انتهت الإنتخابات و تفرغ من كان معنيا بصناديقها لتبدأ بالفعل طاحونة الإقالة في دهس الفاشلين و من أخفقوا في الوفاء بما تعهدوا به و تعاقدوا لأجله مع الجامعة، ليحالوا على الهامش في نهاية طبيعته يحكمها سلطان العقد الذي هو شريعة المتعاقدين، و يستحق الرحمة على إثرها كل من زار وخفف، و لم يصر على الإلتصاق بالكرسي رغم أنف المنطق و رغبة جمهور الكرة..
انتظرت الجامعة 3 أكثر من شهرين لعل بنعبيشة يقدم على مبادرة كانت ستحفظ له الكرامة، و كانت ستجعله ذكرى طيبة و ليس ملفوظا خارج الوعاء بالتأفف و الإستنكار أيضا.
لم يستقل بنعبيشة و كان حرا به و هو يعود من تونس يجر خلفه ذكرى بئيسة بخروج صاغر و مهين أمام أشبال ماهر الكنزاري، و بأقبح صورة ممكنة و هو امتداد لكلاسيكيات خروج حسن من كل الإستحقاقات الرسمية و المباريات الفاصلة التي خاضها على رأس كل الفئات التي تعلم فيها «الحسانة».
كان بوسع حسن أن يحسن من صورته و ينتصر بموازاتها لصورة الأطر الوطنية، بأن يتجنب حرج الإقالة و يقدم عن طيب خاطر على طرق مكتب رئيس لجنة المنتخبات في اليوم التالي لعودته من تونس  بالترجل عن صهوة المنتخب الأولمبي، و يتحمل فاتورة اختياراته التي طالما حذرنا من الشبهات المحيطة به و هو يحشر كل مرة فيلق لاعبي الوداد و عناصر محلية منها من لم يضمن لنفسه دقائق معدادات داخل فريقه.
لم يكن بنعبيشة وحده من هوت على رأسه مطرقة الجامعة، فقد سيق واحد من عازفي الجيل الثمانيني الجميل وواحد من الرعيل الذي رافق بنعبيشة في تقديم معزوفات كروية أطربتنا بحق، لكن صورتهم كمؤطرين لم تكن تتطابق بالمرة مع إبداعاتهم ذات زمن، إذ تلقى عزيز بودربالة  بدوره خبر العزل و هو الذي أدمن مؤخرا ملاحقة الدورات الودية و دعوات الحضور في مأدبات خيرية و في تجمعات أبعد ما يكون عن سياق الصفة التي  قدم بها ذات يوم بقبعة الزاكي و طاقمه و بالضبط مستهل ماي من السنة المنصرمة حين جرى تعريفه بقبعة «المنسق العام للمنتخب الوطني».
بذلت مساعي ووساطات و خيط أبيض كثير لردم هوة الخلاف بين بودربالة و الزاكي دون أن يكون ذلك كافيا ليثني الزاكي المعروف بصرامته و«دماغه الناشفة» كما يقول المصريون، عن مواقفه بعدما ألح على جعل مسافة بينه و بين بودربالة ليتحول الأخير لمنسق أحرج رئيس الجامعة كثيرا و لم يكن من مناص غير التخلص منه.
من حق الجامعة أن تبدأ حملة التطهير، أن تنظف بيت المنتخبات الوطنية و أن تعمل على ترشيد معدلات الإنفاق و توجيهها لما هو أهم و أجدى، لكن ألم يكن من الإنصاف أن تطال مقاصل العزل و الإقالة من يتحمل وزر الإخفاقات و الفشل الذريع أكثر بكثير من بنعبيشة و بودربالة و حتى جريندو السائر  بدوره في طريق التنحي و الخروج من خيمة منتخب أقل من 17 سنة؟.
لئن كان هناك من مسؤول أو تقني يجب أن يوضع في محك المساءلة و قفص الإتهام كي يقدم كشفا بالحساب للفترة التي تسلم فيها و من خلالها زمام أكثر من ورش فهو بكل  تأكيد السيد ناصر لارغيت؟.
