بأثر رجعي عاد الزملاء الإعلاميون بعد نهاية الجمع العام غير العادي الذي صادق على الملاءمة التي خضع لها النظام الأساسي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إلى سؤال السيد فوزي لقجع عن التحويرات التي أدخلها على برنامجه الذي قدمه خلال الجمع العام العادي ليوم العاشر من نونبر الماضي، وعلى ضوئه إختير قائدا جديدا للجامعة، إلا أن جواب لقجع كان غارقا في الديبلوماسية التي تخفي أحيانا الشمس بالغربال، فأن يكون السيد فوزي لقجع متشبتا بترشحه لقيادة أم الجامعات فهذا لن يغير شيئا من المصداقية والأهلية التي أضفيناها على ترشيحه، وأن يكون قد صرف كليا النظر عن رئاسة الجامعة لأن ما تداعى في الأشهر الأربعة من أحداث متشابكة يضيق مساحة الإشتغال خاصة وأن الأوراش الموقوفة التنفيذ وحتى المشمولة بالتنفيذ العاجل بعد انتخاب إدارة جديدة للجامعة لا تحتمل الخطأ، فإن ذلك لا يمكن إعتباره جبنا أو تملصا من المسؤولية، ولكن أن يقول السيد فوزي لقجع أنه لم يقرر بعد الترشح لرئاسة الجامعة فبالأحرى أن يكون قد شكل اللائحة التي سينافس بها على خلافة علي الفاسي الفهري يوم ثالث عشر أبريل القادم، فهذا ما لا يمكنني أن أستصيغه لأنني قلت ذات مرة أن تدبير المرحلة على كارثيتها يقتضي من أي رئيس مفترض للجامعة أن يتمتع بشيء من الإستباقية في تجهيز سيناريوهات مرتبة بحسب الممكنات لأكثر الأوراش إستعجالية.
أمكنني في مقابل ذلك أن أستشف من حديث السيد فوزي لقجع وهو يعلق على خلاصات الجمع العام غير العادي، ما يليق أولا برئيس مرتقب للجامعة يشترط فيه إلى جانب الأهلية الفكرية أن يكون واعيا بمتطلبات المرحلة لرأب صدع نفسي بالأساس قبل أن يكون رياضيا، وما يؤكد أن هناك إستراتيجية موضوعة بإحكام لمواجهة التحديات القادمة، أساسها إشراك الكل في عملية إعادة البناء بمراعاة الكفاءة وأخذا بعين الإعتبار التخصص، وعندما يلح السيد فوزي لقجع على أن كرة القدم المغربية كانت هي الرابح الأوحد من الجمع العام غير العادي للجامعة والذي أعطاها في النهاية قاعدة قانونية يمكن أن تكون مرتكزا لبناء مشهد كروي مختلف، فإنه بالتأكيد لا يحيلنا على المشهد المائع ولا على الصورة المقيتة التي صدرها جمع العاشر من نونبر الأخير عن كرة القدم الوطنية للعالم كله، ولكنه يحيلنا على التركيبة القانونية الجديدة التي ستسمح أخيرا لكرة القدم المغربية بأن تدخل فعليا زمن المأسسة بكل ما يعنيه ذلك من ضبط المهام والتقيد بعنصر الإختصاص وإقران المسؤولية بالمحاسبة من طرف القاعدة في تمثل من المستوى الأول بأحكام الديموقراطية.
ما عاد الأمر اليوم متوقفا على صراع الأشخاص وعلى التهافت الغريب على المناصب المتاحة في المكتب المديري، ولكنه يربط قانونيا باسم الأنظمة الجديدة المصادق عليها المشهد الكروي عامة بمؤسسات يجب أن تنصب باحترام كامل للوائح، ويجب أن ينتقى للعمل فيها رجال الإختصاص بإعمال صارم لمبدأ الكفاءة ولا شيء غير ذلك، ويكفي أن نقرأ سريعا بعضا من هذه الفصول بخاصة تلك التي يلح عليها المشرع المغربي أو تلك التي تفرضها النظم المعيارية الصادرة عن الفيفا فرض عين، لنتأكد أن الصرح الكروي القادم ستكون مسؤولة عنه جامعة تعمل بمكتب مديري وبلجان قضائية وبلجان معاونة ودائمة وبمؤسسة الكاتب العام المسؤول مسؤولية كاملة عن الهيكل الإداري بكافة تفرعاته وبمؤسسة الإدارة التقنية الوطنية التي ما أصابنا الخراب وما تأخرنا في محيطنا القاري قبل الدولي إلا لأننا أهملناها بل ووأدناها من دون أن يرف لنا رمش عين.
