يختتم اليوم الخميس المؤتمر الواحد والعشرون للجمعية الدولية لقانون الرياضة الذي صادق المؤتمر العشرون بإجماع أعضائه وباقتراح من الأخ والشقيق الدكتور السعودي ماجد محمد قاروب أن تكون مراكش الحمراء هي المستضيفة له، شرف تحظى به عاصمة الثقافة والعلوم كأول مدينة عربية وإفريقية تستضيف أشغال مؤتمر يتصدى بالفعل لواحد من أكبر وأكثر الأضلاع حساسية في المنظومة الرياضية، التقنين والتشريع الرياضي بمختلف أجناسه وفروعه.
قطعا لا يمكن أن نكتفي بالثقة الدولية التي حظيت بها مراكش وهي تعين لأن تكون قبلة لكبار القانونيين العالميين في مجالات التشريع الرياضي، ولا يمكن فقط أن نعتز فوق هذه الثقة بالجدارة التي تتمتع بها مراكش في إنجاح مثل هذه التناظرات ذات الصبغة الكونية، فتلك أشياء مكتسبة ولله الحمد بقوة الطبيعة والموروث ويجري إستثمارها على النحو الأكمل، فما يجب تقديره جيدا هو التوقيت والمناسبة والسياقات الزمنية التي يعقد فيها مؤتمر الجمعية الدولية لقانون الرياضة، لنقف على حجم الإستفادة التي يمكن أن نحصل عليها ورياضتنا الوطنية لا تملك رصيدا كبيرا في مجال التقنين الرياضي ولنحدد أوجه الإستثمار في مثل هذه التجمعات العلمية وهي تلقى الضوء على جوانب تكاد تكون مغيبة في العمل الرياضي الوطني، ليس بسبب قصور في الهيكل القانوني ولكن بسبب ضعف آليات الإشتغال وغياب عنصر الإختصاص لتدبير كل ما له علاقة بالقانون، تحيين الأنظمة وخلق غرف التقاضي وتوسيع دائرة الثقافة القانونية لدى كافة المتدخلين في الفعل الرياضي. 
لم يفاجئني أن يكون الحضور المغربي محتشما في هذا المؤتمر الذي تفضل إخوة أشقاء لنا بإحضاره إلى المغرب وتحديدا لمدينة مراكش لتعم فائدته العلمية والرياضية والثقافية فالسياحية، فأبدا لم يكن غياب التمثيلية المغربية من خلال من يديرون لجان التقنين والتقاضي وفض النزاعات داخل الهيئات الرياضية من جامعات ونوادي عنوان تقصير، ولكنه كان فضحا كبيرا للخصاص الذي تشكوه الرياضة المغربية في هذا المجال الحيوي على مستوى الكفاءات البشرية المتخصصة، وكيف ننكر وجود هذا الخصاص المقلق والمزمن وقد مر علينا في السنتين الأخيرتين ما يبرر هذا الأمر، فالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عوقبت على عدم ملاءمتها لأنظمتها الأساسية التي سنها قانون التربية البدنية والرياضة 30ـ09 للنظم المعيارية للإتحاد الدولي لكرة القدم، بأن علق جمع عام لها وألغي كل ما إنتهى إليه من قرارات، وكذلك كان الحال مع الجامعة الملكية لكرة السلة، والمغرب عندما أراد أن يدفع عنه عقوبات رياضية ومالية ثقيلة صدرت في حقه من الإتحاد الإفريقي لكرة القدم على خلفية إنسحابه من تنظيم كأس إفريقيا للأمم في نسختها الأخيرة، إضطر للجوء إلى مكتب محاماة دولي متمرس بالترافع في النزاعات الرياضية، ليقاضي الإتحاد الإفريقي لكرة القدم لدى المحكمة الرياضة الدولية (طاس) مع ما كلفه ذلك من توابع مالية كبيرة.
ليس هذا فقط بل إن ما ينثر يوميا في المشهد الرياضي الوطني من قضايا بعضها يسيطر عليه باجتهادات قانونية وكثيرها يحسم بلغة غير قانونية، يقول أن الرياضة المغربية تحتاج إلى جهاز للتشريع متمتع بالكفاءة العالية لتحيين متواثر للأنظمة الرياضية بهدف مطابقتها مع الأنطمة العالمية التي تتغير بوثيرة سريعة وتحتاج أيضا إلى جهاز للتقاضي هو المحكمة الرياضية التي وردت بنص صريح في قانون التربية البدنية والرياضة 30ـ09.
إن الرياضة الوطنية تحتاج إلى محكمة رياضية تستمد قوتها من أمرين إثنين، أولهما أن تتشكل من رجال ذوي الإختصاص لهم المعرفة الكاملة والدقيقة بخصوصيات قانون الرياضة وثانيهما أن تتمتع بالإستقلالية الكاملة لطالما أنها شرط أول لتحقق النزاهة والحوكمة العادلة.
لقد أمكن لي عبر جلسات غنية للمؤتمر 21 للجمعية الدولية لقانون الرياضة تابعتها بشغف وبحب معرفة لما كنت أجهله، أن أقف على حقيقة ما يجب أن نبذله من جهد على أكثر من صعيد لنصل إلى ما يحثنا عليه الدستور وكافة التشريعات الرياضية في ديباجاتها، الرياضة النظيفة والرياضة المهيكلة والرياضة التي تساوي بين الجنسين والرياضة التي ترتقي بالمجتمع بدنيا وذهنيا والرياضة التي تمثل للمغرب رافعة من رافعات التنمية المستدامة، وأول هذا الجهد أن نجعل الرياضة محمية بقانون يذعن إليه الجميع ويعيش تحته الجميع لا فوقه، وأن نجعل لهذا القانون عيونا لا تنام تسهر على مساواة الرياضيين داخله وتسهر على فض كل النزاعات بالإحتكام لهذا القانون ولا لشيء آخر غيره.
تحتاج الرياضة المغربية إلى سترة قانونية تدفع عنها كل الغارات وتحميها من كل غزوات الغش والإستغلال الفاحش وتبيض الأموال، وتحتاج أيضا إلى قضاء عادل لا يظلم عنده أحد لتتحقق العدالة الكاملة ولتنجح الرياضة في ربح أحد أكبر الرهانات.
شكرا لمن إختار المغرب فضاء للمؤتمر 21 للجمعية الدولية لقانون الرياضة، شكرا لمن إختار مراكش تحديدا لأن تكون قبلة لرجال القانون الرياضي العالمي وشكرا لكل من تطوع من الآن ليبلغ الرسالة، رسالة أن يكون للرياضة المغربية قانون يحميها.