ليلة سقوط الأندية المغربية من البرج الإفريقي

لم يكن أشد المتشائمين ينتظر الخروج المبكر لثلاثة أندية من المنافسة الإفريقية، سقوط له أكثر من دلالة يقول بأن الكرة المغربية مريضة وما زالت تفتقد للمناعة الإفريقية، والأكثر من هذا أنها لم تستخلص  الدروس والعبر من الإخفاقات السابقة، ثلاثة أندية من أصل أربعة سقطت كأوراق الثوث مع افتتاح المنافسة الإفريقية، حيث أنهى الجيش مشواره في الدور التمهيدي، تلاه كل من الرجاء والمغرب الفاسي في الدور الأول، ليبقى الدفاع الجديدي الفارس المغربي الوحيد في المنافسة الإفريقية، وهو رقم  يقول بأن الأندية المغربية ما زالت تعاني وتتعذب كلما تعلق بمنافسة إفريقية.

للمنتخب نصيب من التواضع

ADVERTISEMENTS

قبل الحديث عن المشاركة المغربية على مستوى الأندية على الصعيد الإفريقي، تلقت مؤخرا الكرة المغربية على مستوى المنتخب صفعتين قويتين، الأولى تعلقت بالمشاركة المخيبة للمنتخب المغربي في كأس أمم إفريقيا للمحليين التي نُظمت بحنوب إفريقيا، حيث خرج المنتخب الوطني خاوي الوفاض بعد إقصاء ساذج في الدور الثاني كان على يد منتخب نيجيري حوَل تخلفه بثلاثية نظيفة إلى فوز بضربات الترجيح بعد أن استطاع أن يخرج متعادلا 3ـ3.

الصفعة الثانية كانت في المباراة الودية التي أجرى المنتخب المغربي في بحر الأسبوع الماضي أمام منتخب الغابون، وما قدمه من أداء متواضع وحضور بعيد عن المستوى المنتظر، وزكى التعادل الذي انتهت بها المباراة 1ـ1 تواضع المنتخب المغربي في المباراة وحلقة أخرى في مسلسل صعوبات المنتخب المغربي على المستوى الإفريقي.

العساكر أعلنوها مبكرا

أبى الجيش إلا أن يعلن عن استسلامه مبكرا وهو يعود للمشاركة في منافسة دوري أبطال إفريقيا، بعد أن خرج من الدور التمهيدي أمام ريال باماكو المالي، الفريق العسكري بمدربه رشيد الطوسي راهن على الذهاب بعيدا في المنافسة والعودة للواجهة الإفريقية بعد أن كان أول فريق مغربي يصعد على منصة التتويج الإفريقي.

والواقع أن لا أحد كان ينتظر الخروج المبكر للجيش، اعتبارا لتاريخه على الصعيدين المحلي والقاري دون استثناء الإمكانيات البشرية والمالية التي يتوفر عليها، والتي تجعل منه فريقا يعد من السواعد الكبرى للبطولة المغربية.

المغرب الفاسي لم يكن حاله أفضل من حال الجيش، إذ ودع المنافسة من الدور الأول على يد منافس مغمور إسمه نادي ميدياما الغاني، علما أن المغرب الفاسي فاز قبل موسمين بكأس الاتحاد الإفريقي والكأس الإفريقية الممتازة، مع أن الخروج المبكر من كأس الكاف ما هو إلا تحصيل حاصل لمجموعة من المشاكل التي يعيشها فريق العاصمة العلمية، مشاكل تقنية وبشرية وأيضا مالية، وبالتالي لم يكن أمام هذا الفريق إلا أن يوقع على خروج مخيب ومنتظر.

سقطة الرجاء المفاجئة

هي السقطة التي جعلت الجمهور الرجاوي يضع يده على رأسه متحسرا على السقوط المريع وغير المنتظر للرجاء، ولم ينتظر أشد المتشائمين أن يحكم  النسر الرجاوي  على نفسه بمغاردة مسابقة خطط للفوز بلقبها منذ الموسم الماضي.

الفريق الأخضر وبعد الإنجاز التاريخي في كأس العالم للأندية وبلوغه النهائي، قرر أن يكتب لنفسه إنجازا آخر على المستوى الإفريقي، غير أن كل هذه الأحلام ذهبت أدراج الرياح بعد أن خطف حوريا كوناكري الغيني بطاقة التأهل في مباراة مثيرة، أدى ثمنها الرجاء غاليا بعد أن أهدر فرصة التأهل، بعد أن انهزم أمام جماهيره بضربات الترجيح.

