و أخيرا أصبح لكرة القدم المغربية مسؤولان يعزفان على نفس الوتر، يستأثران بكتابة الكلمات واللحن والأداء، ليتركا لمن يدور في فلكهما الإكتفاء بترديد الكورال. يتقمصان دور البطولة المطلقة وما دونهما كومبارس لتأثيث الديكور..
مرة أخرى يقدم فوزي لقجع نفسه وبطاقة اعتماد جديدة لرئيس جامعة يغرد خارج سرب كل من سبقه لنفس الكرسي، ولم يعد بحاجة لا لناطق رسمي ولا لمن يعيد قراءة بلاغات جهازه، حيث أظهر الرجل أن فمه ليس به ماء  قادر على قول كل شيء وأي شيء..
الآن اتضح لمن ظل يبحث بفضول وشغف عن سبب التباعد الكبير الذي كان موجودا بين أوزين والفهري، بين سياسي يجيد غزل الكلام ومهندس يقدس لازمة «الصمت حكمة».
كان أوزين بحاجة لرئيس جامعة بمقاسات لقجع، رئيس يعزف نفس اللحن وقادر على تحويل فمه لمدفع رشاش يطلق قذائفه في كل الإتجاهات.
من تابعوا أوزين بــ 90 للإقناع اقتنعوا بجرأة وزير بإمكانه أن ينتفض ويتجاوز حدود المعقول والمنطق لتبرير ما لا يحتاج لتبرير.
ومن عاينوا ما نبست به شفاه لقجع خلال ندوة تقديم الزاكي، أيقنوا أن رئيس الجامعة قد يتحول لنجم كل الحلقات القادمة، ولكل المؤتمرات التي سيحضرها إن هو واصل بنفس الحدة ولم يراجع علامات التشوير الطرقي وإشارات المنع أمامه..
ورط رئيس الجامعة نفسه في سجالات بيزنطية كان من الممكن أن يتعفف عنها، كان بإمكانه أن يرتقي بالنقاش عاليا دون أن يفرض على نفسه كل مرة الإعتذار، بعد أن يكون قد استل سيفه من الغمد ونهش به جلد هذا وذاك..
كان من الممكن أن ينأى بنفسه عمن يوجه له نصيحة التوجه لرئاسة فريق بالأحياء إن لم يكن قادرا على قبول مقترحات قبيلة إعلاميين تعودوا على السلخ ولم يجربوا وصفة أن يكونوا الجسد المسلوخ بعد..
وكان بمقدوره أن يدير لسانه في فمه سبع مرات كي لا يتسرع في البوح والكشف والتصريح وحتى التلميح الذي يورط صاحبه، فلا يجد نفسه محرجا بالحديث عن «بورسونطاج» كما لن يحرج الغير بنصحهم بالسمسرة بالعقار وهو المدرك أن نائبه بودريقة من أصحاب الإختصاص..
فطن أكرم للمشهد مبكرا، فرفض الإنخراط في دراما تتيح أمامه الإكتفاء بدور الكومبارس وهو الذي ظل يرفض الدور بالجامعة السابقة، ويؤكد أنه يفضل دائما المشي على السجاد الأحمر ويعشق ترديد «ولا الضالين آمين»..
داخل تركيبة لقجع وبعد شهر على خروج المكتب الفيدرالي للوجود، لا تظهر بصمة واحد من الأتباع، حيث يستأثر رئيس الجامعة بالأضواء  يعيش البقية في ظله عيشة «الدبانة فالبطانة»..
لغاية اللحظة لم يتح في ندوة من الندوات رئيس الجامعة لواحد من حوارييه تحديد مجال إبداعهم، هو الكل في الكل وكل ذلك ترسيخا لمبدأ مقاربة تشاركية بصيغة الرئيس.
صحيح أن صمت الفهري كان مستفزا في تجربة دامت 5 سنوات يمكن إحصاء عدد الكلمات التي نطق بها، كما يمكن تقديم جرد بالجمل التي صاغها..
وصحيح أيضا أن الكثير منا حمل لوما قاسيا للفهري على صمته المريب حين كانت الضرورة تفرض أن يخرج على رؤوس الأشهاد ليقدم بعض البيانات..
وصحيح أيضا أن هناك من قصف التجربة العسكرية، وطالبوا برئيس يجيد البلاغة ويروي المعلقات وينظم القصائد ليشفي الغليل..
كل هؤلاء الذين هاجموا تجارب السلف الصالح، سيشدهم الحنين لاستحضار صمتهم، وذلك حين تشنف أسماعهم كل ندوة بهجمات وهجاء رئيس يجيد «الكونطرا - طاك»..
فكم كان الصمت ذهباً عندما يصبح للكلام لون النحاس.