لم يحدث في تاريخ الكرة المغربية والأجهزة التابعة لها وأن اظهر رئيس لجنة من هذه اللجان أو رئيس مديرية ولاءه المطلق لولي النعمة كما فعلها يحيى حدقة مؤخرا.
الذين أنصتوا لحدقة أثيريا والذين استمعوا له وهو ينثر شعرا رئيس الجامعة فوزي لقجع، لم يصدقوا للوهلة الأولى الأمر ومنهم من عاد بذاكرته قليلا للوراء ليستحضر إن كان من يتحدث هو ذلك المحاضر حدقة الذي كان يرسل من القاهرة حين كان ملحقا بالكاف في فترة من الفترات رسائله ويعد بمدينة تحكيم فاضلة.
قال حدقة أنه يشعر بالفخر  الإعتزاز الشديدين أن يكون لقجع هو رئيس لجنة التحكيم الفعلي ورئيسه المباشر، وأن يتولى التعيينات ويراقب الصافرة ويرسل هذا الحكم للمدشر الفلاني و الآخر للملعب العلاني.
ما قاله حدقة فيه حالة تنافي ساطع، فيه تناقض مع الذات وفيه الكثير من الكذب والإفتراء الذي لا يتيح ولا يجيز أمام شخص كيفما كان نوعه أن يكون حكما وقاضيا، جلادا وملاذا وهو ما أفقد حدقة نقاطا عدة يفترض أن يكون هو من يوزعها على حكام نهاية الأسبوع.
من يعرفون حدقة الحكم وحدقة المحاضر الذي ظل ينتقد من الخارج تجربة غايبي ومن سبق غايبي إعتقدوا أنه سيأتي بجديد، وسيحمل معه فكره الثوري الذي سيجعل من الصافرة المغربية تحاكي أو تقترب من إنجازها التاريخي بمونديال فرنسا حين بلغ رجل الجمارك النزيه الراحل بلقولة سدرة منتهى ما يمكن أن يصله حكم بقيادته مباراة تبارى فيها الفيلسوف زيدان والظاهرة رونالدو على الكأس العالمية.
حدقة تغير كثيرا، وتصريحاته بل حتى مواقفه صارت تحمل كثير من التناقض غير المبرر وغير المقبول، خاصة حين يطلعنا بأن التعيينات تتم من طرف رئيس الجهاز.
العارفون بخبايا الأمور يدركون أن سحب البساط من بين يدي حدقة تم في اليوم الذي جالس فيه رئيس الجامعة بمكتبه وأخبره أنه يعيش بالمديرية ضغوطا لا تطاق بفعل الريموت كونترول والتيليكومند الذي تحاول توجيه التعيينات من خارج هذه المديرية ملاءمة لأهواء أصحابها.
يومها ذكر حدقة بالإسم أبرون وبودريقة وبوشحاتي وهم الضلع ومثلث برمودا الجامعة الذي يستحضر الجميع خرجاتهم الإعلامية مطلع الموسم المنصرم وهم يقصفون التحكيم، بل منهم من استقال فيسبوكيا وشفاهيا من الجامعة بسبب ظلم الصافرة ولم يتم استدعاء أي منهم للجنة الوردي وأخلاقياتها الموقرة حتى وأبرون يصدح بأقوى عبارة «اللهم إن هذا لمنكر».
ويومها أيضا تمت الصفقة بين لقجع وحدقة بأن دعاه ليخرج على قوم الكرة ليخبرهم أن التعيينات ما عادت من اختصاصه، حيث ضم لقجع رجل جمارك وديواني تجهل لغاية اللحظة علاقته بالكرة وهو المدعو «بورا» بجانب الأزهر وليدر الذي اتهمه أهل الماص وزعيمهم بكونه مجرد موظف رجاوي، ومرة أخرى لجنة الوردي غائبة لتطالب بوضع نقطة نظام بالموضوع وتوضيح دلالات الإتهامات الماصاوية.
لقجع فضل أن يضع نفسه على رأس فوهة المدفع ليتحمل هو الوزر والنقد بعدما أيقن أن حدقة لا يقوى على الصد والرد وسيضعه حقا في ورطة كل مرة يعود فيها إليه شاكيا باكيا.
ولأنه مترافع بارع وشكار العروسة بامتياز، لم يتأخر حدقة لمهاجمة مسؤولي الماص وقدم مرافعة حصيفة نوهت بتحكيم النوني واليعقوبي، ونزهتهم عن الخطأ وهاجم من خلالها تصريحات أهل فاس بل اقترب من وصفها بالإبتزاز المقنع الذي لن يرضخ له.
لن نقول أن تحكيمنا هو الأسوأ في العالم، فجميعنا يتابع كوارث تحدث بالليغا وبالبطولة الإنجليزية وبمحطات كروية أرقى بكثير من منتوجنا الذي بالكاد يحبو صوب الإحتراف.
لن نتهم تحكيمنا بالعمالة وكونه يصفر تحت الطلب ويرضخ لتوصيات الهاتف ويأتمر بأوامر منتصف الليل  و«دير الملحة فالطعام»..
لكن تحكيم اليوم الذي يتحكم فيه رجل جمارك المفروض أن يخرج ليتعرف عليه قوم الكرة ويتعرفوا على علاقته بالصافرة وقوانينها ومرجعيته وأن لا يبقى في الظل، هو تحكيم مختلف في الشكل والمضمون عن صافرة رجل الديوانة الراحل بلقولة الذي ما اختلف إثنان على نزاهته، وهناك تكمن الفوارق العشرة لرجلي التعشير.