حين ينطق الملك محمد السادس في خطاب عيد الشباب بلغة اليقين وهو الأكثر إلماما بواقع الأمة ورهانات العصرنة ومستلزماتها، ويعدد مزايا التكوين المهني حاضرا ومستقبلا وانعكاس كل هذا الإيجابي والمنتج على الشباب المغربي ومعه تنمية البلاد كما قال، ويضيف أن الحصول على الباكالوريا وولوج محراب الجامعة لم يعد إمتيازا، لذا فإنه ينبغي الوقوف وقفة تأمل قوية إزاء هذه التوجيهات الحكيمة لما تفيض به من دروس ورسائل.
 وكانت أقوى عبارات الخطاب الملكي التي إستوقفتني وألهمتني لأن أقتبسها وعكسها على كرتنا الكسيحة المعاقة في فئاتها السنية  هي ما قاله «النهوض بالتكوين المهني أصبح ضرورة ملحة ليس من أجل توفير فرص العمل وإنما من أجل تأهيل المغرب.لرفع تحديات التنافسية الإقتصادية ومواكبة التطورات العالمية».
 وجدت فعلا هذه الحملة صالحة فعلا كي نسقطها على تكوين آخر، ظل  الرؤساء المتعاقبون على جامعات الكرة يشنفون أسماعنا به، وهو تكوين الفئات الصغرى داخل الفرق والمنتخبات الوطنية.
 ولعل تزامن الخطاب الملكي مع الألعاب الإفريقية التي تحتضنها بلادنا ومعها السقوط المهين والمريع لناشئة السلامي في معقلها وخروجه المبكر أمام بوركينافاسو، يفرض علينا أن نقف وقفة تأمل مع أسباب فشل هذا الورش مع الجامعة الحالية.
وهو فشل ذريع وكارثي بكل المقاييس.
 وكيف لا يكون كارثيا وإقالة العراب لاركيط وحده كلفت لقجع 500 مليون سنتم بانتداب مكتب دراسات ما كنا في حاجة إليها ليقول لنا أو يخبرنا أن ناصر لاركيط فشل، لأنه كان يكفي لقجع إستطلاع رأيجماهير الكرة وحتى البسيطة منه لتخبره أن إقصاءات منتخبات الشبان والفتيان والأولمبي أضنتنا بل وصارت تخجلنا.
 ولست أعلم إن كان إسقطاب هذا الويلزي المدعو أوشين اليوم هو العلاج لهذه الأعراض المزمنة لفشل منظومة التكوين داخل فرقنا، والتي  يكفي العودة لسوق الميركاطو لنتعرف على فلسفتها والتي تقوم على المسلوق واللاعب الجاهز من خلال الإقبال على الشيوخ والسلع المستهلكة.
 لا أعلم إن كان أوشين وإن حمل معه إرث النجاح سينجح معنا، بعقليته الويلزية الصارمة والحادة طالما أننا نفتقر لسياسة تكوين صحيحة داخل الأندية، وهنا أستحضر ما قاله لي ذات يوم المرحوم مديح في المعمورة وأنا أتابع إشرافه على الشبان قال لي بالحرف وأجدد  له السؤال بالرحمة والمغفرة «تكرفيسة وصافي قبولي بهاد المنصب، واللي بغا يدير راسو جفاف ياخد هاذ الفئات الصغرى عندنا».
 لقد إعترف لي المرحوم بصعوبة الإنتقاء داخل فرق لا تولي عنايتها واهتمامها بهذه الفئات، وحتى إن إنتقى فإنه كان يعيد الإشتغال من الصفر في معسكرات كان يفترض أنها لتلقين الأوتوماتيزمات والتكتيك.
 ولعل إسناد مهمة الناشئين للسلامي كرجل طوارئ في الكان الذي إحتضنته طنزانيا وبعده مع هذا المنتخب في الألعاب الإفريقية، وتكليف باتريس بوميل بأن يتعلم «الحسانة فريوس الأولمبيين»، هي صورة من صور التخبط الذي يزيد ورش التكوين الذي نتحدث عنه بؤسا وتعقيدا.
 ما كان على السلامي أن يقبل باللعب في ملعب ليس ملعبه وتأكدوا أنه لن يستمر وسيكون هو المبادر بالمطالبة بالمغادرة الطوعية أو الديبار فولونطير، لأن فاقد الشيء لا يعطيه والخروج المائل من الخيمة مآله السقوط حتما.
 لذلك أجد فيما قاله عال البلاد عن مزايا التكوين المهني الصحيح والمبني على قواعد متينة في تعزيز فرص التنافسية الإقتصادية ومجاراة التحديات الدولية، يصلح لاستلهامه كرويا عندنا لأن التكوين الكروي الصحيح بإحياء مباريات رفع الستار وفرض كوطة لاعبين شبان على فرق البطولة، سيقودنا لأن نقوي التنافسية الكروية للاعب الناشء ويصبح بدوره قادرا على ربح التحديات الإفريقية فلا ينهار أمام أسود الكامرون ولا ينقاذ أمام خيول بوركينافاسو ولا يأكله تمساح الكونغو...