مثلما أدرك المغرب التطواني أن الفوز على الوداد يمثل له هدفا إستراتيجيا لمواصلة القبض على الصدارة أولا وهو في طريقه لتكرار ما أنجزه قبل موسمين عندما فاز بأول لقب للبطولة الإحترافية وأيضا لإزاحة من كان أحد المنافسين له على لقب البطولة، فإن الوداد البيضاوي كان يعلم علم اليقين أن مباراة الأمس كانت تمثل له انعطافة قوية، فإن نجح في الفوز بالنقاط الثلاث قلص المسافة الفاصلة عن المرتبة الأولى وكسب مباراة من ست نقاط وإن تعادل وغنم نقطة فرمل على الأقل الحمامة البيضاء في تحليقها الحر في الصدارة وإن خسر قال وداعا للقب البطولة ولحلو لعب كأس العالم للأندية.
كانت مباراة الأمس بالنسبة للفريقين معا لحظة حاسمة والبطولة الإحترافية تدخل الثلث الأخير والحاسم، لكن ما تبين أن الفريقين معا تباينا في التعاطي تكتيكيا وسيكولوجيا مع المباراة، فانتصر بالفعل من كان الأكثر جاهزية والأكثر استقرارا والأكثر تطبعا بمنظومة لعب متطابقة، ومن كان متوازنا ومتعطشا ومالكا للحلول التكتيكية هو المغرب التطواني الذي قدم للأمانة مباراة كبيرة في مستوى ما ينفرد به في البطولة الوطنية من شخصية مميزة ومن هوية تكتيكية ينعكسان على أدائه الجماعي وعلى درجة سعار الفوز.
كان من المؤسف حقيقة أن نجد الوداد مرتبكا ومشتتا ذهنيا وتكتيكيا وفاقدا لكل قدرة على إبداء ردات فعل في أزمنة المباراة بخاصة مع تسجيل المغرب التطواني لهدف السبق من متوالية تكتيكية جميلة ومن ضعف كبير في مراقبة المنطقة من قبل مدافعي الوداد، وما يعمق الأسف أن لهذا الضعف الذي أورث هزيمة يمكن القول أنها أعدمت نسبة كبيرة من حظوظ الوداد في المنافسة على لقب البطولة الإحترافية هو من يبتعد اليوم عن المتصدر المغرب التطواني بعشر نقاط كاملة قد يضاف إليها ما قد يجنيه الفريق التطواني من مباراته المؤجلة، أن لهذا الضعف علاقة بقرارات اتخذت على المستوى التقني من دون أن يكون لها أي سند قانوني ومن دون أن تكون لها أي ضمانات لأي نجاح من أي نوع، فمع رحيل عبد الرحيم طاليب الذي لم يقدم له مكتب الوداد تفسيرا منطقيا ومقنعا وهو يحدث في مرحلة بالغة الحساسية، ساء أداء الوداد وتعطلت لغة الفوز وبدأت تتلاشى بعض المكتسبات التكتيكية التي تحققت مع طاليب بدليل أن لا تشكيلة الوداد أمام المغرب التطواني أقنعت ولا الشاكلة التكتيكية نجحت في محاكاة المغرب التطواني ولا تدبير مباراة بمتغيراته التكتيكية وتغييراته البشرية نجح في تصحيح عديد من الإختلالات.
لو كان الأمر يتعلق بعطل فني هو ما عرض الوداد للهزيمة بتطوان أو حتى بنوبة عرضية أصابت اللاعبين فأخرجتهم عن الفورمة، لهان الأمر ولقلنا أن الوداد قادر برغم فارق النقاط الذي يصبح بالفعل كبيرا وضاغطا ومحبطا ولم تبق هناك غير 10 مباريات على إذابة الفارق ما دام أن هناك 30 نقطة مطروحة على المنافسة، ولكن ما أفرزته المباراة بتطوان يقول أن هناك محدودية كبيرة في أداء الوداد سببها أن اللاعبين ليسوا على تلك الدرجة من الإرادة لقهر المستحيل وأن المدرب الشريف لا يملك الأدوات ولا الوقت لقلب الأمور رأسا على عقب، وهو أمر طبيعي، فلا يمكن أن نطلب من الشريف ما لا يقدر عليه وما لا يملكه أصلا.
أخاف أن تكون مباراة تطوان قد أشرت ليس بالهزيمة فقط ولكن أيضا بحجم الأداء وبالشكل الذي قدم به الوداد نفسه على أن لقب البطولة يقف في نقطة بعيدة جدا لا يستطيع لاعبو الوداد الوصول إليها مهما فعلوا، وأجد في ما رأيته ورآه غيري بالأمس بملعب سانية الرمل ما يقول بأن المغرب التطواني إن فاز بالبطولة للمرة الثانية منذ دخول النسخة الإحترافية فإنه سيكون مستحقا بالكامل لهذا التتويج.