منذ اليوم الذي حل فيها هذا التقني حوالينا و هو يستهلك الكثير من التنظيرات و الكثير من «الشفوي» دون أن تنعكس مقارباته هاته على أرض الواقع تطبيقيا و بالفعل و الممارسة.
المرور غير الكريم و غير المحمود كان للارغيت بأكاديمية محمد السادس و التي عجزت و لغاية اليوم عن منحنا قامة كروية باسقة بواحد من المنتخبات، و لم يكشف لنا ضرع هذه الأكاديمية ما به من زبد و حليب، و تحول لـ «شكوة» يحوم حولها الذباب غير منتجة  بالمرة و عديمة المردودية.
ما يتوصل به لارغيت اليوم شهريا من جامعة الكرة هو نفس راتب محمد فاخر و يفوق ما كان يتوصل به بنعبيشة و بودربالة مجمتعين، بل هو راتب و تعويض مالي مبالغ فيها و لا توازيه مردودية الرجل الرحالة المستفيد من تذاكر سفر رحلات «بزنس» و من تعويضات تنقل و مزايا أخرى يضيق مجال حصرها.
رواية أو كذبة إشراف لارغيت على المنتخبات يجب أن توضع تحت مجهر التحليل لأن الرجل لا ينظر أطول من أرنبة أنفه، و لا يصل راداره لحمى فاخر و الزاكي المحصنان من وصاياه و توجيهاته و بالكاد مارس بعضا من سلطته على جريندو و الإدريسي و بنعبيشة و النتيجة يعلمها الجميع الفشل ثم الفشل الذريع الذي أحاط بمشاركات و حضور هذه المنتخبات في كل محفل كانت تدخله.
لارغيت أساء لمنظومة المدير التقني بخرجاته غير المحسوبة بعد كل مباراة كان يلعبها بنعبيشة إذ كان هو أول من يشوي جلده و يقدمه للمحرقة، تارة بانتقاد التكتيك وتارة بانتقاد الإختيارات البشرية و أعراف الكرة و ما يعلمه من يعشقها تؤكد أنه  ليس من المعقول في شيء أن تصدر تصريحات من هذا النوع و التي فيها نوع من التعدي على الإختصاص من مسؤول تقني كيفما كان  حجمه.
اليوم لا أحد يتكلم عن لارغيت و الذي تصدى له مامي السملالي في حضرة اجتماع الودادية الأخير الذي نصب ماندوزا رئيسا لولاية أخرى، بعدما بدأ ناصر في استعراض منجزاته «الشفوية» بطبيعة الحال ليطالبه بالإعتراف بمنجزات تقني يفوقه على المستويين الأكاديمي و المهني و هو حسن حرمة الله، و الذي ظل لارغيت يوشوش في أذني لقجع إلى أن أقاله، فرحل حرمة الله ليجد له مكانا يقدر قيمته على السريع بالإمارات و هو اليوم يعيش عيشة راقية هناك بلا مقالب و لا هم يوسوسون.
سمعنا عن قرار خفض عبد الله الإدريسي لراتبه كي يضمن لنفسه مقاما قادما بالفئة التي يشرف عليها، و إن كان اليوم من لا يجرؤ على إقالة لارغيت و تسريحه اجتماما لمعياري الفشل و المردودية الهزيلة، فعلى الأقل سيكون من باب العدل و الإنصاف لو يقبل لارغيت بخفض راتبه السمين  كي لا يواصل حلب ما يقارب نصف  مليار كل سنة باردة  و ساهلة ماهلة.
ظلم كبير أن يقال بنعبيشة و بودربالة، لأن الجامعة ترفض أداء تعويضات شهرية لمدربين أشباح بلا تكليف أو تعويض، في حين تقبل أن يلتهم كبير الأشباح نصف مليار سنويا تكفي لتسخير فيلق مؤطرين و مكونين و تغني عاطلين بالعرام من الأطر.