على طريقة «كونطربوند» أو عمليات التهريب السرية تعقد فرق البطولة  هذه الأيام جموعها العامة المخدومة، إلى أن يثبت العكس في استحضار للازمة الشهيرة «قولوا العام زين».
جموع تحكاك بنفس السيناريو وبنفس الحبكة، يدخل الرئيس والحواريون وينتصب وسطهم ممثل الجامعة والمحظوظون فقط هم من يرافقهم ممثل الوزارة والسلطة المحلية، وأمامهم هيأة منخرطين «بايعين الماتش»، أغلبهم من زبانية الرئيس وهي الفئة التي يسميها البعض  بـ «الدقايقية».
وكي تكتمل المسرحية، يسخر الرئيس ليلة الجمع منخرط أو إثنان ليلعبا نفس الدور الذي تلعبه المعارضة بقبة البرلمان، وهذا النوع هو ما يسمى بـ «الحياحة»، يضربون على الطاولة ويرفعون الصوت ويهددون الرئيس ويتوعدونه، ثم يلتقطون الصور المؤرخة لمعارضة لا تدوم سوى بضع دقائق، وبعد نهاية الجمع يتقاضوا ثمن الدور وكل حسب إجادته للمشهد.
بهذه الصورة تمارس الفرق طقوس جموعها العامة التي تذبح قيم الديموقراطية وتجهز عليها إلا من رحم ربك بطبيعة الحال، فتنتهي كلها بالتصفيق والمباركة ويمد الرئيس رجليه لأبعد مدى ويفركهما على راحته طالما أنه متحكم في العير والنفير.
هناك غير بعيد عنا سقط بيرنار طابي وسقط كالديرون من عرش الريال، وسقط المحامي خوان لابورطا فلم تنفعه لا سداسية ولا «تيكي- تاكا» أمام سطوة الإنتخابات والمحاسبة، وبعده سقط روسيل رئيس البارصا وأطيح بهونيس من الباييرن ورحل مودجي بكل العنفوان والمجد الذي حمله للسيد العجوز بإيطاليا ورحل موراتي رئيس الإنتر وحوكم بيرلوسكوني بكل هيلمان السلطة المحيط به..
نماذج كثيرة بأوروبا القريبة منا رحلت ومسؤولون حوكموا أو استقالوا خجلا قبل أن يقالوا، وجموعهم العامة التي يساهم فيها المنخرطون بملايين الدولارات ترقى لمستوى عالي جدا من النزاهة والتحلي بالمسؤولية والإعتراف بالخطأ والإنسحاب ساعة تدق طبول الخطر والإخفاق، فلا يقايضون ببضاعة الفريق ولا يجعلون من اللاعبين رهينة يبيعونها فينالوا ما أنفقوه.
لم نسمع عن بيريز الذي يغرف من مال مؤسساته ليشتري للريال الذرر والجواهر الغالية في سوق اللاعبين أن طالب باسترداد ديونه،  لم نسمع عن لابورطا وأن قال أنه والطوفان يتحالفان ضد من سيهد عرشه على رأس البارصا.
يرحلون في صمت ويحاسبون كباقي خلق الله، وهو ما جسدته الطريقة التي يجرجر بها حاليا روسيل داخل برشلونة، لا شيء سوى أنه أساء تدبير صفقة نيمار.
عندنا الأمور تختلف، إشتري بالنوار أو الدولار، لا يهم طالما أن الصفقات تمر مرور الأكارم والتقارير المالية تشهد على حسن السيرة والسلوك نهاية كل موسم، حيث تصفيق المنخرط كي يكفي لدحض كل شبهة.
مسخ الجموع العامة داخل الأندية الوطنية لم يقدم لنا لغاية الآن نموذجا واحدا لرئيس جاء متأبطا استقالته ليفاجئ بها الحضور ويعلن رحيله غير المأسوف عليه.
تحويل الفرق لأصول تجارية والمزايدة على ثمن الطلاق ومؤخر الصداق، والمطالبة بالزبدة وثمن الزبدة مقابل الإنسحاب، تعكس جزء وليس الكل من الخلل المرسوم في منظومة تم من خلالها تحميل اللاعب والمدرب والحكم مسؤولية الإخفاق والإفلاس الذي ضرب الكرة المغربية، وما زال أمر تحميل المسير هذه المسؤولية غائبا ومغيبا لأسباب تتوارث.
لا خير إذن يرجى من جموع تطبخ بعيدا عن مقراتها، ولا أمل في فرق رهنت مصيرها بأيدي منخرطين يتقاضون أجر المبايعة والتصفيق، حيث المسير ما  يزال مؤمنا بمقولة «دهن السير يسير».. وسير على الله مرة أخرى.