صحيج أن ضربات الترجيح هي ضربات حظ، إلا أن الرجاء يلام كونه وضع نفسه في هذا الإختبار غير المضمون، بل وضع مصيره فوق كف عفريت، الفريق الأخضر كان عليه حسم الأمور في المباراة، خاصة أنه كانت أمامه الفرص الكاملة في الدقائق التسعين، لكن أخطاءا تقنية وتكتيكية واختيارات بشرية تسببت في توقف قطار الرجاء مبكرا في أحد أكبر المفاجآت غير المنتظرة.

تدبير وأي تدبير؟

أكدت التجارب السابقة أن أكثر ما كان يقض مضجع الأندية المغربية هو سوء تدبير المرحلة التي تسبق دخول المنافسة، إذ غالبا ما تدفع ثمن  سوء التدبير والإعداد الهاوي غاليا، خاصة أن المنافسة الإفريقية لا تعترف بالصدفة ولا بالإرتجالية، كما أن النجاح يتحقق عبر إعداد احترافي يستحضر كل أسباب النجاح.

وعندما نقف على حاضر الجيش نتأكد من أن الفريق العسكري عرف أولا إهتزازا تقنيا بعد الإرتباط بالمدرب جواد الميلاني ثمَ التعاقد مع المدرب رشيد الطوسي الذي بالكاد كان أمامه الوقت من أجل تقريب أسلوبه للاعبين، ناهيك أن الفريق عرف رحيل مجموعة من اللاعبين الذين شكلوا دعائم أساسية كالقديوي والسعيدي، وهو ما ترك فراغا كبيرا داخل تشكيلة الفريق.

المغرب الفاسي بدوره لم يكن في أتم الاستعداد للمشاركة في كأس الإتحاد الإفريقي وهو الذي عاش عدة مشاكل تقنية وبشرية ومالية، وبالتالي لم يكن مؤهلا ليذهب بعيدا في المسابقة القارية، فيما الرجاء وبرغم أنه رصد كل الإمكانيات وركز على دوري أبطال إفريقيا، إلا أن الأخطاء التقنية التي ارتكبها أدى ثمنها غاليا، بل يمكن القول أن الرجاء لم يستفد من الإمكانيات الهامة التي رصدت له، إمكانيات مالية وبشرية تقنية وتحفيزية.

اللاعب المحلي في الميزان

سقوط الأندية المغربية مبكرا في المنافسة الإفريقية يعكس بجلاء أن أحوال بطولتنا ليست على ما يرام، كما أن اللاعب المحلي فقد الكثير من النقاط من خلال الحضور المتواضع للأندية المغربية، ومن سخرية القدر أن لاعبي البطولة غالبا ما اشتكوا من الظلم والحيف على مستوى المنتخبات وعدم منحهم الفرص الكاملة، غير أن مثل هذه التجارب تؤكد بجلاء أن اللاعب المغربي يفتقد للمناعة الإفريقية ولم يعد يقوى على مجاراة إيقاع أندية القارة السمراء.

سقوط الأندية المغربية الثلاثة يؤكد أيضا أن الكرة المغربية تخلفت عن الركب الإفريقي ولم تعد تقوى على مجاراة إيقاعها وتخلفت عن الركب منذ سنوات، والأكيد أن المشاركة الأخيرة كانت درسا قويا للاعبي البطولة لقياس درجتهم على الصعيد الإفريقي، الذي يبقى عبارة عن مرآة عكست المستوى الحقيقي للاعبي البطولة.

بطولتنا في قفص الإتهام

واقع الحال يقول إن البطولة تتحمل جزءا كبيرا من الحضور الباهت لأنديتنا، إذ أنها عاجزة عن صنع وتفريخ لاعبين لهم الإمكانيات لمقارعة أندية القارة الإفريقية، والظاهر أن المشاكل التي يشكو منها المشهد الكروي المغربي تؤثر سلبا وبشكل كبير على جاهزية اللاعب المحلي للإستحقاقات القارية.

بطولتنا تعاني الشيء الكثير وقد نخرت جسدها العديد من المشاكل، مشاكل تهم البنيات التحتية والتدبير  العشوائي للأندية، دون استثناء قصر نظرة المسيرين الذين يدبرون أحوال الأندية والشأن الكروي عامة وفشلهم في تحقيق الأهداف المتوخاة سواء على صعيد النادي أو الجامعة، إذ ما يهم مسيرينا هو الحفاظ على مناصبهم وكراسيهم بشتى الطرق والوسائل رغم فشلهم الذريع.

واقع الحال يقول أننا لن ننتظر أكثر من خروج مبكر لثلاثة أندية أمام جامعة لكرة القدم هي نفسها غارقة في المشاكل والارتجالية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، جامعة الكرة التي عليها أن تكون قدوة ومثالا للأندية باعتبارها الوصي المباشر على المشهد الكروي المغربي، هي نفسها تعيش إشكالية تهم وضعها القانوني.

