يزعجني كثيرا أن هناك من ذهب تعليقا على ما حدث يوم الخميس الماضي بمركب بنجلون من فعل إجرامي لا قبل للرياضة به إلى الحديث عن نظرية المؤامرة وعن سلوك متعمد يهدف إلى خلق حالة من الشتات داخل الوداد عطفا على حالة الإحتقان التي يعيشها البيت الودادي منذ الموسم الماضي.

ما حدث فعل مشين بلا أدنى شك وجريمة من الجرائم المنظمة التي يجب قبل ملاحقة مقترفيها لتقديمهم أمام العدالة، أن نبحث عن مسبباتها وعن تداعياتها، ولكن هل يكفي أن نستحضر فرضية وجود فعل إنتقامي أو حتى فرضية زرع الفتنة لكسر شوكة من يتشبتون اليوم بقيادة الوداد برغم تصاعد أصوات الإحتجاج لننزع عن هذا الذي حدث جانبه المأساوي وكل الخطر المحدق الذي ينبه إليه؟

لو كان الفعل محرضا عليه من الذين يتنازعون قيادة الوداد اليوم فإن العدالة لا بد أن تصل إلى كل هؤلاء الذين خططوا ودبروا للفعل الإجرامي لمتابعتهم قضائيا وللتشطيب عليهم نهائيا من دفاتر التسيير الرياضي، لأن لا شيء في قيم الرياضة يسمح بهذه القذارة وبهذا التعدي السافر على حرمات الأندية وترويع اللاعبين، ولو كان الفعل مظهرا من مظاهر الشغب في صورته المستحدثة فالأمر يفرض بحسب رأيي مقاربة جديدة لا تهتم بتجريم الفعل لأن ذاك الأمر أصبح اليوم من إختصاص العدالة التي تحفظ للأشخاص الذاتيين كرامتهم، ولكن تهتم بدراسة الأبعاد والمسببات للقطع معها مخافة أن تستفحل وتصبح لازمة لكرة القدم الوطنية، فما عاشه لاعبو الوداد من هجوم إجرامي وهم محتمون في قلعة العمل بمركب بنجلون ربما كان الأكثر مأساوية لأنه كانت هناك أفعال مشابهة لم تأخذ حقها إعلاميا إما لأنها حصلت مع أندية ليس لها صدى في حديث الصحف وإما لأنها كانت أخف وطأة، لذلك وجب طرح الأسئلة التالية..

ADVERTISEMENTS

هل هذا الذي حدث يمكن عزله عن مشاهد العنف والشغب التي ما إن تتراجع قليلا حتى تعود أكثر درامية؟

هل لهذا الذي حدث صلة بالتمييع الخطير الذي أصابت به مسلكيات المسيرين على مستوى الجامعة والأندية كرة القدم الوطنية؟

هل هذا الذي حدث دال على أن الأندية حتى العريقة والمرجعية أصبحت محكومة من الجماهير التي جربت أن تغير حال الأندية وتقيل مدربين ومكاتب مسيرة ونجحت في ذلك؟

وهل يمكن القول أن التناحر والتطاحن ونشر الغسيل الوسخ على أثير الإذاعات وأعمدة الصحف وعلى مواقع التواصل الإجتماعي هو ما ورم الوضع ودفع إلى هذا الفعل المنبوذ؟

أعتقد أنه من الضروري إستحضار هذه الأسئلة مجتمعة عند أي مقاربة تهدف إلى وضع الظاهرة في مبناها العام، فلا يمكن عندما نجمع على ضرورة أن نؤسس لكرة القدم مشهدا جديدا غير هذا الذي يوجد اليوم وقد ساء وترهل وأصبح لا يشرف أحدا، أن نلغي صورة الشغب التي تتبدل يوما بعد الآخر وتهدد كرة القدم بالموت الزؤام.

إن الإدارة الجديدة للجامعة الملكية لكرة القدم والتي سينتخبها الجمع العام العادي، مطالبة بلا أدنى شك بأن تعتمد إستراتيجية جديدة تذهب بالأساس إلى تنظيف بيت كرة القدم من كل ما علق به من صور مشينة قد يكون الباعث الأساسي عليها هو هذا التسيب الذي عاشته الأندية والجامعة على حد سواء، وتنظيف البيت يتطلب بكل تأكيد أن تهتم الجامعة بكل ما يتصل بممارسة كرة القدم تقنيا وتدبيريا وماليا ولوجستيكيا من دون التنقيص من أي ظاهرة من الظواهر التي لاحت في الأفق والتي يعتبر هروبا منها أو عجزا عن ملاحقتها الإدعاء بأنها ظواهر دخيلة على كرة القدم الوطنية.

ADVERTISEMENTS

ما من شك أن ما حدث مع لاعبي الوداد في الخميس الأسود موجب لكثير من التشدد في المتابعة والتحري والنطق بالأحكام في حق من تسببوا في ذلك، ولكن ما لا يجب أن نمر عليه مرور الكرام أن الوداد بما يعيشه اليوم من تطاحنات ما ظهر منها وما بطن، يعتبر فتيلا يشعل الفتنة ويعتبر نذير شؤم على الفريق الأحمر ويعتبر حالة بئيسة في تاريخ وداد الأمة.

ت;x� � ה نه من الصعب على أي فريق أن يتقدم وجمهوره  يقسو  عليه بالإعتداء والسب والتشويش، هناك طرق كثيرة للإحتجاج، طرق حضارية تنبني على النقاش الهادف والنقد البناء، لأن زمن العنف قد ولى، لذلك يجب استحضار  العقل لتذويب كل المشاكل حتى لا تتحول هذه الجماهير التي نتوخى منها الشيء الكثير  للمساهمة في تطوير منتوجنا الكروي إلى عقلاء بالجسد ومجانين بالأفعال.