قبل عامين، وفي إحدى الندوات الصحفية لما كان محمد فاخر مدربا للرجاء، وحين سؤاله عن إختلاف معايير برمجة المباريات وبعض القرارات والأحكام التي تتخذها لجان جامعية مختلفة أجاب وقال: «المسألة تخضع للكواليس واللي عندو أمه فالكوزينة كيبات معشي»...
 هذا بلغة فاخر التي لا تخلو من سخرية كما هو شائع في مختلف إستعاراته وتشبيهاته، وبلغتنا نحن ما يعنيه فاخر هو «الكيل بمكيالين» وعدم تكافؤ الفرص وغياب قواعد اللعب النظيف ... وكلها مصطلحات تلخص حكاية «الكوزينة» هته كما حاول إبلاغها للجميع...
 تذكرت واقعة الكوزينة وأنا أتابع الدرس العميق الذي قدمه ليڤربول الأنجليزي ومعه دولة بريطانيا للعالم، ولكل الفرق والجامعات في نكران كبير للذات، حين فرضوا على هذا الفريق أن يلعب يوم الثلاثاء مباراة في كأس العصبة الإنجليزية العريقة التي تلعب مباراتها النهائية على ويمبلي وما أدراك ما ويمبلي، ولعب بعدها الأربعاء نصف نهائي مونديال الأندية في قطر...
 الإتحاد الأنجليزي قدم لجامعتنا وباقي جامعات الكرة في العالم هذا الدرس المجاني والقوي، فلم يتقدم ليڤربول كما تتقدم فرقنا لتتباكى وتقدم طلباتها وتقول نحن نمثل دولة بريطانيا العظمى في المونديال وينبغي تأجيل مباراة الكأس أمام أسطون ڤيلا»...
ورد الإتحاد الإنجليزي قبل توصله بأي طلب هو «كن ما شئت فهنا تتساوى الرقاب والفرق ولا وجود للكوزينة عندنا»....لذك لعب ليڤربول وهي بخماسية نظيفة في كأس أنجلترا وبعدها لعب أمام مونتيري في المونديال...
ليڤربول ترك شبانه أي المستقبل لينوبوا عنه في الكأس المحلية وحمله معه الحاضر الذي يجسده أبناء المدرب يورغن كلوب محمد صلاح وساديو ماني وفيرمينيو لقطر...
ونحن نتأمل في هذا المشهد يجدر بنا أن ندس رؤوسنا في التراب مثلما تفعل النعامة. يجدر بنا أن نخجل من أنفسنا وتخجل من تسمي نفسها الفرق الكبيرة من فعلتها...
عندنا الوداد والرجاء خاضا الديربي العربي يوم السبت ورفضا اللعب بعدها الثلاثاء، بادعاء أن لديهم مباراة إفريقية نهاية الأسبوع واحد في الجزائر والثاني على ملعبه أمام الترجي...
عندنا الوداد والرجاء خاضا ديربيا آخر على ملعبهما وبعدها في منتصف الأسبوع رفضا لعب المؤجلات التي تراكمت حتى صارت اليوم بهذا العدد المخجل، دون مبرر مقنع وكل طرف يدعي أنه يمثل المغرب إما عربيا أو قاريا، وبالتالي يحق لهما أن يتمردا كما يشاءان وهو ما أغصب لقجع الذي ثار في اجتماعه مع مكتبه في وجه هذا «الفشوش الباسل» والذي تجاوز  المسموح به...
هذا الدرس القادم من إنجلترا والذي يضع البرمجة في نفس مقاس ودرجة الدستور الذي لا يزيغ عنه إلا مارق أو متمرد يستوجب ناصية العقاب، ومعه درس كلاسيكو الأرض يوم أمس رغم تهديدات شرذمة من المنفلتين، هو أكبر رد على  التجاوزات التي تعيشها ممارستنا الكروية تارة باسم «الواجب الوطني المفترى عليه» وتارة لدواعي أمنية...
درس ليڤربول ودرس الكلاسيكو، ينبغي أن يمثل مرجعا في تجاوز حكاية وأسطورة «الكوزينة» التي يتحكم طباخها في برمجة الخواطر وأحكام «سكوسونيا» وعقوبات وغرامات على الهوى. هذا الدرس يا سادة يسبق كل مراكز التكوين وكل المصطلحات الخشبية الفضفاضة والمطاطية وحتى الديماغوجية...إنه درس لأصحاب «الكوزينة»