بعد المزاد الذي أشعله بن شيخة بين محور دكالة والدار البيضاء، تساءلت عن سبب واحد يقنعني بخصوص العجز المزمن لأطرنا الوطنية كما يحب رزق الله تسميتها، في السفر لما وراء «جوج بغال» طلبا للرزق وعضة خبز بـ «خميرة» مغايرة عن خبز دار البطولة وهم يتربصون ببعضهم البعض.
لا يذكر التاريخ أن مدربا مغربيا حرك المياه الراكدة مثلا ببطولة الجزائر وجعل وفاق سطيف وشبيبة القبائل يرفعون السعر خطبا لوده بمقدم صداق ونفقة طلاق.
لا يذكر التاريخ أن واحدا من مدربي بلاطوهات التحليل ومصطلحات غراندايزر كما يتحفونا بها، إستطاع أن يغزو بطولة تونس وفرض على الإفريقي والترجي دخول حرب بسوس لربح رضاه.
ولأننا بلد الكرم فقد درب الرجاء بن بادجي الجزائري وتعاقب عليها أبناء جلدته من سعدان لإيغيل وانتهاء ببنشيخة آخر ما جادت به سلالة الثعالب التي دخلت وكر النسور بمكرها، لتحل مكان البنزرتي الذي مات بنفس السلاح الذي اغتيل به فاخر.
غزوة مدربي تونس والجزائر وهم من بلدان الأجوار للبطولة المغربية وحتى الخليجية، وعدم مساومة مدربينا وأطرنا بالخارج، هي حالة تعكس أنه تم خلل كبير في منظومة الشواهد والدبلومات المحصل عليها والزاد التقني الذي يتأبطونه.
قبل أسبوع من تدريبه الرجاء أخبرنا بن شيخة أنه مثل طفل مدلل بالجديدة، وأصبح دكاليا أكثر من مسكوت والمقتريض وصعصع.. تحدث عن مشروعه لصناعة فريق كبير وتواعد مع المسؤولين على برنامج الصيف والشتاء، ليسافر للكامرون ويزف من هناك خبر زواجه بالرجاء التي إلتقى رئيسها ومستشاره التقني بعد مباراة الوداد وحسموا الراتب والميركاتو وباقي بهارات وتوابل الموسم القادم.
ظن الدكاليون وهم يمنحون مفتاح المدينة للمدرب القبايلي أنهم لن يمنعوه من الخروج وإن فكر في ذلك سيتذكر كسكس المدينة وحكاية «أصبحت دكاليا أكثر منكم»..
الجنرال الذي تهكم عليه الإعلام الجزائري يوم سحقه الأسود برباعية مراكش، وفرضوا عليه أن يتوارى لفترة ويتجه للتحليل بقطر، ظل يحمل في حلقه مرارة صفعة مغربية أقسم من خلالها أن يرد الإعتبار لتاريخه وسجله من المغرب الذي قسم ظهره.
بن شيخة فعلا هو من طينة الثعالب التي تعرف من أين يؤكل الكتف وكيف يؤكل، لذلك حين اختار التعاقد مع فرسان دكالة فلأنه لعب على وتر صناعة إسمه إعلاميا بالصورة اللائقة كي يظفر بغلة وكعكة أكبر، لذلك وقع مع الجديدة سنة وتماطل في التجديد.
ستة أشهر كاملة وبنشيخة يماطل الجديديين في التجديد، ويعزف على وتر ديماغوجي مع جماهير الفريق تارة باشتراط التجديد للاعب الفلاني وأحيانا أخرى طلب مهلة للتفكير والتأني قبل بصمة التوقيع في وقت كان الجزائري «كيلعب طويل»..
تعقبت مسار بن شيخة بالبطولة لأجد تفسيرا واحدا للهالة التي أحاط نفسه بها هذا المدرب علني أهتدي لما يبرر سر التهافت الكبير بين فريقين وأكثر لربح توقيعه، فوجدت أن الصحابي وبنهاشم و العجلاني وكل مدربي البطولة حققوا انتصارا خارج الميدان في حين عجز هذا المدرب عن العودة بغلة الفوز من خارج العبدي.
ولأنه منح الجديدة أول ألقابها بعد ظفره بكأس العرش، فقد حملت الإحصائيات تتويج فرسان دكالة طوال التصفيات بضربات الترجيح التي يسميها المحللون بضربات الحظ.
ليس تنقيصا من قيمة بنشيخة ولا هو تبخيسا لكفاءته التقنية وكون عزفه على الوتر السيكولوجي وضم اللاعبين والأنصار لصفه، بما يغطي على الكثير من المؤاخذات المسجلة عن نهجه وأسلوب لعبه، لكن وجدت في طريقة تعاقد الرجاء معه وهو الخبر الذي أكدناه منتصف الموسم، ما يحير فعلا ويفرض أن يولي المدرب  لها عناية واهتماما كبيرين الموسم القادم، لأن الجميع سيترقب بصمته في الدار البيضاء وليس الجديدة ومع الرجاء وليس الدفاع هذه المرة.
في مسار الرجاء وتعاقداتها الحديثة مع المدربين هزات ارتدادية عنيفة، والذين صوروا بالأمس البنزرتي على أنه كابيلو إفريقيا عادوا ليخرجوه من النافذة كما أخرجوا قبله فاخر، ولو يستمر إيقاع التعاقدات بهذا الشكل مع المكتب الحالي، فإن الدور سيكون على مدرب ليبي لا محالة، بعدما تم تجريب وصفات مغربي وبعده تونسي فثعلب.