لئن كانت هناك وزارة ذاقت الهوان وترملت مرتين على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، فهي بالتأكيد وزارة الشباب والرياضة، الوزارة التي ترعى من الألف إلى الياء الشباب وهو رأسمال المغرب الأول وعليه يتأسس المستقبل وتدير الرياضة التي قدمت المغرب إلى العالم بفضل عشرات الأساطير وتمثل للديموقراطيات الحديثة المجال الخصب للإستثمار ولتسويق الصورة.
لم يكف هذه الوزارة المقهورة أن تكون الرقم الضعيف في معادلة الصرف السنوي للحكومة، كيف لا وميزانيتها السنوية لا تكاد تصل إلى واحد بالمائة، ولم يكفها أن تكون الحقيبة التي تعطى على استيحاء لمستوزرين خاب ظنهم في الحصول على حقيبة إحدى الوزارات وكان من الضروري إتقاء غضبتهم السياسية، لم يكفها كل هذا التعذيب المبرمج، فرأت في هذه الولاية ما لا يمكن أن تصدقه عين ولا أن يستصيغه عقل.
وزارة الشباب والرياضة اليوم بلا وزير وبلا كاتب عام وبلا مدير للموارد البشرية، وأي وزارة تفتقد لهذه الأضلاع مآلها السقوط حتى لا أقول إنها ممددة على فراشها في حالة من الموت السريري، فبعد أن جرى إنهاء فترة عمل كريم عقاري كاتبا عاما لما يقال أنها تداعيات الزلزال الإعلامي الذي حدث في كأس العالم للأندية نهاية السنة الماضية، قضت أحكام الدستور بأن يخلع امحند لعنصر عنه معطف الوزير بعد أن أصبح رئيسا لجهة فاس مكناس، ولأنه خص نفسه بمهمة الحلول مكان محمد أوزين الحركي الذي عصفت به الأمطار التي غمرت ذات ليلة مونديالية مركب الأمير مولاي عبد الله في مشهد كارثي ومسيء للسمعة، على رأس وزارة الشاب والرياضة فإن نجاحه في قيادة جهة فاس مكناس يبعده بالكامل عن الوزارة التي ما حاول منذ دخوله إليها بهدف تصريف الأعمال أن يبحث في أضلاعها المسوسة والمنخورة، ولا سعى إلى النفاذ للجحور المظلمة للوقوف على حقيقة هذه الوزارة التي تقول الخبرات العالمية الصادرة عن مكاتب الدراسات أنها وزارة موضوع على تل من الرمال، كل ما فعله لعنصر أنه أشرف على إدارة وزارة الشباب والرياضة بجهاز التحكم عن بعد وبدم بارد لا ينفعل ولا يتوتر وبعقل الذي كان يظن أن المقام لن يطول به في هذه الوزارة.
غدا عندما يحين الموعد ليقدم السيد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة حصيلة مفصلة ومدققة لكل الذي أنجزه فريق العمل المنتقى بإعمال التوافقات خلال فترة الولاية، لن يجد حرجا في القول أن قطاع الشباب والرياضة كان نقطة الضعف الكبير في الأداء الحكومي، فالأمر لا يتوقف عند العجز الكامل عن إضافة جرعات لميزانية وزارة الشباب والرياضية الشاحبة والمقهورة، ولا عند التقدم حثيثا على درب تنزيل مضمون الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية حول الرياضة، كما لا يتوقف عند كل المشاهد المريبة والجالبة للعار التي مرت على الرياضة الوطنية، ولكن تعداه إلى عدم الإستقرار على قائد بعينه يجتمع فيه ما تفرق عند غيره من الوزراء الذين مروا على هذا المرفق الحيوي من دون أن يرفعوا عنه الضحالة ومن دون أن يعطوه القوة والدينامية لتحقيق إنتظارات شعب بكامله.
على النقيض تماما من منصف بلخياط المكوك السريع الذي ربط المغرب بأحداث رياضية بعضها جلب الفائدة وبعضها الآخر إستنزف الأموال ولم يكن ذا جدوى، وعلى خلاف محمد أوزين الذي ظهر في المشهد مثل دون كيشوت يريد أن يبطل بطريقته المثيرة للجدل مفعول الكائنات المهيمنة على الرياضة بالتوريث إعمالا للدمقرطة وتحقيقا لقدر عال من الحكامة قبل أن تقدمه الكراطة كبش فداء، كان امحند لعنصر الذي ما وضع يوما في الإعتبار أنه سيصبح حاملا لحقيبة وزارة الشباب والرياضة، متمهلا في إبراز الطريقة التي يعمل بها على تصريف الأمور إلى أن يحين موعد الإنتخابات البرلمانية والتي ستفرز حكومة جديدة وخارطة سياسية جديدة.
وما كدنا نعرف للعنصر طريقة وأسلوب عمل هو من فضل التعاطي بكثير من الليونة مع شأن كان يعرف أنه يغلي بالشائعات وبالأخبار التي تستأثر باهتمام الشعب، إذا بمنصب رئيس للجهة يعفيه من المهام الوزارية ويحكم على وزارة الشباب والرياضة أن تعيش حالة من العطالة حتى لا أقول حالة من اليتم، في ظرفية دقيقة وصعبة وخطيرة عليها يتوقف مستقبل رياضة البلد، فبعد أقل من سنة من الآن سيذهب رياضيو العالم إلى ريو دي جانيرو للمشاركة في دورة أولمبية ستحاكم السياسات وستقيم الإستراتيجيات وستختبر عملا إستمر لدورة أولمبية كاملة قوامها أربع سنوات.
إلى هناك ستذهب الرياضة الوطنية للإختبار العالمي لتلتمس من العالم العذر على فشلها الذريع، ستتحدث عن قوة قاهرة جعلتها تمضي زمنا من دون أن يكون لها وزير أو ربان، والحقيقة أننا لا نملك منذ زمن بعيد سياسة حكومية واضحة ومتطابقة لإدارة شأن الشباب والرياضة.