الحرب خداع، والإنتصارات ليست دائما للأفضل، وإنما للأذكى والأكثر حيلة ووسيلة لتذويب الفوارق، ولو كانت الإمكانيات متباعدة، وأجهزة التحكم مرتبطة والنوايا السيئة حاضرة.
أنديتنا المغربية غنية تقنيا وجماهيريا لكنها فقيرة تكتيكيا وتسييريا، ولطالما عُرف عن اللاعب المحلي «سذاجته» وإفتقاده للمكر الكروي، وميوله الدائم لإسقاط خصومه إفريقياً بالكرة والعرض والإقناع، وحينما يربح مبارياته ميدانيا ويخسر في النهاية نتيجة، يبكي ويشكو من سرقة تذاكر العبور والألقاب من الآخرين الماكرين، متناسيا ومتجاهلا أن الأفضل ليس هو من يفوز دائما ويرفع الكؤوس.
 لقد حان الوقت لتتسلح أنديتنا بالخبث الكروي والمكر والحرفية المعروفة عن التونسيين والمصريين، لنصعد منصات التتويج هذا الموسم في عصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية وكأس محمد السادس، فالعزيمة حاضرة، والقتالية موجودة، والحظوظ وافرة، لكن ينقصها التشبع بالفكر «الثعلبي» بداية من هذا الدور في المسابقات القارية، حيث المراهنة بقوة على تأهل السفراء الأربعة إلى المربع الذهبي ثم النهائي.
 الرجاء والوداد بخطوة كبيرة إلى النصف عقب التفوق البين ذهابا على مازيمبي والنجم بثنائية، والحفاظ على الشباك نظيفة بمركب محمد الخامس حافز رائع لمناقشة المعركة الثانية بطريقة مغايرة هناك بلومومباشي وتونس، حيث يستوجب التسلح ذهنيا وتكتيكيا أكثر من أي شيء آخر، لأن تأشيرتي التأهل للغريمين ستُنتزعان بالذكاء والخبث، والسباحة في المياه العكرة ومواجهة الخصوم بنفس العقلية «الشريرة».
 ثاني أفضل سيناريو للرجاء والوداد إيابا بعد تسجيل هدف هناك، أن يخرج لاعبو مازيمبي والنجم من المباراة، ويزيغوا عن سكة الضغط المكثف والإندفاع الهجومي، ويتم إستفزازهم ما أمكن لتشتيت تركيزهم مع قيادتهم نحو اللعب السلبي والإلتحامات البدنية، دون خوف ولا رهبة من الوعيد، ولا تهديدات الجماهير، فالحرب إستفزاز ودهاء وخطط متنوعة وتراقص في الإيقاع، ومن الخطأ الجسيم فتح اللعب وتبادل الضربات والتحلي بالنظافة الكروية، لأن مع التماسيح والنجم وغيرهم من أضلاع كبرى لن ينفع سوى التكتيك ونسف المتعة والفرجة، وشنق اللقاء بكل الوسائل مع التربص بأي هفوة وأقل فرصة لتوجيه الضربة القاضية.
 على الغريمين ومعهما نهضة بركان وحسنية أكادير إستحضار الكم الكبير من اللقاءات والكؤوس التي حسمها التونسيون والمصريون بالتجربة والمكر فقط، ففي أسوء أحوالهم كانوا يخطفون الألقاب وفي أصعب اللحظات كانوا ينجون من المقصلة، وحينما يواجهون الأندية المغربية مثلا وبعض الفرق الإفريقية التي تتفوق عليهم تقنيا وفرديا وتؤدي بصورة أحسن منهم، ينهجون الأساليب المعتادة والمتعددة لعدم مجاراتهم في الإيقاع، وسحب بساط التركيز منهم وقيادتهم لمباريات جانبية، مع إستدراجهم بحرفية عالية ودقة متناهية للسيناريو المخطط له، والذي يقود في النهاية للنجاح في المهمة.
 التجارب السابقة وتكرار حالات الإخفاق لقلة هذا الخبث الكروي وإنعدام الحس «الثعلبي» لدى الأندية المغربية، يجب أن يُدرس ويتم الإعتماد عليه منذ الآن على الصعيد القاري، لأنه من التوابل الرئيسية لإعداد وصفات البوديوم، فالفرجة والإقناع أتركوه جانبا مع الخصوم من شمال أفريقيا وأقصى جنوبها على التحديد، وإلعبوا بالهدوء والذكاء واللسع من تحت الطاولة، وحينئذ ستتساقط الكؤوس والألقاب تباعا، في قارةٍ يغيب فيها المنطق، ولا تكافئ الأحسن ميدانيا، وإنما تبايع الثعلب عوض الأسد.