يدمي القلب ويشعر الفؤاد برجفة كبيرة ما يتناهى من أخبار ومقاطع تلخص واقع الماص الكبير وواقع الفريق الذي كان لغاية أمس قريب منارة إشعاع وفريقا بلغ المجدين المحلي والقاري ولامس لاعبوه شهرة فاقت كل التوقعات.
اليوم تنعق الغربان على جدران الماص، والمتملقون الذين لفظهم التاريخ وتعروا بالكامل لدى الشارع الفاسي لم يخجلوا ولم يغرقوا في بحور الحرج وما زالوا يصرون على تناول شأن الماص باسم الغيرة الكاذبة وباسم النفاق الذي يتلون بلون المرحلة وبلون صاحب «الشكارة» الجديد.
لم يأت الجامعي بالموعد وخلافا لوعوده بجعل الماص فريقا لا يقهر بإفريقيا وقبله قال المكزاري أنه سيجعل منه ريال مدريد المغرب، فلا الماص حافظ على هويته الصفراء الطبيعية ولا هو تحمل بعطر الفريق الملكي.
الجامعي استشار مع والده فأخبره الأخير أن الداخل لبيت النمور مفقود والخارج مولود، وروى له قصة مروان بناني وكيف لذغ هذا الفتى من جحور عدة وبنفس الطريقة.
حكى له كيف أن هناك من يدخل الماص لحما ويخرج عظما، وكيف أن هناك مصاصي دماء بالتخصص لم يغادروا مكانهم على الرغم من تعاقب رؤساء أشكال وألوان وظلوا هم راسخون في نفس المكان يبدلون هذا بذاك رافعين شعار اللهم أنصر من أصبح.
الجامعي وزع الإكراميات على اللاعبين ومارس حركات الإحماء للمرة الثانية بعدما كانت الأولى على عهد بناني، إلا أنه فضل أن يبقى في بيته بعدما أيقن أن كهوف الماص لا يشع منها الضوء ومعتمة وسرداب الفريق بلا قرار.
يؤسف فعلا من هو موالي لحلف الماص وحتى من هو متدثر بثوب الحياد أن يشاهد فريقا تبتع صكوكه وإيصالاته كل مرة بطريقة فجة و مقيتة.
يصيب حقا بالخجل واقع فريق يمثل مدينة العلم وحاضرة الثقافة والأناقة والأنفة من خلال طريقة تسليم الشاهد بين الرؤساء المتعاقبين على سدة الفريق في آخر السنوات، والواحد يبيع للثاني إيصال التسيير.
رحل سعد أقصبي بفعل مؤامرة خبيثة وهو الذي نام المنخرطون في بيته وأصبح على عهد شهود عصر منهم من ما زال حيا يرزق من جيل المجموعة الوطنية الموؤودة، ذلك الثلاثي الذي كان يرسل خصيصا لطبخ الجموع على مقاسات خاصة، فلما حل يوم الجمع العام تفاجأ أقصبي بإنزال 18 منخرطا سبحا فصول في أمر الفريق ورئاسته.
إنقلب أقرب المقربين يومها على أقصبي والذي سيكشف تاريخ الأيام اللاحقة أنه من أنزه وأشرف من تعاقب على رئاسة هذا الفريق ومن أكثر الوجوه دماثة للخلق ومعرفة للرياضة، كيف لا وقد وضع عرق السنوات كلها في أكاديمية لا تبغي المنفعة التجارية ولا تروج تحقيق الربح ومفتوحة بوجه ناشئة فاس حتى لا يجرفها تيار الضياع.
بعد أقصبي رحل بنوحود وقد تسلم بالعاصمة الرباط 100 مليون سنتيم مؤخر صداق سدده بناني «كاش»، بإسم دين حاز صاحبه إقرار منخرطين هم من أقرب المقربين إليه.
لم يكن بنوحود وحده من تحصل على هذه السندات، بل عاد بناني نفسه ليبيع «الساروت» لرشيد ولي علمي والقيمة لغاية اليوم مجهولة بين من قال أنها في حدود 300 مليون وهناك من زاد عليها قليلا.
قبل حلول علمي كان رشيد الحادني أحد رجال الأعمال الذين تقدموا بمشروع ضخم وكبير قد عرض مبلغا لم يقبله بناني، الذي كان مشنوقا يومها بحبل صاحب البورصة.
الكلام المعسول الذي قدمه علمي والوعود الوردية التي ساقها لمحبي الماص ولاعبي الفريق، سرعان ما اتضح أنها أضغاث أحلام ولغو مجالس ورغي وهلم شرا.
فلا الرجل أوفى بوعود التعاقدات ولا هو شيد الأكاديمية التي بشر بها ولا هو دعم عقارات الفريق ولا حتى ضم عناصر مميزة، ليستفيق محبو الفريق والموالون له والموسم في بدايته على قصة طلاق مع الطوسي وغياب مثير للرئيس بداعي المرض وحماية التحذيرات الطبية التي ألزمته الفراش والنقاهة والإبتعاد عن الكرة وصخبها.
وبين قائل أن الجامعي أرهبه الخراب الذي وجد عليه بيت الماص على عهد العلمي، وبين متحدث عن كون الرئيس الحالي طالب هو الآخر بمؤخر صداق كي يسلمه العروس يدا بيد، اختلفت الروايات والمصير واحد وهو كون الجامعي جمع وطوى وفر بجلده مبكرا.
هكذا جارت الأيام على الماص حتى أصبحت تعرض بمزاد العرض كلما انتهى رئيس من نزوة قيادته للفريق، ليقرر منحها لمن يخلفه ولمن يقدم له صادق العروس.
هكذا صارت الماص أشبه بـ «ساروت» ينتقل من يد ليد وكل مرة تنخفض السومة، لكونه لم يعد يوجد بـ «الشوكة» أي الواجهة المغرية للراغبين في التجارة المربحة، بل أصبح كرسي رئاسة الفريق «شوكة» ماسكها يدرك جزاء سنمار الذي ينتظره.