هي أيام قليلة باتت تفصلنا عن لحظة، نودع فيها عاما ونستقبل عاما آخر، وجرت العادة أن نركن للذاكرة قليلا فنجرد الأحداث الكبرى، لنميز الجيد منها وغير الجيد، ونستشرف عاما آخر بأحلام لا نريدها أن تتبخر أو تتحول لأضغاث.

وقد بدأنا قبل أيام في وضع بعض من العناوين الكبرى لسنة 2024، والتي كانت فيها رياضتنا على المحك، إذ اختبرت قدرتها على مجاراة ما هو محيط بها، وما هي مدفوعة بالأساس لمنافستها على مراتب القارية والعالمية.

كانت سنة 2024، هي السنة الرابعة التي تتعايش فيها حقيبة الرياضة حكوميا مع حقيبة التربية الوطنية والتعليم الأولى، وقد أوحى هذا الزواج الجديد، أن هناك استراتيجية حكومية لإعادة ربط الرياضة بالمؤسسات التعليمية الإبتدائية والثانوية وحتى الجامعية على حد سواء، لإحياء ما تم دفنه، وللإستلهام من تجارب ملهمة لدول ارتقت رياضتها لمستويات عالية جدا وهي تربط الرياضة بالتعليم بخيط ناظم إسمه، رياضة ودراسة تارة وقطب الإمتياز تارة أخرى، إلا أن ما ينعكس على واقعنا اليومي، يقول أننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن استنساخ التجارب الناجحة، فقد قدر لوزير القطاع السيد شكيب بنموسى أن يعيش من أول أشهر الإشراف على الأوراش الضخمة، حالة شديدة من الإحتقان، بسبب إضرابات موصولة لرجال التعليم، ما جعل الرياضة تدخل طويلا غرفة الإنتظار، فضاع وقت طويل كانت تحتاجه الرياضة لكي تعيد قراءة واقعها البئيس، وتقف على عثراتها وتعترف بالتراجع المهول لنتائجها إفريقيا قبل العالمي، وتدرك أن الإستراتيجية الوطنية التي صممت لها وقد خرجت من رحم المناظرة الوطنية، خرجت من خيمتها عرجاء، فانتهت صلاحيتها وهي بالكاد تخطو خطواتها الأولى.
واليوم، وقد شهد عام 2024، تعديلا حكوميا، من ضمن ما أصاب، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إذ سيرحل عنها السيد شكيب بنموسى المعين ، ليحل مكانه السيد محمد سعد برادة، ما زال ذات السؤال يؤرقنا:
ماذا تغير من حال الرياضة الوطنية وهي تنفصل عن قطاع الشباب، لترتبط بقطاع التربية والتعليم؟
لو تقاس الأمور بوضع الإستراتيجية المحينة، وبالنتائج المحصل عليها في التظاهرات الرياضية الكبرى، وقد كانت السنة المنقضية، سنة أولمبية، وبالأوراش التي يعمل بها لتفعيل الرافعات الكبرى، فإن الحقيقة المرة التي لا مجال لإخفائها، هي أن الرياضة الوطنية، بفعل هذا التنسيب الحكومي، وقد ربطت لأول مرة بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي، لم تحقق الغايات التي حددها البرنامج الحكومي (2021 ـ 2026)، وفي طليعتها «تبني مقاربة تكاملية وشمولية مندمجة، بخلق شراكة حقيقة مع الجماعات الترابية، وتشجيع انخراط المجتمع المدني في المجال الرياضي، بغية تطوير الرياضة محليا»، وطبعا الغاية هي «تقوية حضور المغرب بالعمل، وفق ما سطرته الحكومة الجديدة خلال برنامجها، على تقوية حضور المغرب على الرياضية الدولية والحث على تنسيق وتكاثف الجهود من أجل تحسين إنجازات رياضيينا على الصعيد الجهوي والدولي في مختلف التظاهرات الرياضية الفردية والجماعية».
وعندما نقف على هزالة المحصول الأولمبي في دورة باريس، وقد حققنا خلالها ميدالية ذهبية لبطلنا العالمي سفيان البقالي وأخرى برونزية لمنتخب كرة القدم، ليحل المغرب في الرتبة 60 عالميا، ندرك حقيقة أننا فشلنا في المقاربة الجديدة للزمن الرياضي الوطني، وفشلنا في أجرأة معيار النقد والإستقراء الذي يقول أننا أفرغنا الإستراتيجية الوطنية الأولى من محتواها، وبات ضروريا وضع لبنات لإستراتيجية جديدة، نتفادى فيها كل ما جنى على الإستراتيجية الأولى، وأول تلك الجنايات، أن الرياضة كقطاع، لابد وأن تستقل حكوميا بذاتها..
فهل تحمل لنا سنة 2025 هذه البشارات؟