مع اليقين الكامل أن لا نية للسيد فوزي لقجع بنكث ما قطعه على نفسه من وعود يوم تقلد أمانة إدارة أكثر الجامعات الرياضية إستئثارا بالإهتمام الشعبي، إلا أنني مؤمن مثلكم أن التأخر في ميلاد مؤسسة من المؤسسات التي راهن عليها المكتب المديري للجامعة، بما يضمن للمؤسسة الخروج من معطف الجامعة بصورة مكتملة لا تشوه فيها ولا إعاقة بها، أفضل بكثير من أن تخرج المؤسسة إلى معترك العمل وبها الكثير من العيوب والتشوهات.
قطع فوزي لقجع على نفسه أن العصبة الإحترافية سترى النور خلال شهر يونيو الماضي، وجزم بأن الجامعة لها الإرادة الكاملة والقابلية المؤسساتية لتفوض تدبير البطولة الإحترافية بالكامل لمن ستقلدهم الأندية الممارسة في إطار بطولة إحترافية وليست بالضرورة أندية محترفة؟؟؟؟؟ شأن إدارة هذه المؤسسة التي وإن كانت تقع تحت وصاية الجامعة إلا أنها ستتمتع بهامش كبير من الإستقلالية ماليا ولوجيستيكيا وإداريا، ولست أدري إن كان السيد فوزي لقجع قد غلط أم جرفه الحماس الذي هو من أصل الشغف والرغبة في الوفاء بالتعهدات، فقد كان من سابع المستحيلات أن يتم طبخ مؤسسة لها قيمتها في النظام المعياري للإتحاد الدولي لكرة القدم في زمن قياسي ولها بعدها الإستراتيجي في منظومة العمل الكروي، فالأمر لا يتوقف عند إستنساخ أنظمة أساسية للعصبة الإحترافية وبعدها لعصبة الهواة، ولكنه يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، إلى مطابقة هذه الأنظمة مع قانون التربية البدنية والرياضة باعتباره قانونا سياديا لا يمكن أن يسمح إطلاقا بميلادات متشنجة لهيئات لها طابعها المؤسساتي، وإلى ملاءمة هذا النظام مع النظم المعيارية للفيفا، وبعد هذا كله نذهب إلى تفصيل المسؤوليات والحدود والوظائف بما لا يسمح بأي تداخل أو إستقواء، وننتهي إلى تحديد المساطر التي على ضوئها تمتع العصبة الإحترافية بحق التفاوض وبحق وضع الضوابط لتوزيع المستحقات والمكافآت المالية.
وكان أقوى دليل على أن لا فوزي لقجع رئيس الجامعة ولا محمد بودريقة المفوض من المكتب المديري بوضع الهيكل القانوني والتنظيمي للعصبة الإحترافية لم ينجحا في العمل داخل الأجال الزمنية المحددة سلفا، هو أن الميلاد العصبة كان سيكون قيصريا ومن طبع الفيفا أن تأخذ كامل وقتها في إفتحاص ومعاينة كل ما يعرض عليها للمصادقة إحتكاما للأعراف والأحكام.
بالقطع لن أذهب إلى الحد الذي يصف هذا التحفظ الفيفاوي على العصبة الإحترافية الذي هو بمثابة إنتصار لكل الأندية التي لم تكن ترضى بهذه العجلة التي ظهرت على الجامعة وهي تستبق الأيام للإفراج عن العصبة الإحترافية، على أنه إخفاق ورسوب جامعي ليس جديدا على كرة القدم الوطنية، ولكنني مصر على أن هناك أوراشا إستراتيجية وبالغة الحساسية لا ضير أبدا إن أخذت من الجامعة ما يكفي من الوقت لينطلق العمل إحترافيا بها، لأنها أوراش تشبه سفر الأباء نحو أبنائهم، حيث يكون التأخر في الوصول أفضل بكثير من عدم الوصول.
ذات موسم في زمننا الإنتقالي نحو الإحتراف وبضغط من مطاردتنا لتنظيم منافسات كأس العالم حيث تفرض الفيفا على الدول المترشحة لتنظيم المونديال حدا أدنى من التنظيمات، سارعنا إلى إطلاق مجموعة وطنية لكرة القدم النخبة في تفييء أقل ما يقال عنه أنه تفييء إعتباطي لم يكن يقوم على مقومات متصلة بهيكل الأندية وبقربها من النظام الإحترافي، واجتهدنا في خلق بنود منظمة للمجموعة الوطنية لأندية النخبة ولمجموعة الهواة، وكذبنا على أنفسنا بالقول أن هناك هامشا واسعا للمبادرة وأن هناك ما يمكن الإصطلاح عليه بالإستقلالية، ودخلنا إلى معترك مظلم حيث بدأ الضرب تحت الحزام وحيث أصبح للأندية وللرؤساء قناعان الواحد يسقط الآخر، فقد يصبح هذا النادي أو من يمثله بقناع داخل المكتب الجامعي ويمسي بقناع آخر داخل مجموعة النخبة أو مجموعة الهواة، وتأكدت سطحيتنا وهشاشة الهيئات التي نختلقها بمناسبة أو بغير مناسبة عندما جاءت جامعة السيد علي الفاسي الفهري فحلت المجموعتين معا من دون أن يراق حبر ولو صغير على مسودة القرار.
من يفكر بأن العصبة الإحترافية وعصبة الهواة سيكونان مؤسستين مهيكلتين ومقننتين بما يضمن لهما العمل مع الجامعة الأم في إطار من التكامل والتشاركية المؤسساتية، لا بد وأن يستحضر تجربة الجامعة مع المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة ومع المجموعة الوطنية لأندية الهواة، ويعفينا من تلك العجلة الجالبة للدمار وللفشل ومن ذلك الخروج العائب من الخيمة.