في ظل الوضع الحالي لأنديتنا على الصعيد الإفريقي وفي ظل الإخفاقات التي توالت في الفترة الأخيرة، أصبحت بطولتنا تثير الشفقة، فهي عاجزة عن إنجاب لاعب محلي يملك المناعة الإفريقية وفريق له القدرة لمقارعة الحيتان الإفريقية الكبرى.

عبداللطيف أبجاو

ـــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

المتوجون يسقطون تباعا

من سخرية القدر أن الأندية الثلاثة التي خرجت من المنافسة الإفريقية ذاقت كلها حلاوة اللقب الإفريقي وصعدت لمنصة التتويج، لذلك لم يشفع نجاح هذه الأندية الثلاثة على المستوى القاري، فالرجاء الذي غادر منافسة دوري أبطال إفريقيا من الدور الأول يعد أكثر الأندية المغربية تتويجا على الصعيد الإفريقي بعد أن فاز بخمسة ألقاب، دوري أبطال إفريقيا في ثلاث مناسبات سنوات 1989 و 1997 و 1999 كما فاز بكأس الاتحاد الإفريقي سنة 2003 وكأس السوبر الإفريقي 1999.

الجيش الذي ودع منافسة دوري أبطال إفريقيا من الدور التمهيدي هو أول فريق مغربي يتوج بلقب إفريقي، عندما فاز بكأس الأبطال سنة 1985 كما فاز بكأس الإتحاد الإفريقي عام 2005، وبدوره المغرب الفاسي الذي أقصي من الدور الأول في كأس الإتحاد الإفريقي نال لقب المسابقة قبل موسمين كما فاز أيضا بالكأس الإفريقية الممتازة.

فرسان دكالة.. هل يكررون إنجاز الكوكب؟

الكل يتذكر الإنجاز الكبير الذي حققه الكوكب المراكشي عندما فاز بكأس الاتحاد الإفريقي عام 1999 على حساب النجم الساحلي التونسي، الكوكب وقتها فاجأ جميع الأندية وحقق مفاجأة من العيار الثقيل، خاصة أن الأندية المغربية  التي تلعب على الألقاب كانت معدودة على الأصابع وكانت تقاس بإمكانياتها المادية والبشرية، غير أن الكوكب المراكشي شكل الإستثناء وقضى على أحلام فريق مجرب من قيمة النجم الساحلي التونسي.

ولأنه بقي فارسا وحيدا في المنافسة الإفريقية فإن الآمال أصبحت معلقة على الدفاع الجديدي الذي نجح في اجتياز الدورين التمهيدي والأول بامتياز، مسار الفريق الجديدي يذكرنا في الواقع ليس بالكوكب المراكشي وحده، ولكن أيضا بالفتح والمغرب الفاسي كآخر المتوجين على الصعيد الإفريقي، فهل ينقذ الفريق الدكالي موسم الكرة المغربية القاري؟

العالمي يخسر كبرياءه بسذاجة

لا أحد كان ينتظر أن يحكم الرجاء وصيف بطل كأس العالم للأندية على نفسه بخروج مبكر من دوري أبطال إفريقيا، وهو الخروج التي تحدثت عنه بإسهاب قصاصات الأنباء الدولية خاصة أن شعبية الرجاء قد ارتفعت في الآونة الأخيرة وكسب العديد من الجماهير العربية، غير أن الإقصاء المبكر والطريقة التي ودع بها المنافسة أساءت كثيرا لصورته، خاصة أن أمر التأهل كان بيده.

وانتظر كل المتتبعين أن يذهب الرجاء بعيدا في دوري أبطال إفريقيا ويتصالح مع الألقاب الإفريقية التي غابت عن خزانته لسنوات، خاصة دوري أبطال إفريقيا الذي لا يعترف إلا بالكبار، لذلك كان وقع هذا الإقصاء كبيرا على كل مكونات النسر الرجاوي ومفاجئا لكل المتتبعين من خارج المغرب.

نناح نقطة ضوء وسط العتمة

وسط السقوط المريع للكرة المغربية وخروج ثلاثة أندية في المنافسة الإفريقية، سطع نجم المهاجم الشاب أيوب نناح بامتياز وخطف الأضواء من العديد من المهاجمين المجربين  الذين عولت عليهم أنديتهم، كمحسن ياجور ومحسن متولي وحمزة بورزوق وعبدالسلام بنجلون وصلاح الدين عقال وموسى تيغانا وهشام الفاتيحي وغيرهم.

