها تسميتها «السي مصطفى بدري» أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية، فقد أمكنني أن أطلع في النسخة الورقية على خبر أفلت مني إلكترونيا على ما يبدو، متمثلا في انتخاب مصطفى بدري ضمن مكتب فيدرالية الناشرين. 
قد يتساءل بعضكم وما علاقتنا نحن بهذه المعلومة؟ جوابي هو أنه تكسيرا لروتين الزوايا التي طالما أحطنا فيها بقضايا وخصبنا فيها نقاش ظواهر كبر شأنها أم صغر، أرى أن المناسبة شرط للإعتراف والإمتنان لهذا المدير بقسط غير يسير من أفضاله بعد الله سبحانه وتعالى على عدد غير قليل من الزملاء٫ سواء الذين عبروا من «زاوية» المنتخب أو الذين يواصلون لغاية اليوم  الإصطفاف فخورون بشرف الإنتماء. 
بطبيعة الحال ستكون شهادتي مجروحة نسبيا في قائد أوركسترا «الصحيفة» وضابط كورالها الجماعي٬، الأستاذ بدر الدين الإدريسي لإن إشعاعه تجاوز حدود ما هو محلي، وتخطى سماءات العرب ليلامس عالمية عكستها المنصات السامقة التي استضافته سفيرا مغوارا للصحافة الرياضية «المكتوبة» ولا يوجد من هو أهل لهذا التشريف أكثر منه، لذلك قلت وسأعود لهذا الشق في زاوية لاحقة إن شاء الله وما أعتقد أن القارئ والمتتبع والفاعل الرياضي يحتاجها أصلا. 
نعود لكبير القوم السي مصطفى، وإن كان سياق ضمه لهذا المكتب فيه من التكليف ما يفوق التشريف، فلا يسعني ونيابة عن باقي الطاقم إلا نتقدم له بخالص التهاني التي هو أهل لها ويستحقها لمرجعيته الفكرية والمهنية ولسمته الحسن  ومواطنته التي يشهد عليها سفره الإفريقي الطويل . 
ل لتاريخ وفي زمن كورونا وتداعيات الجائحة التي أتت على الأخضر فجعلته هشيما، لم يشعرنا بدري داخل هيأة التحرير أننا في زمن «الأزمة» أو استشعر أحد منا أننا في ضائقة، فلا شيء من المعاملة المالية تغير ولا أحد نوقش من الأصل في اكتتاب أو تضامن أو حتى تطوع بالخصم والإقتطاع.
السي مصطفى مول الزواية، وهي شهادة لله فيها شكر لواحد من الناس الذي علمنا شكر الله، وهو من الذين لا يسألون الناس إلحافا، لأنه في عز الأزمات التي مزق فيها سكين الحاجة والظروف الصعبة والتموجات التي قطعت شريان الصحافة المكتوبة وفي مقدمتها الصحافة الرياضية، كان يختار أنينا صامتا على أن ينال من راتب واحد منا أو يتأخر علينا يوما بالتحويل الشهري وستظل عبارته الشهيرة «مستحيل نتعطل عليكم وأنا عارف عندكم طريطات والتزامات» ترن وترن بل وترن ثالثة في صماخ الأذن كلما أزفت وسوسة إبليس لعنه الله أوهمسة شيطانية تحرض على التنكر والجحود لفضله.
فيما يخص العبد لله لا شيء تغير أوسيتغير، وما حفل به هذا الركن من خالص امتنان لـ«زاوية المنتخب» شاهد على هذه المواقف الثابتة لعرابي الصرح بدر الكلمات ومصطفى زووم القفشات. 
فمع السي بدري تعلمت لازمة «ماتكونش خف من رزقك» و«تحرامياتي قبل احتراماتي» لغاية الشناقة واللي تهرس ها الكرارس وتبقاو على خير»...وآسفي كبير على أن قامة مثل بدري أريد لها أن تختفي قسريا تلفزيونيا، لأن الخاسر الكبير في هذه القصة هو أرشفة وخزانة الرياضة والكرة المغربية في مقام أول، بجنوحها صوب الركاكة والبوز الإستعراضي و«الفايك نيوز» على حساب متمكن وموسوعة مثله... 
مرة أخرى تهانينا الحارة السي مصطفى مول الزاوية، السي بدري القلم اللاذع والريشة الماكرة والدارجة الحرة القحة، مول «زاوية الجريدة» و زاوية «زوووم» المتواضع السخي الذي غرف زملاء لنا داخل المنبر وخارجه من خيره وهداياه وعطاياه وكرمه الكبير. مول الزاوية الأنيق و المرجعي وخاصة بدري «الجنتلمان».