هو هذا السؤال المفروض أن تطرحه الأندية الوطنية المقالة من الكؤوس الإفريقية على نفسها.
هل فعلا تخاف الغول الإفريقي الذي كان بالأمس القريب عاديا قبل أن يتصور عند البعض على أنه شبح مخيف بالكرة والطقوس السحرية مع أن من يؤمن بهذه الخرافات هو إنسان جاهل ؟
ولماذا تسقط الأندية الوطنية بما فيها الكبيرة الإسم والتاريخ والعالمية حتى في أبسط البدايات التمهيدية ؟ هل هو الإستصغار ؟ أم الخوف من الإصابات ؟ أم من النفقات المادية التي ترهق النادي دورا بعد آخر وتفوق حتى الجائزة الكبرى لكأس العصبة أو كأس «الكاف» ؟ أم عدم الإيمان بقدرة مواجهة الأفارقة الأكثر تطورا حتى بالاندية الصغيرة منها ؟ أم فوارق البنية الجسدية والقتالية التي يظهرها الإفريقي من القارة السمراء ؟
لماذا نخاف نحن من الأفارقة مع أن أندية تونس والجزائر ومصر وليبيا حاضرة جميعا في ذات الأحداث القارية كمتمرسين في حصد الألقاب وتجاوز كل العقبات بمشروع هادف وهوية صارمة في كل موسم يؤكد فعلا تقدم كرة القدم بشمال إفريقيا من صلب الأندية العربية المذكورة التي شكلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة قصب السبق في الألقاب المحصل عليها في عصبة الأبطال من طرف الترجي التونسي عام 2011 والأهلي لعامين متتاليين ؟ ولماذا ظلت أندية مصر وتونس ثانية فوق البوديومات القارية برغم الفوارق المالية للجوائز مقارنة بالمصاريف الباهضة ؟
المشكلة في أن الرجاء والجيش معا يشكلان صرخة مدوية في الإمكانيات المادية والبنيات التحتية مقارنة مع المغرب الفاسي المقصى تحت وطأة مشاكل تسييرية وتقنية ومالية، والصرخة ليس لها أي مبرر ما دام الهيكل البشري بعيدا عن المبارزة الإفريقية من البداية إلى نهاية الحدث، وما دام المدرب هو المسؤول عن هذا الشرخ الكبير لإقصاء محسوب أيضا على الكل في منظومة النادي. وعندما يقصى الجيش بإمكانياته المادية، يعني أنه لا يملك فريقاً للمواجهات الإفريقية، وعندما يقصى الرجاء وبالفوارق الـموجودة بينه وبين حوريا كوناكري، يعني أنه لا يملك ثقافة الأهلي وغيره في مقاومة الأسلوب الإفريقي، صحيح أن ثقافة اللاعب المغربي محدودة بل وضعيفة في الوقت الراهن، ولا يعرف ما معنى الإحتراف الذي يجسده عامة في الرقعة مع أن الإحتراف في فكر الأكثرية هو عقد ارتياح مادي في الراتب الشهري والمنح وليس التزام صارم في المردودية واحتراف له قواعد كبيرة في الإلتزامات بين النادي واللاعب وبين اللاعب والنادي أي أنه عقد تشاركي في العرض والطلب كما يقال في السوق التجارية أو عقد المساواة بين الراتب وقيمة المردودية. وهذا هو الذي يفقد اللاعب المغربي الهوية الكاملة داخل الرقعة التي يبدو فيها لاعبا عاديا مقارنة مع ما يأخذه ماديا. وهنا انقلبت الأشياء بين واقع الكرة المغربية التي كانت تصل إلى البوديومات رغم قلتها بنتف رواتب شهرية ومنح عابرة، لكن بأداء خرافي وقتالي، دون احتساب الكنز الذي لا يعرفه أحد هو أن الأندية الوطنية لم تعد تملك جيشا من النجوم داخل الفريق الواحد وهو ما يغيب عن الرجاء والجيش وغيرهما مطلقا. فهل تتذكر الرجاء أساطيلها الخرافية بقلة الإمكانيات السابقة مقارنة مع اليوم ؟
يقولون أيضا أن المنتخب المغربي لم يعد يقو على مواجهة الأفارقة من خلال الحصائل التاريخية التي أفسدت المسار خلال العشرية الأخيرة برغم أن المنتخب الوطني يعج بالمحترفين ، لكن ما من أحد يعرف أن هذا النوع من السلبيات غير مرتبط بالأندية الوطنية على الإطلاق رغم قلة المحليين جاوروا المنتخب في أكثر المواقف الحرجة، لكن النتيجة الحتمية تقول أن الجامعات الـمتعاقبة لا تعرف حقا ما معنى الإدارة التقنية في اختيار رجال المراحل وليس بالعبث الذي عشناه لسنين طويلة علمتنا أن تفوق المنتخبات العالمية هو نتيجة حتمية لتأسيس إدارة تقنية لها أناسها وليس لها لجنة خاصة كما هو مستهلك عندنا بخبث وبرعونة.
والمنتخب الوطني بوسعه قهر الأفارقة لو كان له ناخب بقوة المسؤولية والكاريزما وعدم الإنصياع للمتدخلين بالجامعة، والسيطرة على محيطه ودولييه وثقافته التي تؤسس نهج النجاح المثالي، وليس كل منتخبات العالم بها لاعبون محليون، بل لهم محترفون بجيش عرمرم وبناخبين حازمين وبلاعبين أكثر إحترافية من أنديتهم. لكن عندنا بالمغرب هيستيريا الفشل لأن الجامعات السابقة نامت على الوضاعة التقنية أصلا، والأندية أصلا فاشلة في إنتاج النجوم التي تخلق الفارق بنية وكرة وفرجة وصناعة.