المنتخب: إبراهيم بولفضايل
طوى الرجاء صفحة المدرب الهولندي رود كرول مباشرة بعد الإقصاء من نصف نهائي كأس العرش أمام الفتح الرباطي، وبذلك يتكرر نفس سيناريو الموسم الماضي مع الجزائري عبد الحق بنشيخة، ومنذ الإنفصال عن المدرب امحمد فاخر عجز الفريق الأخضر عن تحقيق الإستمرارية على المستوى التقني حيث تعاقب على عارضته التقنية مجموعة من المدربين من مختلف الجنسيات، وكلهم عجزوا عن الوصول لمنصات التتويج ليكون مصيرهم الإقصاء قبل محطة الوصول. فهل هذا يعني بأن الخلل في هذه الأطر أم أن المشكل أعمق ؟ وهل بإمكان الطوسي النجاح فيما فشل فيه من سبقه؟
الإقصاء يعجل بالرحيل
لم يمهل المكتب المسير للرجاء مدربه كرول طويلا، إذ مباشرة بعد الخروج من منافسات كأس العرش توصل في نفس الليلة بخبر إقالته من منصبه، ولم يكن القرار مفاجئا بالنسبة لنا كمتتبعين، باعتبار جملة الإنتقادات التي طالت الإطار الهولندي خاصة في ظل البداية المتعثرة للنسور على مستوى البطولة، وكانت نتائجه في منافسات كأس العرش هي التي شفعت له للإستمرار طيلة هذه المدة حيث منح فرصة إضافية بعد الهزيمة داخل القواعد أمام النادي القنيطري، وبدوره لم يكن الجمهور الرجاوي راضيا على مستوى فريقه ولا على اختيارات المدرب كرول، كما أبدى عدم رضاه على الإنتدابات التي أقدم عليها وخاصة الثنائي الغاني ياكوبو وأسامواه حيث أظهر اللاعبان عن محدوديتهما وعدم قدرتهما على منح الإضافة المرجوة، وجاءت الهزيمة أمام الفتح الرباطي في آخر دقائق المباراة لتقلب الطاولة على المدرب كرول وتحوله لشخص غير مرغوب فيه داخل القلعة الخضراء.
أسباب أخرى كانت وراء الإقالة
مخطئ من يظن بأن الإقصاء من منافسات كأس العرش هو السبب المباشر في إقصاء المدرب كرول بعد حوالي خمسة أشهر فقط على توليه مهمة قيادة الفريق، فالإقالة كانت جاهزة وتتربص برقبة الإطار الهولندي باعتبار المدرب هو كبش الفداء حينما تسوء النتائج، فبالرغم من الفوز بكأس شمال إفريقيا وتصعيد مجموعة من العناصر الشابة للفريق الأول فإن ذلك لم يكن ليشفع للمدرب في ظل تعالي الأصوات المطالبة برحيله عن القلعة الخضراء. ويظهر بأن المدرب الهولندي يجهل خصوصيات الرجاء الفريق الذي وصل لوصافة بطل العالم قبل موسمين قبل أن تتراجع نتائجه بشكل مهول، فالفريق بحاجة لربان قادر على وضعه في السكة الصحيحة في زمن قياسي كما حدث مع الجار الوداد العائد بقوة للمنافسة على الألقاب. ولتوضيح أسباب الإنفصال قال الرجاء في بيان بموقعه على الانترنت: «قرر المكتب التنفيذي للنادي في اجتماع عقده قبل قليل، إقالة الهولندي رود كرول لفشله في تحقيق أول أهدافه هذا الموسم وهو الظفر بلقب كأس العرش».
وأضاف: «ناقش أعضاء المكتب التنفيذي بشكل مستفيض موقف الفريق من الناحية الفنية، وتبين لهم ضرورة فك الإرتباط بالمدرب الهولندي لفشله في اختيارات اللاعبين، وسوء إدارته لمباريات الفريق فضلا عن توتر علاقته مع اللاعبين».
و من هنا يتأكد بالملموس بأن الأسباب متعددة لكن النتيجة كانت واحدة، وهي حتمية الإنفصال ووضع نهاية لإرتباط الرجاء مع المدرسة الهولندية، في ظل البداية الضعيفة في البطولة الإحترافية مع وجود النسور في المركز التاسع برصيد سبع نقاط من خمس مباريات، وبفارق ست نقاط عن الصدارة التي ينفرد بها جاره الوداد البيضاوي حامل اللقب.
