ــ في كل مرة كنا نقول أن هناك عملا كبيرا ينتظر الناحب الوطني الزاكي بادو، وكنا نقصد بذلك فلسفة وهوية اللعب، إلا أننا هذه المرة وبعد الذي شاهدناه من ودية الكوت ديفوار التي خسرها الفريق الوطني بهدف دومبيا عقابا له على ضعف النجاعة الهجومية، نقول أن الفريق الوطني يحتاج إلى منظومة هجومية وبالأخص إلى محورها، متمم العمليات الذي يكون بمقدوره إصطياد الأهداف من أنصاف الفرص.
كدنا نلوم أنفسنا في أعقاب مباراة ليبيا التي كانت فيها السيطرة مطلقة ولم نسجل من الكم الكبير للفرص سوى هدف وحيد، وأمام منتخب ساوطومي وبرغم الأهداف الثلاثة التي جلبنا بها النقاط الثلاث أهدرنا كما كبيرا من الفرص السانحة، واليوم نعلن منهزمين من منتخب إيفواري كنا أفضل منه بخاصة في الشوط الأول، بسبب أننا لم ننه بطريقة عقلانية كل الفرص التي لاحت لنا بخاصة في الشوط الأول من أفضلية على مستوى الأداء الجماعي.
أمام الفيلة كان المنتخب المغربي متماسكا ومبادرا ومتحكما في إيقاعات المباراة، إلا أنه سيجدد فشله في اقتناص الهدف من كل الفرص التي كان يجتهد في بنائها من مترابطات جماعية تبرز فيها المهارات الفردية، فلا يوسف العرابي نجح في تحويل كل الكرات التي وضعت أمامه كقناص داخل أو بمحاداة منطقة العمليات إلى أهداف تتوج أفضليتنا، ولا عبد الرزاق حمد الله الذي حل في المباراة بديلا للعرابي جلب لنا هذا الشيء المفقود، مهارة اقتناص الأهداف من أنصاف الفرص.
بالقطع طمأننا كثير مما شاهدناه من الفريق الوطني بخاصة في الجولة الأولى التي كان فيها الأداء الجماعي راقيا ومؤسسا على أوتوماتيزمات جميلة، إلا أن ما عاب هذا الفريق الوطني هو عدم قدرته على تشكيل أنماط هجومية ترفع عنه العقم وتعالج ما يوجد فعلا في خواتم البناءات الهجومية من عجز وارتباك وضعف حيلة.
يحتاج الفريق الوطني في صورة ما شاهدناه أمام الكوت ديفوار إلى رأس حربة يتطابق تطابقا كاملا مع منطومة اللعب، فلا يمكن أبدا أن نقبل أن ينتحر هذا الفريق من أجل أن يتسيد ومن أجل أن يربح النزلات التكتيكية وينتج كما كبيرا من الفرص ويخسر بكامل السذاجة بسبب أنه لا يملك رأس حربة أو قناصا للأهداف.

ــ إذا ما قلنا أن الفريق الوطني قدم جماعيا شوطا أول من العيار الثقيل، كان يستحق الخروج منه متفوقا بهدف على الأقل، بالنظر لكم الفرص السانحة للتسجيل التي تم إهدارها، فيما تراجع هذا الأداء بشكل ملحوظ في الجولة الثانية ما سمح للمنتخب الإيفواري بفرض أفضلية نسبية على المباراة، فإنه على المستوى الفردي يمكن القول أن ثلاثة لاعبين فقط قدموا مباراة جيدة إستحقوا معها علامة التميز، المدافع زهير فضال الذي كان في مستوى الآمال المعقودة عليه وشكل مع عصام العدوة متوسطا دفاعيا متناغما غطى على غياب كل من المهدي بنعطية ومراون داكوسطا، والظهير الأيمن فؤاد شفيق الذي حمل على أكتافه مسؤولية إفشال كل إنطلاقات السهم الإيفواري السريع جيرفينهو لاعب روما الذي يفرض نفسه كأحسن لاعبي الأروقة في البطولة الإيطالية، وأضاف على ذلك إتقانه للتغطية ومساهمته في البناء الهجومي إنطلاقا من الرواق الأيمن، وكريم الأحمدي الذي أمن بكفاءة عالية وسط الإرتكاز إلى جانب منير عوبادي، ونجح في إفتكاك العديد من الكرات كما كان له دور في عدد من البناءات الهجومية التي لم تثمر أهدافا للأسف.
طبعا بعد الثلاثة يأتي بمسافة كل من عصام العدوة ومنير عوبادي وعمر القادوري الذي أنعش الناحية الهجومية في أداء الفريق الوطني خلال العشرين دقيقة التي لعبها.

ADVERTISEMENTS

ــ بالمطلق لم يكن حكيم زياش هو نجم مباراة الفريق الوطني أمام الكوت ديفوار، ولكن بالنظر إلى أنه كان يوقع على وثيقة الميلاد الدولية وهو يلعب المباراة الأولى له بقميص الفريق الوطني كصانع ألعاب، فيمكن القول أن ودية الكوت ديفوار إن كنا خسرناها وتعلمنا إزاء ذلك العديد من الدروس، فإننا حصلنا من المبدع حكيم زياش على العديد من الإشارات القوية التي تقول أن هذا الفتى الذي يعزف بيسراه معزوفات جميلة سيكون بمشيئة الله هو صانع الألعاب الذي لطالما بحث عنه الفريق الوطني ولم يجده.
ما قدمه حكيم زياش في الدقائق السبعين التي لعبها قبل أن يترك مكانه ليونس بلهندة، يؤشر على أنه سيتمكن بالمهارة الفردية وبدقة التمرير وروعة اللمسة وبالتسديد المتقن من أن يفرض نفسه كرافعة من رافعات المنظومة التكتيكية.
عموما ننتظر من حكيم زياش الشيء الكثير في القادم من المباريات، ففي جعبة هذا الفتى الخلوق الكثير والكثير.