الأغنية المليونية الرجاوية التي ذاع صيتها من المحيط للخليج، ولعب على وترها بعض أعداء المغرب بعد تكييفها على هوى أجنداتهم الموبوءة، وصوت المدرجات الذي قال أكثر من محلل معتوه في بلاطوهات الفتنة الفضائحية بالخارج أنه يعكس صوت شعب برمته، ماذا لو جعلنا من هذه الأغنية رمزا للتحول "من الجهاد الأصغر صوب الجهاد الأكبر" المرافق لهذه المرحلة والتي ستليها. لتروج لنسل جديد وسلالة جديدة من المواطن المغربي والمتفرج الكروي المغربي ما بعد كورونا بمشيئة الله.
 فلم يسبق وأن توحد لاعبو الكرة وأسرة الكرة ومسيرو الكرة في بلادنا وخاصة «التراس» الأندية، وناذرا بل مستحيل جمع هذه الإلترات تحت لواء خطاب واحد، إلى أن جمعتهم "كورونا" وصاغتهم في قالب تضامني حافل بصور الإيثار والسخاء ونكران الذات والمصالحة الإجتماعية التي لمسناها بسبب هذه الجائحة المتوحشة.
 كورونا حسنت من صورة رجل السلطة، من نظرة المواطن البسيط لـ"القايد" و"الكوميسير" بعد صور ومقاطع فيديو القايدة حوريا وهي تتكلم بنفس لهجة أولاد دربها وتحثهم على ملازمة البيوت وعبارتها الخالدة "الناس كتموت وأنت كتكركر عليا"...
 صورة "الكويسير" الباكي وهو يتحدث في البوق ومكر الصوت ويقول "دخلوا لديوركم خليونا نضحي من أجلكم"...، صورة الجندي الذي ينام في مدرعته ملتحفا السماء ضمانا لسلام من في بيوتهم آمنين وصورة العون والطبيب والممرض وسائق الطاكسي، لغاية عامل النظافة الذي يلم من الشارع بقايا قفازات وكمامات قد يكون بعضها ملوث وحامل للفيروس التاجي ...
 كل هذا في كفة، وما قامت به الدولة أي البلاد التي تغني بها كورال الجماهير الرجاوية في كفة ثانية. بداية بمن يتواجد في أعلى الهرم الملك محمد السادس الذي انخرط بأكبر هبة وتبرع على مستوى العالم  وتلاه بقية أثرياء البلد والميسورون ومن سار في فلكهم لاحقا، لغاية الجهاد الأكبر المتمثل في  تخصيص 200 مليار سنتيم لدعم قطاع الصحة، ويا لها من صيحة واستفاقة بعد أن أصبح هذا الرقم هو الأعلى عبر التاريخ على مستوى تمويل هذا القطاع.
 مساهمة الدولة بتعويض المتضررين المنخرطين في صندوق الضمان الإجتماعي لم يكن الوجه المشع والمنير الوحيد الذي أفرزته المرحلة، لتأتي خطوة تعويض المتضررين المحسوبين على القطاعات الهشة غير المهيكلة بحسب عدد الأفراد داخل كل أسرة وبيت، من الذين توفرت لديهم بطاقة  الإحتياج "راميد" أو لم تتوفر لديهم، لتبرز حقيقة الجهاد الأكبر الجديد الذي يبرز قيمة المصالحة التاريخية التي تكلمت عنها.
 لذلك لا يساورني شك، في أن الجماهير في كل "الكورفات" لن يعوزها الإبداع والخلق بعد زوال هذه الغمة لتتغني بهذه المشاهد التي ستبقى راسخة وموثقة في سجلات المغرب الحديث.
 لا يساورني شك في كون جماهير الرجاء، ستجعل من كورال "فبلادي ظلموني" ماضيا ناقصا مبنيا للمهجول، وستتحفنا بكورال أروع من وحي هذه الكارثة التي شاء السميع العليم أن يتعايش معها هذا الجيل الفيسبوكي، الذي سمع عن الجنون والجذام والصرع والطاعون وباقي الأوبئة التي فتكت بمن سبق...
 لا يساورني شك في أن فكر الإلتراس لم يكن في يوم من الأيام مسنودا لنظرية المؤامرة والمظلومية، ولا هو رجح كفة الثورية على قيم المواطنة الحقة، وهو ما سيترجم في مدرجات ملاعب الكرة قريبا إن شاء الله حين يعود صخب الجمهور و"كاليغرافيا التيفو" والشهب لتبعث البهجة في النفوس و يتحول كورال "فبلادي ظلموني" لـ"فبلادي نصفوني".