لو تعلن الجامعة عبد المالك أبرون ناطقا رسميا يعوض صمتها الذي يجعلها في كثير من المناسبات شيطانا أخرس، فسيكون قطعا السيد لقجع قد انتصر للرجل المناسب بالمكان المناسب، وأضاف للجان التواصل والماركوتينغ وهلم شرا من حقائب لا يجد الرجل مشقة في حملها، حقيبة الناطق والمتكلم باسمها.
أبرون وأقصد عبد المالك الأب وليس سواه، هو مفرد بصيغة الجمع كما سبق وأن سميته، بعصاميته التي حاول من خلالها أن يصنع لنفسه هوية المثقف فنال أجر المجتهد وهو يصارع على جبهة تحسين أسلوبه الخطابي ومفردات حتى وإن خانته صياغتها في كثير من الفترات إلا أنه ينال أجر المجتهد، جرفته نشوة العالمية بعيدا ليقدم الفتاوي والتنظيرات ويشرع قوانين على مقاسه، لمعاقبة الخارجين عن نصه قبل خروجهم عن نص الأخلاق، إمتثالا لمشيئة ميثاق شرف يصممه على مقاس خاص وخاص جدا.
رئيس المغرب التطواني يبشر هذه الأيام بمدينة فاضلة لكرة القدم، لا يجرؤ من خلالها مدرب على انتقاد زميل، ولا يبصق فيها لاعب في إناء فريق، ولا يتجرأ فيها صحفي على الكتابة بأظافره، ووضع الكل تحت وصاية جامعة سنكتشف معه أنها ستتحول لمحكمة تدين هذا وتمنح صك البراءة للثاني.
توعد أبرون أثيريا مدربه العامري وحذره من اللغو في المجالس وينتقد مورينيو البرتغالي، حتى ولو قدم نجله شهادة البكر شهادة لذوي القربى وقارن بين مورينيو السبيشل وان المرصع بأقوى البطولات ومدرب فريقه الذي قال أنه لعب كرة لم يلعبها مورينيو.
رئيس الحمامة أرعد الجميع، استحضر زلات اللاعب والمدرب والصحفيين وطالب بتقليم أظافر السابحين في غير فلك السانية والملاليين، ولم يذكر لنا سوءات المسيرين الذين يمتصون عرق لاعبين ويحولونهم من مظلومين لمدانين، ومن أصحاب حق لأبناء عاقين.
لايكاد ينكر على الحمامة البيضاء استحقاقها للقب البطولة غير لجوج أو مكابر وحتى معاند من الدرجة الأولى، بعد أن اجتهد الفريق وقاوم المطبات ليظفر بالدرع وينال أجر العالمية، لكن ما ليس من حق آلـ أبرون أو حتى من يدور في فلكهم هو أن يعتبروا الكرة التي يقدمها الفريق بالخارقة للعادة أو المثالية التي لا تضاهى، ولا حتى بالماركة المسجلة غير القابلة للتقليد والنسخ.
بين المجد و الضياع شعرة، وبين ما تحقق للمغرب التطواني خلال آخر 3 مواسم تحت مظلة أبرون وما كان سيكون عليه الوضع لو أن الجامعة السابقة كيفت حكما غير الذي نطقت به يومها بحق 14 لاعبا ثاروا فنالوا جزاء ربيعهم  التطواني بالإدانة والغرامات، أكثر من مقال.
المغرب التطواني بمدربه الحالي العامري المتوج بلقبين هو ذاته الفريق الذي كان يهبط في أول سنوات حضور نفس المدرب للقسم الثاني بفاس لولا ألطاف الله وعدله.
والرئيس الحالي الذي يبدو أنه في طريقه لتكريس ولايات طويلة ما شاء الله أن تمتد احتكاما للنجاحات التي يوقع عليها، ولإمساكه بناصية الفريق وضبطه لمقود القيادة بإحكام شديد، كان في وقت ما قريبا من المغادرة، بل أنه غادر لصالح أرنب سباق حداد لم يلين الحديد بشكل صحيح، فسحب السجاد والحصيرة من تحت أقدامه ليعود بولاية جمع استثنائي منحه شرعية التقرير والفعل.
من حق أبرون أن يتحول لمنظر ومشرع ورجل فقه وقانون وأن يتكلم عن فريقه الذي يشبه البارصا حتى وإن كان هو عاشقا للريال، ومن حقه أن يطالب بتخليق مجال تلوث وغزاه محللون يفهمون في الكرة والعير والنفير وفي كل شيء، ويصدمون الخلق بمصطلحات مسطحة يجعلون كنهها وتعريفها..
من حق الرئيس أن ينتشي بفرحة التتويج والعالمية وهو الذي حضر مرافقا للرجاء بأكادير ومراكش وأقسم أن يعود لواحدة من المدينتين ليس شاهدا بل عرابا لأحلام فريقه..
رئيس المغرب التطواني صمد بعد أن غادر أكرم، وقاوم بعد أن رحل بناني وكسف في ظل العلمي، واستمر هو بعد أن انسحب السبتي، وبنرامي و..و.. وآخرون ممن تمت المراهنة عليهم ليكونوا رؤساء الجيل الثالث المبشر بهم..
صمود الرجاء ونفسه الطويل يعطيه شرعية قول ما يشاء وكيف يشاء، لأنه حول فريقه لصناعة وليس محلبة كما فعل آخرون، لكنه فقط عليه أن يعيد قراءة ما كتبه لاعبوه على قمصانهم «كيفما يكون لونك الأتلتيكو ستأكلك» لأننا سننتظر إن كان سيقوى على لون أنشيلوتي الأبيض أم أنه اختلطت عليه الألوان؟