قصة الأمس القريب
لو إختار العبد لله أن يبدأ سرد حكاية حلم.. لم يكن يتوقع لا هو ولا رفقاء دربه بأنهم كانوا يحلمون في عز شمس بسخونتها.. ورطوبة جوها يخنقون خارج المكاتب المكيفة.. سلاحهم وطموحهم أن يكون لهم استقلال ذاتي.. والأهم من هذا وذاك خدمة الأخر.. وملئ النقص الإعلامي الرياضي في وطننا.. واليوم نستفيق على إنجاز عمره ثلاثة عقود ونصف.. فرض نفسه على السلطة الرابعة..
فإذن لو حكينا حكاية المخاض «نبتديها من أين» من زمن آخر غير زمن «كورونا» ؟
طريق الألف ميل تختلف مطباته ومنعرجاته.. تتنوع وعورته وتضاريسه.. وفي كل محطة.. شك وانتظار.. ومحطة ترمينا لأخرى..
و لنبدأ باسم الله ومجراها...
مع نهاية 1986 زار عراب الصحافة المغربية الأستاذ محمد برادة الدوحة الفيحاء مثلما يحلو لأشقائنا في قطر تسمية عاصمتهم.. وهي فعلا كذلك بطيبوبة أهلها.. وصدقهم.. وعروبتهم.. وذكاء شبابها المثقف وطموحهم للتميز والتفرد..
ومن بين زيارته، زار الأستاذ برادة جامعة عربية إعلامية مصغرة إسمها.. «قلعة الصقر».. كان يترأسها شاب طموح ذو رؤية ثاقبة وصرامة فريدة.. شعاره احترام ميثاق الشرف (العمود الفقري للمهنة).. وقدسية الخبر دون تجاوزات أو فبركة.. ولا مجال للفياك نيوز أو «الفدلكة» و«الفهلوة» على رأي أرض الكنانة.. فقط المصدر.. ثم المصدر.. مثلما قال جلالة الملك محمد الخامس طيب الله تراه عند تدشينه للاماب..«الخبر مقدس والتعليق حر..»
هذا الشاب لم يكن يتجاوز عقده الثالث ذو ثقافة عالية إسمه «سعد الرميحي..» تعلمنا معه أشياء كثيرة وكانت التجربة مفيدة.. واكتسبنا خلالها صداقات وتجارب دولية لم نكن لنحققها لو ظللنا هاويين.. دخلنا لعالم الإحتراف بتواجدنا في أكبر التظاهرات الكونية.. بعدد من الدول العربية والأسيوية والأوربية بعد تجربة سابقة باليومية المرحومة «الميثاق الوطني» والتي التحق بها عبد ربه سنة 1981 بعد أن فتح له الباب الزميلان بنيس والإدريسي لتعلم أبجديات الحرفة.. بعد أن كان مصورا بدون اختصاص لكن بطموح لا حدود لله..
بعد التحاق بنيس بصرح «الصقر».. أصدرت إدارة اليومية «الميثاق الرياضي» وترأس تحريرها الإدريسي.. ليستمر العطاء مع السي الجفال سكرتير التحرير كذلك.. وهو نفس السي الجفال الذي ركب معنا السفينة بعد إغلاق منبر الأحرار.. بنفس المهمة في مشروع رحلة الألف ميل..
بعد هذه التجربة التحقت بقلعة «الصقر» كرئيس لقسم التصوير.. وليلتحق بنا بعد ستة أشهر السي الإدريسي وليكتمل المثلث.. ولنكون أول إعلاميين مغاربة احترفوا بالخليج..
إكتسبنا تجربة مفيدة مهنيا طبعا، من تغطيات إعلامية متفردة من شرق آسيا إلا المحيط.. والمشاركة في عدة تظاهرات كروية/كونية.. والعبد لله كان محظوظا أكثر عندما اكتشف وغطي رحلة القنص بالصقور بين الحدود الباكستانية/الهندية في 1985..
زار الأستاذ محمد برادة كما سبق الذكر مجلة «الصقر» في رحلة عمل قادته إلى الشرق للتعاقد والتوزيع مع مؤسسات إعلامية ذات إمكانيات كبيرة ولوجستيكية مبهرة.. وتفاجأ بتواجدنا في «الصقر» وسمع أشياء تثلج الصدر عن ثلاثي مغربي ( بنيس / الإدريسي / بدري).. ثالوث يبلي البلاء الحسن بحرفية عالية.. الشيء الذي دفعه للهمس في آذاننا ب «كليمات» قليلة وجدت فينا طموحا دفينا يرغب في الخروج من قوقعته.. لأننا كنا نعلم جيدا أن «عودة البراني لبلادو» ولو بعد حين..
بدأنا نفكر كلما أتيحت لنا الخلوة في وزن وثقل تلك «الكليمات» وبعدها في صيف نفس العام جاء الخبر اليقين والحزين لساكنة هذه القلعة القطرية الإعلامية.. الصدمة كانت قوية ولا مفر من الواقع المزلزل ليس لأن الولف صعيب.. ولكن تضييع هذا الخزان والصوت الإعلامي المنتشر ليس عبر الدول العربية فقط ولكن حتى في اوروبا وأميركيا اللاثنية.. صاعقة أوقفت أكبر ثلاثة إصدارات بينها مجلة الشباب العربي «الصقر».. والدافع سياسة الترشيد بسبب ما سمي وقتها بأزمة النفط..
تأججت بداخلنا كالنيران «كليمات» السي برادة بل وأوقدت فينا شعلة مشروع إصدار رياضي مغربي.. وبقدر ما كان زملاؤنا من السودان وسوريا والعراق ومصر وتونس يبحثون عن منابر أخرى بالدوحة.. كنا نحن الثلاثة نهيئ لرحلة العودة وبداية المخاض لمولود أصبح صرحا إعلاميا مغربيا إسمه «المنتخب».
كانت تلك هي البداية.. و«قصة الأمس القريب» ..
وإلى الحلقة القادمة مع «ولادة نجم» وصيامكم مقبول..