لن يقنعني السيد فوزي لقجع بأنه لا يستحضر كل هذه الخصوصيات الظرفية عندما يتحدث بالفصاحة المعروفة عنه وبالإيحاءات والإيماءات التي لا يفهمها كل من تربوا في رحاب كرة القدم عن حاضر ومستقبل كرة القدم الوطنية هو من تنتظره الجماهير لينهي حالة القهر باختيار الأنسب من الرجال والأكفأ من الكفاءات لإخراج كرة القدم الوطنية من المياه الآسنة.
.............................................................................
إستمعت بإمعان لليسد عبد الإله أكرم وهو يتحدث للزميل نوفل العواملة في برنامجه «بطولتنا» على قناة «ميدي 1 تي في» ووجدت أن الضرورات التي إستجدت في حياة الوداد هذه الأيام والتي كان من أسوئها وأكثرها إلحاقا لضرر كبير بتاريخ وداد الأمة، الهجوم الإجرامي على لاعبي ومدرب الوداد بمقر عملهم بمركب بنجلون يوم الخميس الماضي، هذه الضرورات هي ما أباح الظهور الأخير لأكرم على شاشات التلفزة هو من أصر طوال السنوات التي ترأس فيها الوداد على أن يكون مقلا في حواراته الصحفية بل وأن يحجم كليا عن إعطاء تصريحات إذاعية وتلفزية حتى وهو ينافس قبل أشهر على منصب رئيس لجامعة كرة القدم.
كان أكرم مباشرا في توجيه الحديث لمن يهمهم الأمر، فقد قال أنه لا يفكر في أن يخلد في رئاسة الوداد ولكن إن قرر الرحيل فإنه لن يفعل ذلك بمحض إرادته لأن سنتيما واحدا من مال الوداد لم يدخل جيبه وهذا أمر لا يحتاج إلى تأكيد، وقال أن من يريد دخول بيت الوداد عليه أن يدخله من الباب وليس من النوافذ، وقال أنه معترف بكل الأخطاء التي إرتكبها عن غير عمد وأبرزها عدم تواصله مع محيط الوداد، وقال أن ما حدث في الخميس الأسود لا يمكن أن يكون من صنيع جماهير الوداد لأن جماهير الوداد لا تسرق ولا تنهب ولا يمكن أن تعبر عن إحتجاجها باللجوء إلى الإرهاب وإلى فكر العصابات، وأجمل ما قاله تعقيبا على عبارة «أكرم إرحل» التي ذاعت في شوارع وأزقة الدارالبيضاء أنه يفكر في تغيير إسمه من عبد الإله أكرم إلى عبد الإله إرحل مرحبا بكل صيغ الإحتجاج والرفض إن تم التعبير عنها بطريقة حضارية، برغم أنه يعتقد أن بعض الذين يغالون في الإحتجاج إنما يعملون لفائدة أجندات يعرفها.
لا أستطيع أن أسقط عن أكرم كل التهم التي يرمى بها من أبناء الوداد، فأنا لست من النوع الذي يحسن المرافعات، ولست بقادر على أن أبعد عنه تهمة أنه لم يعمل في وقت دقيق جدا على تمتيع الوداد بقدر كبير من الشفافية في التواصل مع مكوناتها وإن كنت أجزم بأن الوداد ما خلا يوما من التجاذبات ومن تضارب المصالح ومن خروج عن النص، ولكم في الجموع العامة التي أعقبت رحيل المرحوم وطيب الذكر عبد الرزاق مكوار ما يؤكد الهشاشة البادية على منظومات العمل وعلى العلاقة المنكسرة بين مكوناته أكانت في مواقع القيادة أم في صفوف المعارضة كما يصطلح عليها والتي أصفها دائما بالمعارضة الغبية لأن بناء الفريق وحمية مكتسباته تفرض الوقوف على خط واحد وليس على خطين متعارضين.
عموما ما يجب أن يعرفه أكرم إن بقي أو رحل أن الوداد التي تعطاها بقوة القيدومية صفة النادي المرجعي عليها أن تغير نفسها بالشكل الذي يحول دون وقوعها أسيرة لمثل هذه التشردمات الحاصلة اليوم.