سيناريو الـموسم الماضي يتكرر
و كما حدث في الموسم الماضي حين تم تغيير بن شيخة بالبرتغالي روماو فإن السيناريو يتكرر مرة أخرى حيث كان البديل جاهزا، فبالرغم من تداول مجموعة من الأسماء المرشحة لقيادة سفينة النسور، فقد كانت هذه مجرد مراوغات، باعتبار انطلاق المفاوضات مع المدرب الطوسي قبل هذه الفترة، فالرئيس محمد بودريقة يلح دائما على وجود ما يسميه «الخطة باء»، وذلك حتى لا يعيش الفريق الفراغ التقني، وربما يكون المكتب الحالي قد استفاد من بعض الأخطاء السابقة وهو يقرر اليوم الإرتباط بإطار وطني بعد فشل التجارب السابقة مع كل الأطر الأجنبية التي تعاقبت على الإدارة التقنية للنسور منذ الإنفصال عن المدرب امحمد فاخر، دون الحديث عن تجربة البنزرتي باعتبار استفادته من تركة فاخر. لذلك جاء القرار بمنح الثقة للإطار الوطني باعتبار معرفته بكل خبايا الرجاء والكرة المغربية بصفة عامة، وكذا بمؤهلات العناصر الرجاوية.
الإدارة التقنية معضلة الرجاء
يكاد يكون هناك إجماع بأن الخلل الذي يعاني منه الرجاء مثله مثل مجموعة من الأندية الوطنية هو غياب للإدارة التقنية بمعناها الحقيقي والصريح، فالفريق الأخضر يتوفر على مشرف عام، لكن المشكل يكمن في السؤال أين تبدأ اختصاصاته وأين تنتهي؟ فالبيان الذي أصدره الفريق الأخضر عبر موقعه بخصوص انفصاله عن المدرب كرول يتحدث عن اجتماع عقده المكتب المسير ناقش فيه اختيارات المدرب البشرية وكذا التقنية، في حين أن أهل الإختصاص من التقنيين هم المخول لهم بمناقشة المسائل التقنية مع المدرب، ومن جهة أخرى فقد منح المكتب كذلك الحق للمدرب في انتداب اللاعبين، في حين كان يفترض أن تكون هناك لجنة تقنية تشرف على الإنتدابات حتى لا يخسر الفريق ميزانية مهمة في جلب لاعبين عاديين. وهنا يظهر بأن المشرف العام لا يتدخل في شؤون الفريق الأول، ليدفع الرجاء ثمن سوء اختيارات المدرب.
هل يكون الطوسي رجل الـمرحلة؟
لا أحد يمكنه أن يجادل قيمة الطوسي كأحد افضل الأطر الوطنية، فالرجل يتمتع بسيرة ذاتية كبيرة وبتجربة مهمة، فهو الذي قاد المغرب الفاسي لثلاثية تاريخية، كما حقق نتائج جيدة رفقة المنتخبات الوطنية، وإن كان لم يوفق في تجاربه الأخيرة مع الجيش الملكي والمغرب الفاسي فإن هذا لا يعتبر مقياسا بالنظر لإختلاف ظرف هذه الأندية. وبالرغم من معارضة البعض لهذا الإختيار فإن الطوسي قد يكون الإختيار الأفضل في الظرفية الراهنة وذلك لحاجة الرجاء لرجل يعرف خبايا الفريق وكذا مؤهلات العناصر الرجاوية ونقط الضعف التي يجب تعزيزها في المرحلة القادمة.
بودريقة في قفص الإتهام
في ظل هذا التخبط وغياب الإستقرار الذي عانى منه الفريق خرجت الجماهير الرجاوية عن صمتها، وحملت المسؤولية للمكتب المسير وفي مقدمته الرئيس بودريقة.
ولم تستثن تعليقات فئة عريضة من أنصار الفريق محمد بودريقة، من مسؤولية الإخفاق، مطالبةً إياه بالرحيل أيضاً باعتباره مسؤولاً عن التعاقد مع مدربين فشلوا في الحفاظ على هوية الرجاء. وحاليا هناك تخوفات من تكرار سيناريو الموسمين الأخيرين حين خرج النسور خاوي الوفاض، وهذا ما يزيد من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المدرب الطوسي، في حين قد تعتبر هذه الفرصة الأخيرة للرئيس محمد بودريقة بعد أن نجح في مناسبات سابقة في إيجاد مسكنات أخمدت غضب الأنصار وآخرها إقالة المدرب كرول والتعاقد مع المدرب الطوسي في انتظار ما سيحمله الـميركاطو الشتوي من جديد على مستوى انتدابات الفريق.