بعيدا عن المناورات وسياسة التقية التي لم تعد ذات جدوى في ظل اتضاح الصورة، وبعيدا عن التكتم والتعاون على الأعمال بـ «الكيت - مان»، لا يبدو اليوم من هو قادر على سحب السجاد من تحت أقدام رجل الزراعة فوزي لقجع، فلا الفيفا ولا أكرم ولا حتى لعبة التحالفات والكولسة بإمكانها أن ترجئ خلافة الرجل البرتقالي لعلي الفاسي الفهري.
أبريل شهر الكذب بامتياز وفي رقم مثير يحمل طابع «13» الذي يخلق حالة تشاؤم كبيرة في أوروبا كلها، سيتطلع مريدو الكرة بالمغرب لإنهاء حالة الإحتباس والفراغ التي رافقت تسيير اللعبة الأكثر شعبية وسيركب لقجع سفينة الجامعة بعد أن يقفز منها الفهري وكل الفيلق من التقنوقراط الذين رافقوه طوال خمس سنوات.
لقجع الذي حافظ على برودة دمه ولم يدخل مدن الأحزان عقب زلزال ومطارق الفيفا التي ساهم فيها أكثر من فاعل، هو اليوم أكثر المؤهلين للمهمة والأكثر مطابقة للمرحلة بعدما ساهمت الرياح العاتية التي ضربت جسور الوداد ومنافسه أكرم في تحطيم كيان أشرس منافسيه وبالتالي استحالة خروج أكرم في عز «الربيع» ليعلن ترشيحه لرئاسة الجامعة كما فعل ذلك بـ «الخريف».
قدم الرئيس الشرفي لنهضة بركان خارطة طريقه في الكثير من الندوات، بشر بالمخطط الأخضر ووعد الهواة والمظاليم وحتى كبار الصفوة بغد أفضل، بزيادة صبيب الدعم والإمداد وبإنهاء معضلة الفقر والخصاص وجعلها ذكرى بئيسة من ذكريات الماضي.
خلال الجمع الإستثنائي الذي حضرته الفيفا مراقبة، بدا لقجع أكثر ثقة وصلابة وثباتا في مواقفه وقدرته على تليين العجين بيديه ليكون عراب المرحلة القادمة، في وقت بدا فيه أتباعه وموالوه أكثر حضورا بعد أن تخلف عن ذات الجمع من كانوا خلال شهر نوفمبر من صقور أكرم.
ليس استباقا للمشهد ولا تخمينا لما سيكون عليه الوضع ولا حتى قراءة في فنجان جمع أبريل، وإنما هو استجابة لمنطق الأشياء ولم يطبخ على نار أكثر من هادئة منذ فترات طويلة، سيكون لقجع هو الرئيس القادم للجامعة ودائما بإسم الديموقراطية..
الديموقراطية التي يحضر فيها الصندوق بالمنطق المغربي الخالص، حيث ستنصهر كل اللوائح لتحضر اللائحة الفريدة التي لن تقبل بالمنافسة وهي لائحة لقجع.
توابل وصول لقجع لحي الرياض تم تهييئها منذ فترة، حيث بدأت مراسيم تسليم السلط والملفات تصل من سيشتغل معه وتوزيع المهام والإجتماعات السرية بالعاصمة تارة وفي الدارالبيضاء تارة أخرى، جعلت من محور الفريق الوطني المشتل والورش الأكثر حيوية والأكثر استرعاء بالإهتمام.
أول برهان سيكون على الرئيس البركاني القادم تقديمه هو من يكون مدرب المنتخب الوطني، ولا شك في ذلك أن الرجل يملك في جيبه أكثر من خيار لأنه لا أحد سيصدق أو يقبل بمنطق أن لقجع لا يملك تصورا للمدرب القادم للأسود وسينتظر لغاية تعيينه ليتولى هذه الجمرة التي حركت جامعات ورؤساء كثر قبله.
لذلك في كل حواراته وتصريحاته، لا يفتأ الرجل ولا يمل من استحضار ورش مدرب الأسود وربح الكان لعلمه وليقينه أن شعب الكرة والمهووسون بالكرة داخل المغرب لا تهمهم لا بطولة احترافية ولا صداع الهواة وأكثر من يرفع رجالات الجامعة والقائمين على شؤونها ويهوي بهم هو عرين الأسود.
سيتطلع الجميع بعد 13 أبريل للتأكد إن كان لقجع قد فاوض فعلا رونار أو مدربين آخرين من نفس السلالة، و سيحاولون الإهتداء إن كان السيد الرئيس ما يزال ثابتا عند قناعات جعل محور اختيار المدرب القادم للأسودمرهونا بقيم ومبدأ التشاور وإشراك فاعلين من أهل الإختصاص.
لقجع الذي اعترف مرارا أنه رفض بالشكل والمضمون الإنضمام في مناسبات كثيرة لفريق علي الفاسي الفهري لاختلاف في المبدإ وزوايا الرؤية، سيكون عليه التأكيد على أنه فعلا من طينة مختلفة ومن فصيلة غير الفصيلة ومن جنس غير الجنس وعلى أنه لم يعقد أي نوع من الصفقات لا مع أكرم ولا مع غيره ممن هم محسوبون على تركة السلف الصالح.
رجل بكاريزما وقدرة كبيرة على التواصل وتطويع الكلام وإحصاؤه والتدقيق في مخارج الحروف كما دشنه لقجع في كل خرجاته الأخيرة، سيشكل فعلا وجها مختلفا عمن سبقه ممن عبروا من نفس الجهاز ومن نفس الكرسي واكتفوا في فترات كثيرة بالتلميح والإيماء أو إصدار الفتاوي لناطقيهم الرسميين لإبلاغ من يعنيهم الأمر بجديد الجامعة.
كل الأمل أن يستفيد لقجع من تجارب ودروس السلف وأن يكتفي بترديد لازمة الأوراش التي أطاحت بعلي من برجه العاجي وجعلته ينزوي لسنة ونصف في خندق سري مرددا ما قاله العندليب «لو كنت أعرف خاتمتي ما كنت بدأت».