يعشق المدربون المغاربة على اختلاف مذاهب رخصهم من ألف مورلان لدال الكاف، ومن خريجي هينيف لأصحاب ليصانص هامبورغ، سلخا مبرحا في بعضهم البعض، ويجدون متعة تكتيكية يذبح من خلالها العاطل زميله المحظوظ ببنك الإحتياط..
هكذا حيث يتحول من يهيمون ببلاطوهات التحليل فجأة لمناشير كهربائية تمزق جلد الزميل الممارس إربا إربا، من خلال نظريات ميتافيزيقية يتقمص كل واحد من خلالها شخصية زاغالو أو كابيلو وحتى مورينيو في خطط على الورق وحين يدخلون العصيدة يتحول الأسد لنعامة.
المدربون المغاربة إتفقوا على ألا يتفقوا مهما حاول رزق الله توحيد الصفوف ومهما حاول تلجيم الجموح منهم الذي يزيغ عن السربة ليتمرد على ميثاق شرف «الباطرون» والذي لم يكتب له أن يخرج للوجود بعد.
قليلة هي المرات التي من الممكن أن يتغزل من خلالها مدرب في زميل، فيعدد خصاله غيبة أو حضورا، وناذرا ما يقدم مدرب مغربي شهادة صدق في حق ابن الجلدة، سيما المحظوظون بمناصب داخل منتخبات وطنية التي ما إن تفتح لهم أحضانها حتى يصبحوا مادة دسمة للجلد والنهش..
جرب اللوزاني عضات الرفاق، وتعرض الراحلان العماري وبليندة لغارات شرحتهم في مشرحات تحليلية على أعمدة الصحف ويومها ما كان لفضاءات التحليل مجالا خصبا للتنكيل والقرص كما هو اليوم، ومورست في حق الناصيري والزاكي ومديح وفاخر سلخنات عرت الجلد ومزق الطوسي كل ممزق، وما ناله بنعبيشة من وصلات تقريع يفيض به الصدر.
المدرب المغربي لا يقدر قيمة رفيق الدرب، وكل ينظر لسنم الآخر مثل الجمل الذي لا يدرك أنه هو الآخر سنم يعيق المشية ويعرقل ركبة الراكب.
حين توج منتخب الطوسي بكأس إفريقيا للشبان التي احتضنتها بلادنا وتم التهليل يومها للجيل المتوج، خرج المنتخب المغرب من كأسي إفريقيا 2000 و2002 من الدور الأول لأن الخلف همش السلف وأقسم ألا يشتري بضاعته..
وحين أدرك فريق جمال فتحي ما لم يدركه منتخب شبان قبله وهو يقارع مدارس عالمية رائدة مثل الطاليان والبرازيل، قتل من كان يدرب المنتخب الأول يومها مواهب لمعت بهولندا وطبقوا بحقها كم حاجة قضيناها بتركها، فواصل برابح وتيبركانين وبورقادي والعمراني المشي بسرعة السلحفاة ولا أحد منهم تم احتضانه بما يكفي من رعاية داخل المنتخب الأول، لأن لغة تسلم الشاهد من الزميل في ثقافة المدرب المغربي غائبة ولا توجد في قاموس اشتغالهم.
اليوم مهزلة تواصلية وتنسيقية كبيرة تحدث بين الزاكي مروض الفريق الوطني الأول وفاخر مدرب المحليين، والخط المفصول بالمرة بين الرجلين يعكس حقيقة أن أبناء ماندوزا تعاهدوا على ألا يملأ أي منهم كأسه من معين الآخر.
عبثا تحاول الجامعة توهيم الرأي العام على أن هناك حلقات تواصل بين مدربي كل المنتخبات على الرغم من مغربة كل الفئات، لأن كل واحد «يلغي بلغاه» ولا أحد ينظر في «الريطروفيزور» ليتابع من يلحق به فيمد له اليد ويلتقط الشاهد منه.
باستدعاء الزاكي لياجور ولكناوي يمكن آن نفهم الرسالة التي حاول ربان الأسود تمريرها، وهي رسالة موجهة لمدرب المحليين على أن يعتني بالفيلق المنضوي تحت لوائه ولا مجال للإسهاب في حكاية تهييء كومندو الطوارئ كي يستعين به الزاكي وقت الشدة والضيق.
الزاكي يقول لفاخر الذي تجاهل لكناوي وياجور على أن كل واحد ينبغي له أن يضع النظارات التي تلائمه، وما يراه فاخر أبيضا لا يراه الزاكي كذلك.
وحين يرسم فاخر كروشي ويؤكد على قيمة اليوسفي كحارس أول في البطولة فلا يتواجد الإثنان ضمن قاموس الزاكي واختياراته حتى كاحتياطيين، يمكن أن نفهم درجة الخلاف والإختلاف في الأفكار والرؤية التي لا يمكن أن نصدق بعدها أن هناك نظرة ذاتها للمستقبل توحد الرجلين..
بهذا المنطق على  كل مدرب أن يتجرأ ليكشف لنا عن غطائه ويخبر القوم والجمهور على أن ما يحرص عليه هو مصلحته قبل مصلحة كرة القدم الوطنية، فالزاكي لا يريد أن ينسب ولو نزر قليل مما سيتحصل عليه لمواطنه فاخر حتى ولو كانت «رويضة سوكور» يكمل بها المسير.
وفاخر عليه أن يؤكد أنه اختار رجالا بمقاسات وأعمار دورها محدد في الزمان والمكان وهو العبور للشان وبعدها يحلها ألف حلال.
بهذا المنطق لن تقوم لكرة القدم الوطنية قائمة، والجامعة أخطأت فعلا بخروجها من الخيمة أكثر من مائلة حين سبقت العصا قبل الغنم، أي حين عينت الإدارة التقنية بعد تعيين مدربي كل الفئات، فأصبح لارغيت مثل الأطرش فالزفة و«شاهد ما شاف والو».