نناح وفي مباراتين استطاع أن يكتب إسمه بأحرف من ذهب، بعد أن تألق مع الدفاع الجديدي في مباراة الذهاب أمام غامتيل الغامبي وسجل هدفين، كما تألق في الإياب وسجل ثلاثية ليرفع رصيده إلى خمسة أهداف في زمن قياسي، والأكيد أن الأضواء ستسلط على هذا المهاجم الأسمر أكثر في الأدوار القادمة ليكون واحدا من أكبر اكتشافات النسخة الحالية لكأس الإتحاد الإفريقي، إن هو حافظ على نسقه التصاعدي.

بن شيخة قائد الثورة الدكالية

عبدالحق بن شيخة هوامتداد لمجموعة من المدربين الأجانب الذين تركوا بصمات كبيرة في الكرة المغربية، سواء من خلال العمل التقني الذي قاموا به أو على مستوى الألقاب التي أحرزوها، بن شيخة استطاع في ظرف وجيز أن يحدث ثورة دكالية، بدأها بتكوين فريق متجانس لا يتحدث لغة النجومية وأكملها بالتتويج بلقب كأس العرش، في انتظار أن تكتمل فصول القصة الدكالية في كأس الإتحاد الإفريقي، حيث يأمل المدرب بن شيخة ولاعبوه مواصلة العزف على وتر النجاح في المنافسة الإفريقية لتحقيق شيء ما يذكره التاريخ الدكالي بافتخار.

 مشروع رئيس.. مشروع فريق

تتحمل الأندية نفسها مسؤولية الأوضاع المزرية التي آلت إليها الكرة المغربية والنتائج المسجلة في المنافسة الإفريقية، فأغلب الأندية لا تملك مشروعا حقيقيا ولا أهدافا مسطرة تضع مثلا المسابقات القارية ضمن طموحاتها الحقيقية، فأغلب الرؤساء يفتقدون لآليات العمل ولا يضعون الأرضية المناسبة للمنافسة على الألقاب.

الطريقة التي تدبر بها أمور عدد من الأندية تعكس في الواقع حالة الكرة المغربية ومحدودية طموحاتها، لأن الألقاب كما علمتنا التجارب لا تأتي بجرَة قلم، بل لا بد من وضع مشاريع في المستوى ومخططات حقيقية وترك الإرتجالية والهواية والتسيير العشوائي، لذلك لنا كل اليقين أن الرؤساء والأندية على العموم يتحملون ما آلت إليه مشاركة الأندية في المسابقات الإفريقية.

ــــــــــــــــــ

رأي المحلل:

عبد القادر يومير: إقصاء الرجاء دليل آخر على تراجعنا قاريا

وصف الإطار الوطني  عبد القادر يومير الخروج الصاغر للرجاء البيضاوي من الدور الأول لمسابقة أبطال إفريقيا بالكارثي، مؤكدا أن تهاوي وصيف بطل العالم أمام منافس متواضع يعكس بوضوح حقيقة تراجع الأندية والكرة المغربية قاريا.، وقال:

«منذ سنوات ونحن نحاول أن نخفي الشمس بالغربال وأن نعاند أنفسنا على الرغم من كون الكثير من المعطيات كانت دائما تتحدث عن تراجع مخيف للكرة المغربية قاريا.

الإقصاء وبالطريقة التي تابعناها جميعا يلخص هشاشة على المستوى النفسي بسبب متابعة فريق يميل لأساليب إستفزازية حتى لا أقول الشعوذة وبدل أن يكون هناك تركيز على المواجهة ركزنا على تفاهات وجزئيات أثرت علينا سلبيا.

الحضور البدني وأسلوب الكرات الهوائية والذي لا ينسجم مع ثقافة وأسلوب الرجاء إضافة لتغيير المراكز والإبقاء على اللاعب كوكو بدكة البدلاء و غيرها من القرارات التقنية الغريبة، كلها أمور تلخص الإقصاء من زاوية المباراة لكن من زاوية أخرى الإقصاء هو امتداد لإخفاقات سابقة، وهو تكريس لواقع التراجع قاريا للمنتخبات والأندية المغربية على حد سواء».

وطالب يومير بأن تكون المعاملة مع لاعبي البطولة مستقبلا بما يستحقونه بدل النفخ المبالغ في قدراتهم:

ADVERTISEMENTS

«النفخ المبالغ فيه في لاعبي البطولة أكد مرارا أنه غير صائب ولا يخدم مصلحتهم بالقدر الذي يساهم في انعكاس سلبي على مستواهم.

لقد حذرت مرارا من هذا المديح والإطرء لكون عقلية اللاعب المغربي ما تزال عاجزة عن استيعاب ما يحدث حولها، والخروج الكارثي للرجاء والجيش والماص دعوة لضرورة التسريع بتغيير نظرتنا للكرة الإفريقية».