قبل سنتين من الآن كتبت عن نفس الناصيري وقلت أنه يمارس «وان - مان شو» بالوداد مثل الذي يلعبه سعيد الناصيري على ركح المسرح وخلف الكاميرا، كلاهما يحمل نفس السمرة ونفس الإسم مع اختلاف بسيط هو كون ناصيري الوداد كان يومها يلعب خلف الستارة وليس بعد أن ترتفع كما يفعل ولد الدرب والخطاف.
الناصيري داخل الوداد هو مفرد بصيغة الجمع، رجل تكهن العارفون بأسرار البيت الأحمر على أنه سيأتي اليوم الذي يصبح فيه الآمر الناهي، والكل في الكل وصاحب القرار داخل الفريق..
طيلة الفترة التي ظل فيها الرجل يشتغل في الظل، كانت الأسئلة تطرح بخصوص دوره ومن أين يستمد قوته، وما هو سر تأثيره الكبير على قرارات عدة كان يتخذها أكرم.
الجميع يذكر أنه هو من وقع مع الزاكي وفرضه على أكرم خلال آخر مرور لهذا المدرب بالفريق، وظل يلتقط معه الصور التذكارية، في وقت كان أكرم على الهامش مكتفيا بتوزيع ابتساماته كلما داهمته عدسات الكاميرات.
مع فلورو ودوس سانطوس وغيرهم كان الناصيري بإسم نائب رئيس الوداد المتحكم في كثير من القرارات، وحين كان يشتد به الغضب كان يجنح لإعلان لاءاته ومعارضته لسياسة رئيسه أكرم دون أن يصدر عن الأخير في يوم من الأيام قرار ضده.
وخلال حملة ترشيح أكرم أمام لقجع لرئاسة الجامعة، تنقل الناصيري لوجدة وقام بحملة دعم وتعبئة وتجييش في صفوف الهواة والمظاليم وحتى الصفوة لضمان أصوات لابن بركان على حساب أكرم، دون أن يرد رئيس الوداد على خروج نائبه داخل الفريق عن السرب وتغريده بعيدا.
أكرم المسكين المكتوي بأكثر من نار، لم يقدم في فترة من الفترات إجابة مقنعة بخصوص مواقفه من الناصيري، الذي كان يستقيل ويعود للوداد متى شاء.
اليوم الناصيري هو من يفاوض لشراء اللاعبين وهو من تعهد بتقديم مليار من ماله الخاص للفريق، وهو ما تعارك مع الورزازي وحاصره لست ساعات لشراء اجبيرة، وهو من وقع مع طوشاك وهو من يتفاوض مع بعض الأندية تارة للمقايضة وفي أحيان أخرى لعرض البضاعة، وهو الذي وقع على وثيقة طلاق الشريف.
يقدم الناصيري على كل هذا باسم الرئيس المنتدب للوداد، أو مظلة نائب الرئيس وحين يوضع في حرج المساءلة يكتفي بالقول أنه يمثل مؤسسة الوداد التي يحق لها أن تبيع وتشتري كيف شاءت.
الذين صدقوا خرافة خلدون الوزاني الذي وعد بتحويل الوداد لباريس سان جرمان البطولة، والتعاقد مع مستشهرين كبار، إما أنهم حمقى أو أنهم لا يفهمون شيئا في لعبة أرانب السباق الذين يسخنون الطرح ثم ينسحبون في خلسة ليتركوا للبطل إكمال السباق وتحطيم الرقم بعد أن ينالوا نصيب العرق.
ماذا بقي إذن بعد كل هذا؟
ما تبقى هو أن يعترف الشرايبي المسكين بأن رميته «الثلاثية» أخطأت «البانو» أو السلة هذه المرة، وعلى أن يقبل باللعبة ويتأكد من أن الناصيري هو الرئيس الفعلي أو القادم للوداد.
لا يمكن تصديق أن الناصيري سيأتي يوم الجمع العام دون أن يكون متأكدا من كونه هو الرئيس الذي سيخلف أكرم في الولاية القادمة، ومن يقبل بطرح غير هذا إنما يهرول باتجاه سيناريو سوريالي لا يليق بحقيقة الجموع التي ألفناها، والتي حولت الفرق لأصول تتوارث أو يتم تفويتها بطريقة أو أخرى من السلف الصالح للخلف الطيب؟
إقدام الناصيري وبكل الجرأة على حملة الترويج لإسمه بالتعاقد مع لاعبين قصد ضمهم للوداد، غير عابئ ولا مبال بالبلاغ الناري للوينرز ولا بتظلم الشرايبي وباقي الحواري أمام جامعة شكلت لجنة شبح للأخلاقيات دون أن تنجح في تخليق جموع عامة تحولت لجموع سامة وهدامة، هو إشارة لا تقبل بالكثير من التأويلات، على أنه هو من سيقود سفينة وداد الأمة في السنوات الأربع القادمة إلى أن يظهر العكس.
صحيح أن الناصيري ربح توقيع مدرب عالمي إسمه طوشاك، وصحيح أنه بدأ ولايته بتعاقد مثالي مع بلال النادي القنيطري، لكن مقابل هذا الخروج المثالي من الخيمة، توجس الوداديون من خسارة سعيد لأول ديربي في مواجهة بودريقة بعد أن ضاعت منه صفقة عبد الجليل كوينترو اجبيرة كارلوس.