هرمنا لأجل بلوغ هذه اللحظة..

هكذا حدثني صديق ودود ممن يقدرون قيم الصداقة ولا يبصقون في إنائها لمجرد قضاء الوطر وبلوغ الغايات، بعد أن اعتلى الريال عرش الكرة الأوروبية ليتسيدها و يعلن قدومه للمغرب مرحبا به.

لم أجد طوال مسيرتي المتواضعة في رحاب صاحبة الجلالة ما يجبرني على كتم العشق والإنتماء للعريق الملكي، حاولت جاهدا التمرد على تقليد موروث اعتبرته للوهلة الأولى بئيسا وغير ذي سند، بأن يتحفظ الصحفي عن هوية الفريق الذي يبادله العشق ويدخل مدن النفاق ويتلون كالحرباء بكل الألوان، حتى يقال عنه أنه محايد أو موضوعي وهلم شرا بصفات تصنف بالحق الذي يراد به باطلا.

ADVERTISEMENTS

إعلان عشقي الكبير بل ولهي به فريقا ومذهبا كرويا، لا يفسد لود الموضوعية ولا الحياد قضية، وهو ما يسير عليه إخواننا في الدايلي ميل والدايلي ميرور والماركا والآس وإلموندو ودون بالون..

لا يوجد ما يعيب أن تكون رياليا أو برشلونيا، لكن أن تتحلى بجرأة النقد وبفصاحة المديح للفريق المستحق حتى وإن كان من الضفة المقابلة التي ينتمي لها الغريم، ولطالما نظمت شعرا في حق البارصا منذ أولى إطلالاتي وأولى إرهاصات كتاباتي في حضرة الرائعة «المنتخب».. لما كانت تستحق ذلك وإن كنت وفق نظرتي النسبية التي تجيز لي حق التقييم لم أراها يوما و قد أسبلت عليها رداء المتعة وروعة الأداء التي أتحفني وأطربني بها الريال حتى صرت من مدمنيه..

خلت نفسي في فترة من الفترات أني نحس على الريال، الذي تفاعلت معه فرحا و أنا الطالب بحضرة مدرجات الجامعة، و المواكب لـ «المنتخب» قارئا  لما صرت واحدا من أعضاء الفريق عجزت عن تقاسم هذه الفرحة والألمعية الأوروبية بالكأس العاشرة الهاربة منذ 12 حولا وما يزيد.

بلشبونة وبملعب أنوارها سطع نور الريال الذي أسعد عشاقها وكحل أعينهم بالنجمة العاشرة أو «لا ديسيما» وأدمى قلوب من لم يعترفوا بها أسطورة و فريقا خارج التصنيف وسابحا فوق السحاب بأنطولوجية تاريخه وخزانته الذهبية التي لا تضاهى..

قدم الريال والرائع أنشيلوتي وصفة سحرية وطبقا كرويا راقيا ودسما كرس به ومن خلاله،سيادته ولماذا هو فريق غير عادي بإيمانه القوي وإصراره على الإنتصار لشموخه وكبريائه حتى وهو يطارد هدفا كما يطارد العطشان السراب في زمن قاتل كان يتآكل سريعا وتتآكل معه أعصاب عشاق هذا الصرح الكروي الكبير والرائع..

لروحه العالية، لأسلوبه اللاتيني المتميز والفريد من نوعه، لتنويعه ولسعات مرتداته التي تدرس في حضرة اكبر مدارس تخريج المدربين، وللقامات الباسقة للاعبين والجواهر والزمرد الذي يحوه ضمن كتيبته، ولنصاعة قميصه الذي يعكس الصفاء والجمال والبراءة وكل القيم الرائعة، وللفرحة التي غمرني بها صبيا فيافعا ثم شابا.. لكل هذا كتبت صفحات العشق للريال الملكي الأرستقراطي الشامخ الذي كنت أرى فيه فريق المثقفين صغيرا، قبل أن أكبر والمس أنه فريق العظماء والعباقرة والنبوغ..

كان سيكون اغتيالا للمنطق، وضربا للكرة الجميلة ووئدا لأحللام المتعلقين بالجلد المدور المحمةل على الغدر واللا إنصاف لو انتصر الأتلتيكو الجار الصغير المتاخم لسيبيليس، حيث مسرح احتفالات الريال.

إستحق الريال تتويجه بالعاشرة الخرافية لكونه بعد التعديل أكد أنه أهل لحمل التاج، وأن لسعة السفاح غودين كانت ضربة غادرة لا غير وهو ما عكسه إصرار الريال على التدارك وانهيار الروخي بلانكوس لمجرد عودة العداد لنقطة الصفر.

الآن وقد اعتلى الريال عرش الكرة الأوروبية وهو الذي كان بمقدوره أن يخلد لسنة أسطورية بثلاثية غير مسبوقة بتاريخه لو لم يفرط ساذجا في حلم الليغا، يمكننا الحلم بمونديال أندية أسطوري وأكاد أجزم على أنه سيكون أنجح مونديال أندية عبر التاريخ طالما أن غزوة عشاق الملكي وجحافل مناصريه ستعسكر بالرباط ومراكش بفترة طويلة قبل ضربة بداية الدورة.

ADVERTISEMENTS

لأصدقائي داخل «المنتخب» الذين يتقاسمون معي عشق الريال، عبد الإله النابلسي ومحمد ناكور بقمطر الإخراج وإبداع ديباجة عرض المنتوج في حلته المنقحة، مرورا بسي محمد النابلسي وعباس ماشيش وانتهاء بعبد الرحيم مصلوح وقبلهم جميعا السي بدر الدين الإدريسي والذي لم يأخذه عشقه المتنطع للريال دون أن يكافئ البارصا والباييرن والمانشستر وكل كبار القارة مع توجيهات بتوخي الموضوعية والحياد الذي ينصف أصحابه.. ولعبد القادر القدوري وزهير ناشر وسي محمد الهواري وشقيقي رشيد وحميد بلمقدم..

لكل هؤلاء ألف ألف مبروك بـ «لاديسيما» وللريال زيديني عشقا زديني وحللت أهلا ونزلت سهلا بالموندياليتو..