كم هي غريبة تفاصيل وتصاريف القدر والكرة المنفوخة بالريح، فمن سرته جامعة ساءته أخرى، وعلى قدر العزم تأتي العزائم..
هكذا انتهت قصيدة بدأت بقوافي الهجاء وفي بحر أبياتها عاش الإثنان أسوأ المرثيات الممكن تصورها، قبل أن يختما الفاصل بتلقي أجمل عبارات الغزل.
القدر لعب أخيرا لصالح الغطاس والإمبراطور وقدمت الفيفا كما هي رياح الربيع الكروي، خدمتها للمدربين معا من دون أن يدريا، فانتشلت الأول من رماد النسيان بعد أن باعوا جلده وصنعوا له قداسا جنائزيا شيعه لما لا نهاية والمقصود به الزاكي، ومارسوا في حق فاخر أخبث أنواع وأشكال الدعاية المغرضة التي صورته بضابط إيقاع الفرق ولا يجيد العزف مع المنتخبات.
بحي الرياض نجح الغطاس الزاكي في إلتقاط اللؤلؤ والمرجان الذي فتش عنه في شارع ابن سينا طوال عقد من الزمن، وكل مرة كانوا يرفعون من درجة التيار، الذي كان يعجز عن مجابهته والسباحة عكس اتجاهه.
إستغل الزاكي شروط الخزيرات التي فرضها إدفوكات بأن يدير المنتخب المغربي بـ «التيليكوموند» من أمستردام بعد أن باعه مواطنه فيربيك «العجل» وأخبره بأن شعب جامعة الكرة المغربية «طيبين أوي» على رأي الزعيم عادل إمام ويقبلون بكل شيء وأي شيء المهم أن تطلب وتكثر الطلب..
الزاكي الذي خسر قبل سنة ونصف سباقه مع الطوسي والعامري كسبه هذه المرة مع إدفوكات وتراباتوني ورونار، ما يعني أن الطوسي أفضل من كل هؤلاء لو نحن طبقنا نظرية «شال» على مقاربة الإختيار.
لحسن حظ الزاكي أنه لم يكن في طريقه هذه المرة أبناء عمه داخل ودادية ماندوزا وإلا لتغير مجرى النهر، كما تغير سابقا حين أشاروا باختيار الطوسي لأسباب خارجة عن نطاق المعايير كما تداولوا وروجوا يومها.
هذه المرة ربح الزاكي المحارة النفيسة التي لم يجدها إمسوان هو يغطس طوال 9 سنوات، لأن من كان ينافسه هو رجل خرف إسمه تراباتوني بلغ من الكبر عتيا واستقدم معه فلول طابور خامس دعائي لخدمته، وهولندي بسوابق وفتوحات كانت ستجلب العار للجامعة لو إختارته للمرحلة.
حكاية فاخر لا تختلف عن الزاكي كثيرا، والمصادفة أن فاخر عوض الزاكي قبل 8 سنوات وغادر بعدها بسنة بعد أن أهل الفريق الوطني لغانا وطلب منه أوزال تسليم المفاتيح لصديقه هنري ميشيل ويقبل بنظرية الإنفصال بالتراضي التي تجنب المؤمنين شر القتال وأشياء أخرى.
الإختلاف بين الزاكي وفاخر هو كون الأخير لا يضع طلباته لقيادة المنتخبات الوطنية، واختياره تم في التجربتين معا بالتسمية والإشارة والأمر، فقد تلقى قبل 8 سنوات مكالمة من رئيس الجامعة بنسليمان فاعتقد أنها لتهنئته بفوز الجيش ببطولة الخريف يومها، قبل أن يخبره الرئيس السابق طيب الذكر بأن يستبدل قبعته العسكرية بقميص الفريق الوطني ليشد الرحال لمصر لحضور الكان.
ذات يوم وجامعة الفهري تنام لتستيقظ على بدعة تركيبتها الرباعية الشهيرة، بكل الخلطات الغريبة التي أفسدت مذاق وطعم الخطة، تساءلت لماذا لم تختصر نفس الجامعة المسافات وبدل أن تختار أربعة كان عليها أن تكتفي باختيار اثنين فقط وقصدت بهما الزاكي وفاخر.
كمغربي يدرك ما للرجلين من هامة وقيمة، وما يزخر به رصيدهما الفكري من قناعات ومبادئ، ولكل الكاريزما التي يشتركان فيها خصلة، كنت أحلم بطاقم قوي وفولاذي للمنتخب المغربي يتواجد فيه الإثنان معا، فيلغيان المسافات، لتنتفي نعرة من يكون الأول ومن يكون الثاني ويكتفيا بترميم ما لحق الأسد الأطلسي من وهن وأضرار.
اليوم لقجع يكسب جولة داخل معارك كثيرة سيجابهها وهو يعين الزاكي ناخبا وطنيا ولو بالمصادفة واحتكاما لمعايير الشروط التعجيزية التي فرضها غيره وعجزت عنها الجامعة، واختار فاخر مدربا للمحليين هو أكثر من يعرف عجينتهم ومن أي خميرة هم.
يقيني كبير بأنه لو تلغى الحواجز بين الإثنين، ولو ينصهرا في خلطة «جوج فواحد» خدمة للمنتخب المغربي، فإن الـ «كان» لن يغادر الرباط كما غادره ذات يوم لصالح الكاميرون.